close button

الجزائر تسحق العدالة بقانون يُحول القضاة إلى دمى في يد النظام العسكري

هبة بريس

في خطوة جديدة تعكس تعطش النظام العسكري الجزائري لإحكام قبضته على كل مفاصل الدولة، دفعت السلطة مشروع قانون الإجراءات الجزائية، الذي سيُجهز على ما تبقى من استقلالية القضاء إلى البرلمان، ويمنح النائب العام سلطات مطلقة تُحوّله إلى الحاكم الفعلي داخل أروقة العدالة، من التحقيق إلى إصدار الأحكام، في مشهد يُعيد الجزائر إلى عصور المحاكمات السياسية والتصفية القضائية للمخالفين.

الانقلاب القضائي

وزير العدل المعيّن، لطفي بوجمعة، خرج يوم 22 أبريل يروّج لهذا “الانقلاب القضائي” باعتباره تحديثًا للمنظومة، بينما الحقيقة أن المشروع ما هو إلا قفزة مرعبة نحو بناء عدالة خاضعة بالكامل لهوى السلطة التنفيذية. فالنائب العام – الذي يتحكم فيه النظام – سيصبح فوق القضاة، فوق الشرطة، وفوق القانون.

القانون الجديد يمنح هذا النائب صلاحيات شاملة: التحقيق، التوقيف، توجيه التهم، وإصدار الأحكام، ما يعني أن أي جزائري قد يجد نفسه بين القضبان بمجرد أن يغضب أحد رجال النظام. لا محكمة، لا قاضٍ مستقل، لا دفاع… فقط تعليمات من الأعلى تُنفّذ حرفيًا.

استغباء الشعب الجزائري

ولإضفاء طابع “الأخلاق الوطنية” على هذه المهزلة، زعم الوزير أن القانون سيُستخدم لاسترجاع الأموال المنهوبة، عبر عروض غريبة من نوع “العفو مقابل الدفع”، في استغباء مفضوح للشعب الذي لم يرَ دولارًا واحدًا من الـ30 مليارًا التي ادّعى الرئيس تبون أنها ستُسترجع من “العصابة”.

هذا المشروع الفاضح لا يضرب فقط استقلال القضاء، بل يُحوّل العدالة إلى عصا بيد السلطة تضرب بها كل معارض أو صوت حر. حتى القضاة أنفسهم، الذين يفترض أنهم حماة العدالة، صاروا مجرد موظفين تحت تهديد العزل أو الإقصاء إن لم يرضخوا لقوانين النظام القمعي الجديد.

انتهاء وهم الدولة

المفارقة أن هذا التشريع يُقدَّم تحت غطاء “الإصلاح”، بينما هو في حقيقته إعلان صريح بانتهاء وهم الدولة المؤسساتية، وتدشين مرحلة جديدة من دكتاتورية مغلفة بالقانون.

هكذا تواصل الجزائر، تحت حكم الجنرالات، زحفها البطيء نحو قبر الحريات، في وقت يقف فيه العالم متفرجًا على بلد يذبح العدالة باسم القانون.

مقالات ذات صلة

‫13 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى