close button

قطاع “الطاكسيات” بالمغرب.. إصلاحات جذرية تُنهي زمن الفوضى

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

يشهد قطاع سيارات الأجرة بالمغرب “الطاكسيات”، واحدة من أكبر الحملات التنظيمية في تاريخه، بعدما أعلنت وزارة الداخلية عن تعبئة وطنية شاملة لتقويم الاختلالات التي طالما أثقلت كاهل هذا القطاع الحيوي.

حملة غير مسبوقة استهدفت ضبط التجاوزات، سحب رخص الثقة، وتحرير آلاف المخالفات في مختلف ربوع المملكة، لتبعث برسالة واضحة مفادها أن ” زمن العشوائية انتهى”.

– قطاع يعيش على وقع الفوضى

طيلة السنوات الأخيرة، ظل قطاع الطاكسيات مرادفًا للارتجال وغياب الحكامة، شكاوى المواطنين لم تتوقف، من سوء معاملة بعض السائقين، إلى رفض النقل، وتطبيق تعريفة غير قانونية، فضلًا عن تهالك جزء كبير من الأسطول، كما ساهم تداخل الصلاحيات، وغياب المراقبة المستمرة، في تفاقم الظواهر السلبية التي أضعفت ثقة المواطنين في خدمات النقل العمومي.

في ظل هذا الوضع، ظل مطلب الإصلاح مطروحًا بإلحاح، سواء من قبل المجتمع المدني، أو حتى من داخل القطاع نفسه، حيث عبّر العديد من المهنيين عن رغبتهم في تنظيم المهنة ورفع مستوى التكوين، بما يضمن كرامة السائق وجودة الخدمة.

قطاع "الطاكسيات" بالمغرب
قطاع “الطاكسيات” بالمغرب

– تعبئة وطنية.. وسحب مئات الرخص

وزارة الداخلية، بتنسيق مع وزارة النقل واللوجستيك، دخلت على خط هذه الفوضى، من خلال خطة تنظيمية صارمة، تركز على تفعيل دور اللجان الإقليمية المختلطة التي تضم ممثلين عن السلطات المحلية، الأمن الوطني، والنقل الطرقي، هذه اللجان كثفت من حملاتها الميدانية، وأسفرت خلال سنتين عن سحب مئات رخص الثقة، وتحرير آلاف المخالفات ضد السائقين غير الملتزمين بالضوابط القانونية والمهنية.

ووفق معطيات رسمية، فإن العقوبات تراوحت بين الغرامات المالية، الحجز المؤقت للعربات، وسحب الرخص بشكل مؤقت أو دائم، حسب جسامة المخالفة. كما تم تعزيز آليات التبليغ عن المخالفات عبر المنصات الإلكترونية وشكايات المواطنين، ما أسهم في ضبط عدد من السلوكيات المخلة التي كانت تمر سابقًا دون رقيب.

– رخص بيومترية ومراقبة رقمية

وفي إطار تجويد منظومة قطاع سيارات الأجرة بصنفيها ” الكبير والصغير”، أعلنت الحكومة عن إطلاق رخص ثقة بيومترية جديدة، مرتبطة بنظام تنقيط إلكتروني، يتيح تتبع سجل السائقين بشكل لحظي. هذا النظام، الذي ينتظر تعميمه قريبًا، من شأنه تسهيل عملية مراقبة مدى التزام المهنيين بالقوانين، ورصد التجاوزات بشكل أوتوماتيكي، ما سيجعل الغش والمراوغة شبه مستحيلة.

– رهانات الإصلاح.. والاستعداد للاستحقاقات الكبرى

خلفت هذه الدينامية التنظيمية، تبرز إرادة سياسية واضحة لجعل قطاع الطاكسيات رافعة لخدمة صورة المغرب في أفق احتضان تظاهرات دولية كبرى، على رأسها كأس أمم إفريقيا 2025، وكأس العالم 2030.

ويُعد النقل الحضري أحد المؤشرات الكبرى على جودة البنية التحتية لأي بلد، ما يفرض إصلاحًا عميقًا يراعي متطلبات الزائر والسائح كما المواطن المغربي.

وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت شدد، في هذا السياق، على أن الهدف ليس فقط معاقبة المخالفين، بل خلق قطاع حديث ومنظم، قادر على مواكبة التحولات الاقتصادية والسياحية التي يعرفها المغرب.

– بين الطموح والتحديات

ورغم هذه الخطوات الهامة، يظل طريق الإصلاح محفوفًا بالتحديات، خاصة في ما يتعلق بإشراك المهنيين في صياغة القرارات، وتوفير التكوين المستمر للسائقين، وكذا تجديد الأسطول وتحسين الظروف الاجتماعية للمشتغلين في القطاع.

لكن، وبالنظر إلى الحزم الذي أبانت عنه السلطات، والدينامية المؤسساتية المرافقة، فإن قطاع الطاكسيات يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، قوامها المهنية، الشفافية، وخدمة المواطن أولًا وأخيرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى