بإسم الفيزا الإيطالية.. مافيات تتاجر في البشر

كارثة لا أدري هل يعلم بها القنصل العام الإيطالي بالبيضاء. مواعيد التأشيرة تباع بـ10ألف درهم (حوالي 987 يورو)، أي قانون هذا الذي أعطى لوكالات الوساطة هذا الحق،القصة جزء من جبل جليد، فقد تحوّل الحصول على موعد لتقديم طلب الحصول على تأشيرة قصيرة الأمد (شنغن) لإيطاليا مصدر معاناة لعدد من المغاربة، الذين أضحوا “ملزمين” بأداء مبالغ إضافية لسماسرة حتى يمكنوهم من موعد، وفق إفادات وشهادات عديدة. وبحسب رسائل توصل بها موقع هبة بريس يبعثها هؤلاء للراغبين في الحصول على موعد. هذا المبلغ ينضاف لمبالغ أخرى إلزامية، كرسوم تأشيرة شنغن المفروضة من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الرسوم التي تفرضها وكالات المناولة (شركات تملك حقّ الوساطة لتسهيل الخدمات القنصلية) في المغرب بخصوص هذه التأشيرات، ثم مبلغ التأمين الصحي.

“منذ حوالي شهر وأنا أدخل بشكل يومي لموقع بحثاً عن موعد في مكتب الشركة بالبيضاء دون جدوى. حتى علمت أن المواعيد الجديدة تظهر في منتصف الليل”، تقول سيدة مغربية (فضلت عدم الكشف عن هويتها) ترغب بالحصول على تأشيرة سياحية لإيطاليا، مضيفة في حديث لـ هبة بريس: “لكنني اكتشفت أن حتى هذه المواعيد الجديدة تكون محجوزة أو تُحجز من الأصل! أظن أن هناك تلاعبا أو هناك برنامج رقمي يحجز المواعيد بشكل أوتوماتيكي”. فيما تتولى القنصلية الإيطالية بالبيضاء مباشرة معالجة ملفات التأشيرات (سواء للعمل أو الدراسة أو للتجمع العائلي) تتيح القنصلية لشركات المناولة معالجة ملفات التأشيرات القصيرة الأمد المطلوبة غالباَ بغرض السياحة، وأحياناً حتى بعض أنواع التأشيرات . الحصول على تأشيرة من قنصلية إيطاليا من المغرب بات أمراً غاية في التعقيد: حصول المغاربة على التأشيرة لدخول إيطاليا بات صعبا رغم أن البلدين تربطهما علاقات صداقة. الأشهر بين شركات المناولة وهي المعتمدة لدى عدد من القنصليات الأجنبية في المغرب كألمانيا وفرنسا وإيطاليا لمعالجة ملفات طلبات التأشيرة، وهي أكثر شركة يتم إعادة بيع مواعيدها من طرف السماسرة، بحسب إفادات وشهادات. تدّعي شركة المناولة على موقعها الإلكتروني أنه يجب عدم الوثوق بالوسطاء الذين يطلبون مقابلاً لأجل منح المواعيد، وتطلب من جميع الراغبين في الحصول على التأشيرة حجزها حصراً على الموقع الرسمي للشركة، مؤكدة أن الأمر يتعلق بـ”ممارسة احتيالية تدينها الشركة بشدة”، وأن أيّ متضرر يمكنه إشعار الوكالة التي تتبنى “صفر تسامح تجاه هذه الممارسات”.

لكن على الواقع الأمر مختلف تماماً. في مجموعات التواصل الاجتماعي الخاصة بالأسفار، توجد أمثلة متكررة عن شهادات مغاربة راغبين بالسفر يتحدثون عن وجود سماسرة يبيعون المواعيد، بما أن إيجاد موعد شاغر غير ممكن البتة. عملية السمسرة تبدأ من قيام الوسطاء بحجز جلّ المواعيد حالما تظهر على الموقع، إذ يكونون على علم مسبق بموعد طرح هذه المواعيد للعموم، ويقومون ببيعها للراغبين في السفر. يمكننا أن نحجز لك الموعد. أرسل لي نسخة من جواز السفر، ودفعاً مسبقاً بقيمة 500 درهم مغربي (45 يورو) ونحن مَن نقوم بالحجز، وما عليك سوى أن تقوم بتأكيد الموعد الذي يصلك عبر أداء رسوم الخدمة التي تطلبها شركة . وحين يتم إشعارك منها أن الموعد مؤكد رسمياً، تُكمل لنا نحن ما تبقى من مبلغ الوساطة” يقول أحد السماسرة في واحدة من رسائل واتساب التي اطلعت عليها هبة بريس، كان قد بعث بها لراغب في السفر إلى إيطاليا. ورغم أن هذا الخلل موجود منذ مدة كبيرة إلّا أن نسبة قليلة من السفارات الأوروبية أعلنت عن تدخلها لوقف الثغرة التي تبِيض ذهباً للسماسرة. كما احتج العشرات من المواطنين المغاربة، أمام قنصلية إيطاليا بالدار البيضاء، على تأخر منح مواعيد الحصول على التأشيرة.
وسادت حالة من الغليان في صفوف المغاربة الراغبين في الحصول على الـتأشيرة بسبب فسخ القنصلية عقد تدبير منح المواعيد مع الشركة التي كانت مكلفة بهاته العملية، وهو ما دفعهم لتنظيم وقفة اجتجاجية أمام قنصلية إيطاليا بالدار البيضاء. وللإشارة فإن والجي قنصلية إيطاليا بالدار البيضاء للحصول على التأشيرة فوجئوا بعدم وجود محاور يكشف تفاصيل ما يقع من مشاكل متعلقة بمنح مواعيد للحصول على التأشيرة، كما كان معمولا به في السابق، وقد طالب المحتجون بتقنين طلبات المواعيد . على ضوء كل هذه الممارسات التي يعرفها القاصي والداني اصبح ملزما على وزارة الخارجية الإيطالية أن تعيد النظر في طبيعة هذه الإختلالات ومصدرها ، وبالتالي تسارع في تقويم الإعوجاجات التي تسيء لجمهورية إيطاليا في الخارج وتضرب مصداقية ديمقراطيتها عرض الحائط ، وهي التي لا تسمح بمثل هذا التسيب على أراضيها ، كما نستغل الفرصة أيضا لتوجيه رسالة إلى الإعلام الإيطالي الذي تراه يهرول نحو بعض الهفوات لأبناء الجالية على أراضيه ولو أنها لا ترقى بتاتا إلى ما هو الحال عليه في القنصليات الإيطالية ، فلا مكان للإزدواجية في هذا الموضوع وسياسة حلال في المغرب وحرام في إيطاليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى