هل المواطنة تعتبر واجب إنتساب أم حق إنتفاع !!!
يسير الإيحيائي _ هبة بريس
لا شك ان المتابع لقضية السياح المغاربة العالقين ببرشلونة وغيرها يصطدم بوقائع وأحداث انقلبت فيها الموازين رأسا على عقب وأفرزت واقعا جديدا إستحال معه إبراز الصورة الإيجابية الحقيقية لعدد من البعثات القنصلية التي ضحت بكل شيئ مقابل خدمة هذه الفئة من المغاربة الذين ظلوا عالقين لأزيد من ثلاثة أشهر.
وكشفت التحقيقات التي انجزناها خلال مدة الازمة والتي أبانت فيها مصالح القنصليات المغربية ب “كاتالونيا” عن علو كعب وكفاءة عالية و قدرة مثالية على مواجهة الازمة، إذ إحتوت بواسطة إمكانياتها المتواضعة وأطقمها البشرية المبدعة جميع المواطنين الذين كانوا في محنة و لم تمتد لهم يد ولا حتى خيط رفيع من الامل أو الدعم المعنوي ليس إلا من اية جهة كانت…
فالمتتبع لهذا الملف سيدرك ان كل الجهود والمبادرات إنقلبت بسرعة البرق الى إنتقاذات و سلوكيات عدائية و تبخيسية بعد نجاح عملية الترحيل وأصبح الصغار و الشباب قبل الكبار و العجزة و المرضى يصعدون من لغة الخطاب و من سقف المطالبة بالترحيل فورا و مجانا و بالحجر الصحي في الفنادق و الفحوص الطبية و الكل ب شعار صفر درهم …..
ومن أمام القنصلية ببرشلونة استقينا الأخبار بأن المجموعة لم تعد تكتفي بمخاطبة القنصل العام لأنه يردد نفس الجواب ولا سلطة له في تخصيص طائرة أخرى للترحيل ولا حجز فنادق إلى ما هنالك من الإمتيازات التي خصصتها المملكة لتقليص عدد العالقين او على الأقل مواكبة ظروفهم الإقتصادية والصحية طيلة فترة الأزمة.
والغريب في الأمر ان هؤلاء العالقين أصبحت لهم تنسيقية تتحرك بالسيارات – غير السياحية- مسجلة في إسبانيا و لها مجموعة واتساب و ووسائل الطباعة والاتصال بل ومخاطب رسمي يقوم بالاجراءات الادارية و القانونية لتنظيم الوقفات الاحتجاجية امام القنصلية العامة كل يوم ، أهكذا يجازى كل من أحسن صنيعا وكرس وقته الكامل للإهتمام بالعالقين على جميع المستويات؟؟، ليس دفاعا عن قنصلية “برشلونة” او غيرها من القنصليات الأخرى التي أدارت المرحلة بإخلاص وتفان ومعنويات عالية رغم الضربات التي تلقتها من هنا وهناك بهدف الإحباط، لكن ذلك لم يثنيها عن القيام بواجبها تجاه فئة المغاربة العالقين في كل الدوائر القنصلية ومواكبة أوضاعهم المعيشية والصحية دون أن يطلبوا جزاء ولا شكورا إيمانا منهم بأن تلك الخدمات تدخل في صميم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم باعتبارها أولوية قصوى سبق للمغرب أن عبر عنها في كل التصريحات.
كيف يتساءل احد المتابعين العالقين يطالب بعض العالقين بالمساعدة لتلقي العلاج و لا يجد مساعدة الا من القنصلية بينما هناك مواطنون يعرفون الاجراءات كلها و يكتفون فقط بإنجازات من قبيل اللجوء الى الادارة الاسبانية ومقرات البلدية وأقسام الشرطة لطلب المساعدة في تنظيم الإحتجاجات وإظهار البعثة القنصلية وكأنها صورة طبق الأصل لأصحاب الكهف، ثم لا يجشمون انفسهم عناء تقديم المعلومات حول مصالح التطبيب و خدمات الصحة، انهم اختصوا فقط في طرق جلد سمعة الوطن و ايذاء مصالحه الاولى و العليا.. و بلا مقابل … .
مصدر اخر من التنسيقية، كشف ان الصحافة الإسبانية تم تجنيدها و مدها بالصور و الفيديوهات، وقد عايننا فريق التلفزة يصور الإنجاز الكبير للعالقين و تبجحهم بفضح السلطات المغربية و فشل الدولة في تدبير الازمة بتقديمهم كبش فداء لكورونا،لا بل هناك من الأشخاص الذين لا علاقة له بالعالقين تولى خلية التواصل مع الإعلام ومد الصحفيين بالصور والبيانات،ما يحيلنا إلى التساؤل حول الأهداف المعلنة وغير المعلنة من هذه الهجمة المقيتة ضد القنصلية العامة ل”برشلونة”.
إزاء هذا الوضع ، ظل موقف القنصلية متزنا و رفض القنصل العام الإذلاء بأي تصريح قائلا بان عدد العالقين لا يقتصر على عدة عشرات بل على أكثر من ذلك بكثير ، ومن خلال تحليل المواقف المتجددة يتبادر الى الذهن أكثر من سوْال حول المواقف الجديدة و رهان الانتماء و التضحية من اجل الوطن…
هل ثمن الرجوع هو …اي ثمن ؟؟
هل الوطنية هي حق انتفاع فقط ؟؟
هل اصبح العلم المغربي و الشعار الوطني عملة الابتزاز من اجل اهداف محددة ؟
و الاخطر و الادهى هو ركوب الشباب العالقين على موجة الاحتجاج والتبخيس بينما يوجد عدد كبير من النساء و الشيوخ في الهامش.
فالصور تعبر عن كل شىء ونحمد الله ان أجيالا كثيرة حمت الوطن و قاتلت من اجله وحررته واسترجعت أجزاء منه ولم تقايض ولم تساوم ولم تبتز يوما من الأيام.
فالرجوع الى الوطن حق مشروع يقابله وضع في غاية الصعوبة والألم و لكن …. هناك خطوط حمراء و مساحات للتعبير من دون تجريح و لا تنكيل…من دون تهديد بالتخلي عن الجنسية المغربية و بطلب اللجوء، أو كما قالت احدى الفاعلات الجمعويات التي برزت فجاة برفع دعوى امام الاتحاد الاوروبي لبروكسيل لان الجريمة وفق منظورها من اختصاص اوروبا.
فكفانا عبثا وإضرارا بسمعة الوطن …