كواليس عملية ترحيل عالقي “كاتالونيا” والإعتبارات المعتمدة حسب الحالات والأولويات

يسير الإيحيائي _ هبة بريس _

إرتباطا بالإشاعات التي تم ترويجها بخصوص الخروقات التي يدعي البعض أنها شابت عملية ترحيل السياح المغاربة العالقين بمنطقة “كتالونيا” ، قمنا بالاتصال بعدة جهات ذات صلة بقصد التحقق من هذه الأخبار وعلى رأسها فعاليات جمعوية وبعض الأفراد العالقين ومصادر قنصلية لم تفصح عن هويتها. حيث كان مفاد التصريحات والتصريحات المضادة أن عدد العالقين بمنطقة “برشلونة “والضواحي الذين تم تسجيلهم لدى المصالح القنصلية قد قارب سبعمائة شخص أسرا وأفرادا. وإذا كان معظم السياح المغاربة الذين يختارون إسبانيا وجهة لهم يستقرون لدى عائلاتهم أو معارفهم فإن عددا لا بأس به فضل المكوث في الفنادق لاسيما فئة الشباب التي تأتي لقضاء فترة سياحية قصيرة مستفيذة من عروض الفنادق والرحلات المنخفضة التكلفة.
لقد شكل اغلاق الحدود المغربية الإسبانية وضعا مفاجئا للسياح المغاربة الذين لم يلبثوا أن توجهوا إلى القنصلية التي شكلت ملاذهم الوحيد للاستفسار وطلب المشورة. فقد حرصت القنصليةعلى وضع قنوات تواصل دائمة مع المغاربة العالقين عبر تشكيل مجموعات “واتساب ” يسيرها أفراد من طاقمها القنصلي لمواكبة السياح المغاربة ووضع أرقام هاتف للطوارئ، كما تحملت عددا كبيرا من السياح الذين وجدوا أنفسهم دون مأوى ودون موارد مالية كافية، حيث عملت على إيوائهم في فنادق ثم في شقق فندقية بعد أن قررت السلطات الإسبانية إغلاق الفنادق في إطار حالة الطوارئ التي أُعلن عنها آنذاك، مع تزويدهم أسبوعيا بالمؤونة الغذائية الكافية وبالأدوية ومستلزمات الأطفال الرضع.
وفي هذا الصدد أكد بعض السياح العالقين ببرشلونة وضواحيها أنه بعد انطلاق عملية ترحيل السياح المغاربة عبر العالم إلى وطنهم الأم استبشروا خيرا لاسيما في ظل التواصل المستمر للطواقم القنصلية معهم ، وتصنيفهم حسب الحالات الصحية والمرضية والفئات العمرية والوضعية الاجتماعية والأسرية. ففي البداية، جرى الحديث عن تخصيص ثلاث رحلات للإجلاء، حيث اتصل موظفو القنصلية بهم للتأكد من تواجدهم ببرشلونة وضواحيها والاستفسار عن رغبتهم في الاستفادة من عملية الترحيل، إلا أنه تبين بعد ذلك أن الرحلة الثالثة تم توجيهها لفائدة السياح المغاربة العالقين بكل من “طراغونة” و”خيرونا” .
شهادات السياح الذين لم يستفيدوا من عملية الترحيل أكدو للموقع أن أبواب القنصلية ظلت مفتوحة في وجههم،إذ استقبل القنصل العام ببرشلونة بشكل دوري ممثلين عنهم في اجتماعات متتالية ومطولة ليشرح لهم ظروف انتقاء المرحلين، كما أكد لهم أن عملية الترحيل كانت ذات صبغة إنسانية واستعجالية صرفة اقتصرت بالأساس على الفئات العمرية المتقدمة والحالات المرضية المستعصية، والنساء الحوامل، والقاصرين، بالإضافة إلى الأفراد والأسر التي لا معيل لها والتي تكفلت بها القنصلية بتعليمات من الوزارة من حيث الايواء والتغذية والدواء، وأن الهدف منها كان كالآتي :
_ انقاذ ومساعدة الحالات الإنسانية المذكورة.
_ترشيد النفقات العمومية وتجنيب الميزانية من النزيف المستمر بسبب تحمل نفقات السياح العالقين الذين لا معيل لهم، مع العلم أن تكلفة الإيواء والتغذية والتطبيب تضاهي اضعاف الأضعاف نفس وجوه الانفاق بالمملكة.
كما أفاد القنصل العام أن القنصلية عرفت خلال الأسابيع الماضية طلبا متزايدا على خدماتها التي ستتضاعف اكثر في ظل انطلاق العمل الإداري بإقليم “كتالونيا ” بعد شهور من التوقف والجمود، وهو الأمر الذي تحتاج فيه هذه القنصلية إلى كافة طاقاتها البشرية، والتي كان يتم تسخيرها في عملية التكفل بالأسر والأفراد العالقين لتدبير شؤون سكنهم وتزويدهم بمختلف حاجياتهم وأدويتهم ليلا ونهارا مع استعمال وسائلها الإدارية وامكانياتها بمقاييس جد مرهقة للميزانية وللأطر والأعوان.

ومن جهة أخرى شدد القنصل العام على أن عملية الترحيل التي تم تنظيمها تستجيب لأعلى معايير الحكامة والترشيد وتلبي في عمقها وطريقة تنفيذها اسمى معاني الإنسانية وأنبل مضامين التضامن والتآزر الوطني تطبيقا لأنها تأتي بالدرجة الأولى تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة ونظرته الحصيفة التي ابهرت دولا ومنظمات وجهات كثيرة أشادت كلها باستباقيتها وفعاليتها الحاسمة بحماية الوطن بكامله والمواطنين جميعهم.

وأعرب عدد من السياح العالقين عن امتنانهم لسياسة الباب المفتوح التي تنتهجها القنصلية وعن مبدأي التضامن والشفافية اللذان طبعا جميع تحركاتها بخصوص ملف العالقين منذ بدايته. كما عبروا عن رغبتهم الملحة في الاستفادة من المرحلة الثانية من الترحيل في أقرب الآجال الممكنة، لوضع حد لمعاناتهم النفسية ولم شملهم بأسرهم التي طال غيابهم عنها.

وبالنظر لما سلف، فلا يسعنا إلا أن نستنكر المشاهد والأخبار المنتقاة بأشكال مبيتة بخصوص قضية السياح المغاربة العالقين بمنطقة “برشلونة” وضواحيها والرامية إلى تبخيس الجهود التي بذلها هذا المركز القنصلي، والتي اظهرت بشكل جلي مدى انخراط موظفيه و أعوانه في عمليات انجاد و إغاثة تنم عن حس وطني وتضامن حقيقي.

إن المقاطع المذكورة التي ينشرها بعض تجار اليوتيوب تعتقد خاطئة أن وجه العمل القنصلي الذي رفع عاليا مستوى ادائه لخدمة الوطن والمواطنين سيستسلم لمطالب اقرب إلى الابتزاز والمساومة منها إلى الحقوق.

لذا وجب لفت الانتباه إلى أن الركوب على قضية السياح المغاربة العالقين من قبل بعض مفتعلي الأزمات وتجار اليوتيوب البائسين هو محاولة ربح فاشلة لا غير لأن الحيلة لن تنطلي على المواطنين المغاربة المشهود لهم بالفطنة والذكاء. وإذا كان احد ما قد نصب نفسه محاميا لهذه القضية بتصويره مقاطع ومشاهد لا تنتقص إلا من وطنيته ولا تفضح إلا أنانيته وانتهازيته، فجدير به أن يجيب على التساؤل التالي: أين كان حينما كانت الجائحة تعصف بالأرواح، وكانت وحدها سيارات القنصلية وفرقها تجوب الشوارع والطرقات لتزويد المواطنين العالقين المتكلف بهم بمؤونتهم. و بمستلزمات الرضع و الصبيان و بادوية و كشوفات المرضى؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى