بعد سكوت “بوليف” …تذاكر البواخر تلتهب في ميناء الجزيرة الخضراء
يسير الإيحيائي _ هبة بريس _
يبدو أن حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة الحالية لم يفلح في في إيجاد أي حل للأزمات التي يتخبط فيها المغاربة سواء داخل أرض الوطن أو خارجه، وليس معنيا بتاتا بمعاناة الملايين ولا الآلاف من أبناء الجالية المغربية المقيمة بديار المهجر والتي صنفها الحزب سياسيا ب”الجهة 13″ وتغنى بأهميتها في إنعاش الإقتصاد الوطني على مدى سنين طويلة، وما ذلك في حقيقة الأمر سوى غيض من فيض لسيناريو أعده المسمى “بنكيران” إبان إحتجاجات “حركة 20 فبراير” التي أفرزت نتائجها فوز “الإسلاميين” أو ما أصبح يسمى في الوقت الراهن ب” حزب الذئاب الملتحية” بسبب المكر والخداع الممارس على أزيد من 30 مليون مغربي منذ ما يقارب 10 سنوات .
من هذا المنطلق ولتبيان بعض الوقائع والأحداث السياسية التي عرفها المغرب في هذه الفترة لا بد من الرجوع إلى الوراء وإستحضار المهزلة التي رافقت تشكيل الحكومة بعد مخاض عسير قدم خلاله الحزب المتأسلم تنازلات كبيرة لإرضاء نزوته المتمثلة في هوس الكراسي والمناصب، فلو كان للحزب المعني ذرة من الحياء ما كان ليقبل بتلك الإملاءات وهو الذي لا يفوت أية فرصة أمام مناصريه للتبجح ب”ثقة حظي بها من طرف السواد الأعظم من الناخين”، وذاك ليس بالتحليل السليم إذا ما قارنناه بنسبة المشاركة الضئيلة والخروقات التي قام بها الحزب في حملته الإنتخابية والتي وصلت إلى درجة إستغلال معدات وتجهيزات جماعة تطوان خلال مهرجان خطابي ألقاه عراب الحزب آنذاك وصاحب رياضة الأصابع التي لا تجيد سوى إستعمال عقد التسبيح عوض البصم عن الإنجازات أو الحفاظ على المكتسبات كحد أدنى ، فكل المؤشرات تؤكد أن الحريات العامة تراجعت في عهد هذا الحزب، وإزداد الفقير فقرا والغني غنى، ناهيك عن عجز الميزانية وإثقال كاهل المغاربة بالقروض.
فما الفرق بين الأمس واليوم في ظل حكومة العدالة والتنمية؟ ألم يراهن في حملته الإنتخابية سنة 2011 عن محاربة الفساد والريع؟ ألم تكن ورقته الإنتخابية مجرد أقراص هلوسة لا يطول مفعولها سوى بضع ساعات لتستأنف الذاكرة بعدها نشاطها الطبيعي المعهود وتستفيق على حجم مأساة لم يشهد المغرب لها مثيلا منذ الإستقلال؟ أليس من حق هذا الشعب العظيم ان يلبس أقمصة كتب خلفها “حزب العدالة والتنمية لا يمثلني”؟.
فضيحة هذا الحزب وسكوته المخزي في عديد القضايا التي تهم المغاربة لم يعد مقتصرا على مغاربة الداخل بل تعداه إلى أوسع نطاق ليشمل مغاربة المهجر ومعاناتهم مع شركات النقل البحري بين الجزيرة الخضراء وميناء طنجة،تلك الشركات التي باتت مقتنعة تماما بأن “السيهم بوليف” الذي لا زال “مصدوما من إقصاء المنتخب الوطني من كأس أمم إفريقيا “،إذ كان يومها قد عبر خلال تدوينة فايسبوكية عن إمتعاضه وأسفه من أداء النخبة الوطنية ، قبل أن يختمها بجملة “خليونا ساكتين” وكأنه ملاك منزل أو ولي من أولياء الله،( مقتنعة بأن السيهم بوليف) “ما فيدوش” وما هو سوى مجرد رقم غير فاعل داخل المحكومة التي يرأسها طبيب نفساني تخلى عن مبادئ حزبه وقيمه بعدما أدار ظهره لولي نعمته داخل الحزب “بنكيران” لأجل منصب زائل لا محالة في الإستحقاقات المقبلة، ثم أن هذه الفضائح والخيانة بين الإخوان لأجل الكراسي لا تعتبر الأولى من نوعها داخل حزب العدالة والتنمية بل تكررت عدة مرات وتجاوزت علاقتهم ببعضهم إلى فضائح أخلاقية ك” الكوبل الحكومي” و” الحجاب المهني لماء العينين” و”مناجزة يتيم ” ( أقصد بالمناجزة مقتضى يدا بيد وهما يستمتعان بالتجوال في باريس ليلا).
خلاصة القول لمن أراد ان يستفيق من سباته ويبطل سحر الإتجار بالدين وجب عليه الرجوع إلى الوراء محاولا تقييم ما كانت عليه الأوضاع قبل مجيء هذا الحزب ، وما آلت إليه أوضاعنا اليوم من تراجع خطير على كل الأصعدة ، إذ يبقى المستفيذ الأول والأخير هو حزب العدالة والتنمية الذي أثبتث سلوكاته أنه غارق حتى أخمس قدميه في الفضائح ودائما باسم الدين والتقوى مع إضافة بعض التوابل من قبيل “ما شاء الله” و”لا حول ولا قوة إلا بالله” لإستماتة قلة من الناخبين ذوي المرجعية المماثلة.
فمن راهن على العدالة والتنمية فكأنما يراهن على حصان خاسر، ومن راهن على “بوليف” لمعالجة أزمة لهيب البواخر فليعد من حيث أتى ولا داعي ان يستهلك طاقته عبر نداءات يستجيب لها الحجر ويتجاهلها البشر