“طوريخون دي أردوز” : أين أموال المسلمين التي جمعت في الرخاء وخذلتهم في الشدة والوباء؟
يسير الإيحيائي _ هبة بريس
في الوقت الذي يتطلب من الجميع إبراز تضامنه وتآزره في محنة الطوارئ والحجر الصحي اللذان فرضتهما الحكومة الإسبانية منذ زهاء ثلاثة أسابيع،فضلت بعض الجمعيات التي تسمي نفسها “إسلامية” إلتزام جحورها غير آبهة بمعاناة المئات من الأسر المغربية التي كانت بالأمس القريب مصدرا مهما لجمع التبرعات قصد بناء مسجد طال إنتظاره ووضعت حوله علامات إستفهام كثيرة لم تتم الإجابة عنها لحدود اليوم.
وما يزيد من التساؤلات في هذا الجانب هو أين يتجلى دور الجمعيات الأسلامية التي نصبت صناديقها في كافة زوايا المسجد وجمعت طوال سنين مضت مبالغ مالية ضخمة من ساكنة بلدة “طوريخون دي أردوز” ولا زالت إلى يومنا هذا تفرض ما يشبه “الجزية” على أصحاب المجازر الإسلامية والمحلات التجارية التي تعود ملكيتها للمهاجرين المغاربة بدعوى (قال الله وقال الرسول ) متحججين في ذلك بكم هائل من الأحاديث الصحيحة مثل “من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة” ، فكم هو جميل أن نساهم كمسلمين في بناء بيوت الله في بلد يدين بغير الإسلام ونتوفر على فضاءات قانونية لإقامة الصلوات الخمس لما فيها من أجر مضاعف درجات، وما أجمل أن نلقن أبنائنا أبجديات اللغة العربية ولو كانت بمقابل مادي لا يقل عن 100 أورو للتلميذ مع تخفيض طفيف إن زاد العدد بالنسبة لكل عائلة ، وما أجمل أن نفرض على الآباء كذلك تكاليف إضافية مقابل الكتب المدرسية التي تنقل من المغرب إلى إسبانيا بربح مادي غير معقول ، كل هذا يهون في سبيل الدين والعلم والمعرفة ولو في ظل الأوضاع الإقتصادية الخانقة التي تمر بها جاليتنا في إسبانيا.
لكن من غير المنطقي أن تتوارى تلك الجمعيات عن الأنظار في وقت عصيب يستوجب دعما ماديا ومعنويا بسبب هذا البلاء وهي التي نصبت نفسها وصيا شرعيا عن المسلمين في “طوريخون دي أردوز ” وبعض البلدات المحيطة بها، تلك حقيقة مطلقة يجب أن يعيها المهاجرون المغاربة ويسجلها التاريخ بأسطر من مادة القطران العلقم علها تكون بمثابة ناقوس ينبه إلى معدن وماهية بعض أولائك الذين إتخذوا من الدين مطية للكسب والإسترزاق.
إن إسبانيا اليوم ومعها المهاجرون المسلمون باتوا أكثر من ذي قبل في أمس الحاجة إلى المبالغ المالية المودعة في البنوك لشراء الكمامات الطبية وتوزيعها على الجميع إسبانا كانوا أو مسلمين ” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا “وبتوفير المواد الغذائية للعائلات المتضررة من حالة الطوارئ، فذاك هو الإسلام وتلك هي الوطنية الصادقة بغض النظر عن الإنتماء، أما أسطوانة جمع التبرعات للمسجد فلم تعد تنطلي على أحد خاصة في “طوريخون دي أردوز” التي تتوفر على ثلاث مساجد والحمد لله.
ولكي لا نضع الجميع في سلة واحدة هناك جمعيات إسلامية تبرعت بمبالغ مالية مهمة لفائدة البلديات أو تكفلت بالدعم المادي للأسر الهشة فضلا عن إلتفاتات خيرية طالت مهاجرين مقيمين بطريقة غير قانونية في إسبانيا ، فيما فضلت جمعيات إسلامية أخرى الركون إلى الزاوية في إنتظار مرور زوبعة “كورونا” كي تخرج من جحرها مجددا تتوسل بعض الأوروهات من جيوب المحسنين.
فمن الغباوة بما كان ان نفوت هذه الفرصة لإعطاء المجتمع الإسباني الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين، فلو علمت الكنوز الدفينة في بطن الأرض ما يجري على السطح لسارعت إلى الخارج معلنة دعمها اللامشروط في سبيل إنقاذ البشرية.