إستمرار وفاة المغاربة في المخافر الإسبانية والخارجية لا تحرك ساكنا
يبدو أن “بوريطة” منذ أن كان كاتبا عاما في الخارجية أقسم بأغلظ الأيمان ألا يتورط في إتهام أي كان تحوم الشكوك حوله في وفاة عدد من المهاجرين المغاربة داخل مخافر الشرطة الإسبانية ، واكتفى بالظهور على وسائل الإعلام وهو يشارك في تدشين قنصليات بعض الدول الإفريقية داخل المغرب متناسيا مسؤولياته الجسيمة في الدفاع عن المهاجرين المغاربة في العالم أو على الأقل المطالبة بفتح تحقيق نزيه في وفاة شاب مغربي لقي حتفه داخل مخفر للشرطة في مدينة “الجزيرة الخضراء ” أول أمس الخميس تمهيدا لترحيله إلى الوطن.
وحسب المعطيات الحصرية التي حصلت عليها “هبة بريس”فإن الضحية يبلغ من العمر (24 سنة)مسجل بقنصلية “ألميرية”،حاصل على إجازة في العلوم الإقتصادية ،هاجر إلى الضفة الأخرى إنطلاقا من منطقة “مولاي بوسلهام” منذ ستة أشهر بحثا عن حياة أفضل ، غير أن الأقدار شاءت أن يعود جثة هامدة إلى مسقط رأسه حيث تنتظره عائلة مكلومة لم تستوعب بعد هول خبر وفاته داخل مخفر للشرطة.
وتعود تفاصيل هذه الواقعة إلى يوم الخميس الماضي بعدما إعتقلته الشرطة الوطنية في مدينة “مالقا” كونه يقيم بطريقة غير قانونية فوق التراب الإسباني ،وأنجزت في حقه مسطرة الترحيل طبقا للقوانين الجاري بها العمل في الجارة الشمالية ، وبعد الإنتهاء إقتادته دورية إلى مدينة “الجزيرة الخضراء” حيث أكبر مركز لتجميع أفواج المهاجرين غير النظاميين وترحيلهم إلى المغرب على متن رحلات بحرية ومن تم تسليمهم للسلطات المغربية.
لكن الغريب في الأمر أن الشاب المتوفى لفظ أنفاسه الأخيرة داخل هذا المركز السيء السمعة شأنه شأن باقي المراكز المنتشرة على التراب الإسباني التي لا يمكن أن تتعدى فيها مسطرة الترحيل أكثر من أربعين يوما، وهذه ليست بالواقعة الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل الصمت المخزي الذي تنهجه وزارة الخارجية المغربية في مثل هذه الحالات، فقد سبق لعدد من المهاجرين المغاربة أن هلكوا ودفنت معهم أسرار لا يعلمها إلا الله وجلادوهم في غياب توضيحات رسمية يمكنها أن تحدد سبب الوفاة إن كانت طبيعية أو نتيجة إعتداءات جسدية طالتهم من طرف أشخاص مفترضين.
فقد نتصور أن مواطنا إسبانيا لقي حتفه في مخفر للشرطة المغربية بغض النظر عن الأسباب، كيف سيكون الوضع؟،بكل بساطة سيأتي وزير خارجيتهم إلى الرباط وسيعقد إجتماعات مع نظيره المغربي، وسيطالبون بإجراء تشريح طبي يشارك فيه طاقم إسباني متخصص، وسيستدعى سفيرنا في مدريد إلى مقر وزارة الخارجية… ستقوم الدنيا ولن تقعد حتى وإن كانت الوفاة طبيعية، أما إن تبث العكس فبشرهم بأزمة ديبلوماسية قد تصل إلى قطع العلاقات وتخفيض التمثيلية الديبلوماسية من سفير إلى درجة قائم بالأعمال، فتلك هي مواقف الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها.
ونحن الآن أمام أزمة حقيقية ورواية مضحكة إدعت فيها السلطات الإسبانية أن وفاة الشاب المغربي نتجت عن إنتحار بخيوط “الكاشة” ليلة الخميس على الساعة 23:10،لا يسعنا إلا أن نطالب “بوريطة” بتعجيل إيفاد لجنة طبية مغربية للمشاركة في تشريح الجثة،والتنسيق مع الطب الشرعي الإسباني في مثل هذه الحالات عوض الإقتصار على التنسيق الأمني.
تجدر الإشارة ان حالات وفاة المغاربة داخل مخافر الشرطة الإسبانية تعرف تزايدا ملحوظا في وقت لم تسجل فيه ولو حالة واحدة لمواطن إسباني، اما الأحكام القضائية فدائما ما تعزز الرواية الأمنية بأنها كانت نتيجة إنتحار، فكيف يكون الخصم هو الحكم يا سيدي الوزير؟.