هل يجرؤ خطباء المساجد على الحديث في موازين قبل انطلاقته؟
هبة بريس – الدار البيضاء
يقولون بأن خطباء المساجد هم صوت الشعب و منبره الذي تناقش فيه كل قضايا الوطن و المواطنين ، و أن خطب الجمعة توجه من خلالها الفتاوى و الإرشادات و النصائح و تقوم عبرها الإعوجاجات و الاختلالات، لدرجة أنه في عهد سيد الخلق و من تبعه من الصحابة أجمعين و خير السلف الصالحين كانت منابر الجمعة مصدرا للمعلومة و مقصدا للخبر اليقين و سراجا منيرا يفصل بين الخطأ و الحق.
اليوم و نحن نعيش في ظل عصر العولمة و التكنولوجيا الحديثة ، ما يزال العديد من خطباء الجمعة ببلادنا مقيدين بتوصيات و تعليمات تأتيهم من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية ، لدرجة أن عددا كبيرا منهم و عوض أن يفتي في أمور الشعب و يناقش قضاياه الراهنة في منابر المساجد تجده يقرأ و يتلو ما توصل به عبر “الفاكس” من خطب يستعصي أحيانا على مثقفي و نخبة الوطن أن تفهم مضمونها فما بالكم بعامة الشعب من بسطاء الوطن.
هذا التقديم مناسبته قرب مهرجان موازين ، هذا الحدث الذي يبدو أنه هاته السنة لن يمر مرور الكرام كسابق دوراته بعد أن اختار عدد كبير من المغاربة و بشكل حضاري ينم عن وعي مجتمعي غير مسبوق مقاطعة فقراته عبر هاشتاغ انتشر بشكل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “خليه يغني بوحدو”.
و بما أن المناسبة شرط كما يقولون ، فمن البديهي بعدما أصبح موضوع مقاطعة موازين حديث العامة من الشعب المغربي فلا بد أن يحظى هذا الموضوع و يستاثر بأهمية و لو دنيا من وعظ و خطب الأئمة ببلادنا ، فهل سيجرؤ أحد منهم على ذلك بمنابر مساجدنا خلال ما تبقى من صلوات الجمعة التي تسبق انطلاقة “موازين”؟
قد يبدو الأمر صعبا إن لم نقل مستحيلا في ظل الرقابة الصارمة التي تفرضها وزارة التوفيق على وعاظ و خطباء مساجد المملكة ، حيث أنها تحرص على تلقينهم مواضيع خطب الجمع كل أسبوع تفاديا لأي هفوة يكون في الأول و الأخير ضحيتها إمام المسجد و خطيب الجمعة إذا ما زاغ لسانه عن قراءة ما توصل به حرفيا ب”الفاكس”.
و تبقى استقلالية خطباء المساجد ببلادنا رهينة بتعليمات و توجيهات الوزارة الوصية رغم محاولة بعض المشايخ بين الفينة و الأخرى التطرق للمواضيع الراهنة رغم علمهم المسبق بأن ذلك قد يجعل تلك الخطبة تكون الأخيرة في سجلهم العلمي الديني كخطباء للجمعة ، مما يدفع بعضهم للجوء لمواقع التواصل الاجتماعي للحديث في مثل هاته المواضيع.
و شهد الحقل الديني في السنوات الأخيرة عدة ارتجاجات بإقدام وزارة أحمد التوفيق إلى توقيف عدد من الخطباء والأئمة من المساجد، بسبب المواقف التي يعبرون عنها على المنابر بخصوص قضايا متعددة، لعل أبرزهم هو خطيب مسجد بن تاشفين بفاس محمد أبياط، والذي أثار توقيفه احتجاجات وانتقادات واسعة وصلت حد إيقاف صلاة الجمعة بالمسجد من طرف المواطنين، وهي الحادثة التي كانت سابقة من نوعها في مغرب ما بعد الاستقلال.
وبالرغم من اختلاف السياقات والتبريرات التي قدمتها الوزارة الوصية على القطاع في توقيفها لكل إمام على حدة، يبقى المشترك البارز في عدد من الخطباء المعزولين خلال السنوات الخمس الأخيرة، هو انتقادهم مهرجان موازين تلميحا أو تصريحا.
و من بين الأئمة الذين شملهم قرار التوقيف بسبب تجاهلهم توصيات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية التي تحثهم على تجنب الخوض في عدد من المواضيع و على رأسها موازين نذكر الشيخ النهاري و نور الدين قيراط و محمد أبياط و عبد المنعم الخامسي و محمد الخمليشي و يحي المدغري و غيرهم كثر.
فهل يكون لخطيب أخر الجرأة للخوض في موازين الذي أفتى الكثير من علماء الأمة في أنه يخالف الشريعة و ينشر الفسق و الرذيلة في صفوف ابناء هذا الوطن أم أن عقاب التوقيف من لدن وزارة التوفيق قد يدفع بهؤلاء للسكوت عن الحق الذي لطالما قالوا لنا عنه في خطبهم بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس؟؟؟