“بامحمد” ضيف برنامج “حتا حنا ولادهم” بدار العجزة بسطات يُغادر في صمت “فيديو”

” بامحمد” ذلك الرجل الذي عاش في صمت ورحل في صمت، ذات يوم نزل ضيفا على برنامج ” حتى حنا ولادهم” الذي أعدته هبة بريس في وقت سابق بمناسبة شهر رمضان من قلب دار العجزة بمدينة سطات.

حينها جلس “با محمد”، على سرير نومه البسيط، ليحكي ويروي قصته بنبرات حزينة وتنهدات ملأت ارجاء المكان… قال فيها كلاما كله حكمة وتبصر: ” قَلَّتْ الشَّيْ تْرَشِي وتْخرجْ من الجْماعة…المال يا المال يا الموَّال…المال يا المال يا لِناس علِيه مالو….ميْتِين ميْتِين سواء اليوم سواء الغد… كون غير خلاونا خرجنا من هذه كورونا…” …هكذا قال با محمد حينها…

“بامحمد” الذي عاش وحيدا داخل دار العجزة بسطات، بعد أن ثلاث تجارب فاشلة في الزواج، يحكي تفاصيل حياته قبلها، أنه عاش يتيما مع أمه في صباه، كان راعيا للغنم وهو صغير مقابل دراهم معدودة، اشتغل كمياوم بالفلاحة لدى الناس، وبعد أن جفت الأرض وأصبح ماؤها غورا هاجر إلى مدينة سطات بحثا عن عمل يقيه شر البطالة والعطالة…

استقر به الوضع كحارس ليلي بسوق اشطيبة الشعبي، لمايقارب 20 سنة، هناك ظل “بامحمد” يعيش أيامه ولياليه يكتوي بنار الوحدة… ذات يوم، أفتى عليه أحد جلسائه بفكرة العيش بدار العجزة، تقبل “بامحمد” الفكرة، وانتقل للعيش بين جدران هذه البناية بمعية العديد من بني جلدته ممن تخلو عنهم الأبناء والأصدقاء والأحباب…
” بامحمد” عاش وحيدا وغادر الدنيا وحيدا، وهو الآن بين يدي ربه…. مراسيم تغسيل جثته ودفنها تجرى في هذه اللحظات من ظهر اليوم، قبل أن يتق ربه المقام بمقبرة الطويجين بالمدينة ذاته حاملا معه همومهم وأحلامه الوردية…

“بامحمد”، وهو نموذج من نماذج شتى لعجزة وجدوا أنفسهم عُزلا فرادا، بعد أن هجرهم الجميع….البؤس والشقاء، من بين العناوين البارزة على صفحات حكاياتهم وقصصهم التي لا تنتهي، حكايات يعجز معها اللسان ويكاد مداد كلماتها ينقضي، عجزة تعددت حكاياتهم و توحد مصيرهم..البؤس والشقاء..، فمنهم من تنكر له الأصدقاء والأقارب، وصار يطوف عليهم بالمقاهي يستجدي درهما، حتى لم يعد قادرا حتى على المشي إلا بصعوبة يخطو خطوة ويتكئ على شيء ما، متمنيا الموت ليريح ويستريح من الدنيا ومن أهلها …
قبور الحياة هي “دار العجزة” بالنسبة اليهم، في زمن قست فيه القلوب.

الفيديو التالي يتضمن لقاء خاصا مع “بامحمد” في وقت سابق خلال شهر رمضان، جلسنا معهم وتقاسمنا معهم رغيف خبز على موائد الافطار:

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هاد الناس ذنوبهم على الدولة و المسؤولين لي سمحو فيهم بعدما سمحات فيهم عائلتهم…الحمد لله راه غادي عند العادل الكبير الرحيم الكريم الجواد….أسأل الله أن يكرم وفادته و أن يشمله برحمته الواسعة و ان يجعل مثواه الجنة….إنا لله وإنا إليه راجعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى