مداغ .. علماء من الأزهر الشريف يحاضرون حول القيم الأخلاقية بالملتقى العالمي للتصوف

كان لعلماء جمهورية مصر العربية الشقيقة حضور وازن في الدورة السادسة عشر للملتقى العالمي للتصوف، من خلال مشاركة كل من الشيخ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية سابقا وعضو هيئة كبار العلماء، والدكتور أحمد سعد الخطيب، أستاذ بجامعة الأزهر، والدكتور محمد ابو هاشم نائب رئيس جامعة الازهر سابقا وعضو مجمع البحوث الاسلامية، يشار الى أن هذا الملتقى نظمته الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم CEMEIA”، تحت شعار “التصوف والقيم الإنسانية : من المحلية إلى الكونية”، وذلك في الفترة ما بين 11 إلى 15 ربيع الأول 1443هـ الموافق ل 18 إلى 22 اكتوبر الجاري، ، وتولى الإعلامي حسن الشاذلي تقديم العلماء المشاركين من مصر، عن بعد من خلال المنصات الرقمية لمؤسسة الملتقى، في إطار احترام الاجراءات الاحترازية التي فرضتها جائحة كورونا.

أكد الشيخ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية سابقا و عضو هيئة كبار العلماء إلى أن الاسلام جاء لسعادة الدارين الحياة الدنيا والدار الاخرة، داعيا الى التعاون بين كافة البشر لتحقيق القيم الانسانية، مضيفا أن التصوف هو الصيغة المثلى من اجل التواصل مع امة الدعوة وكل انسان في هذا العالم، وتابع أن التصوف هو الطريق الحتمي والوحيد اللازم للاتصال بأمة الدعوة والانتقال من المحلية الى الكونية وايصال السعادة للعالمين.

وأشار الدكتور جمعة إلى أن شعار الملتقى “التصوف والقيم الانسانية من المحلية الى الكونية”، يذكر بصفة مهمة من صفات التصوف الاسلامي، وهي انه منفتح على الناس جميعا سواء المؤمنين “امة الايجابة” او غير المؤمنين “امة الدعوة”، مبينا ان كل العالمين يعتبرون من امة محمد صلى الل عليه وسلم لانهم جاؤوا بعده.

وأوضح ان مقولة سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عمه لواليه على مصرمالك النخعي، صارت مثالا يحتذى، مبينا أن الامم المتحدة قد اعتمدته منطلقا للقيم الانسانية وحقوق الانسان في وقتنا المعاصر، وشدد فضيلته على ان القيم الانسانية التي حصرتها الامم المتحدة في 11 قيمة ، كانت كلها جزءا من القيم اسلامية.

وسلط الامام علي جمعة الضوء على مكانة التصوف من اجل وضع الخطوات التي نخطوها في طريق الله، داعيا الى ضرورة فهمه بعمق، موضحا أنه تربية للعقل والقلب وضبط للسلوك.

وأبرز مفتي مصر السابق أهمية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، موضحا انه يشكل فرصة لتذكر مدح المادحين للجناب النبوي “ولد الهدي فالكائنات ضياء وفم الزومان تبسم وثناء، وقول الإمام البوصيري “ابان مولده عن طيب عنصره يا طيب مبتدأ منه ومختتم”، كما عبر عن سعادته بالمشاركة في الملتقى العالمي للتصوف والاستجابة لدعوة الطريقة القادرية البودشيشية، راجيا الله تعالى أن يجعل هذا الملتقى نافعا للعالمين في الارض جميعا.

وبدوره تناول الدكتور أحمد سعد الخطيب، أستاذ بجامعة الأزهر في مصر، في كلمته موضوع “الإصلاح الأخلاقي مقصد قرآني”، أشار في مستهلها إلى تجدد الآمال والآلام في ذكرى المولد النبوي، موضحا أن تجدد الآلام يتمثل في ظهور فرق مناوئة، تجهل مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأوضح أنها مناوئة غير متبصرة في جوهره، أو مدافعة متعصبة أغفلت جانب الرحمة.

وبين الخطيب أن تجدد الآمال يتجلى في ضرورة استثمار الوقت للقيام بالواجب تجاه النبي صلى الله عليه وسلم، داعيا إلى إعادة اكتشاف شخصيته من خلال التغلغل فيها والعيش معها واستخراج جوهرها الصافي برؤية غواصة متجردة عن المؤثرات.

وقدم نماذج لباحثين أثنوا على الرسول صلى الله عليه وسلم في مؤلفاتهم، مثل توماس كارليل في كتاب ” الأبطال”، و مايكل هرت في كتابه ” الخالدون مائة”، ولبيب الرياشي المسيحي في كتاب “نفسية الرسول العربي”.

ونبه إلى دور ذكرى المولد النبوي في بعث روح بحث جديدة منصفة، موجها الى القيام بخطوات عملية من طرف العلماء الربانيين، الذين يجمعون بين الربانية والأكاديمية والهمة المتميزة، ليكشفوا بهذا العمل عن الشخصية الحقيقية للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، مشيدا بدور الملتقى العالمي للتصوف في إذكاء روح الأخلاق النبوية.

ومن جانبه أبرز الدكتور محمد ابو هاشم نائب رئيس جامعة الازهر سابقا وعضو مجمع البحوث الاسلامية، قدرة التصوف على حل مشاكل المجتمعات العالمية اسلامية ام غير اسلامية، موضحا ان التصوف يعلم الناس القيم الاسلامية السمحة كالتكافل الاجتماعي والايثار وإعانة المعوزين مستشهدا بقوله تعالى “ويوثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة” وقوله عز وجل “ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا”.

وأضاف فضيلته أن التصوف يربي الناس على الصبر والكرم والزهد مستدلا بالحديث النبوي “من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه”، مؤكدا الدور الهام الذي يلعبه التصوف في التحقق بمقام الاحسان في الدين، وختم كلمته بالدعوة الى تمثل عالمية الرسالة المحمدية وتقديمها للعالم في قالب نبوي يمتاز بالرحمة ومحبة الخير للعالم المتعطش الى انوارها.

ويذكر أن هذا الملتقى تم تنظيمه تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وعرف مشاركة علماء وأساتذة جامعيين من شتى القارات، وأُقُيمت فقرات منه حضوريا، بينما عقدت باقي الفعاليات عن بعد، كما عرف إقامة عدد من الأنشطة، بما فيها الندوات العلمية الموازية، والمسابقات التي تمت برمجتها، سواء في حفظ وتجويد القرآن الكريم، أو المسابقة العلمية المتمحورة حول إعداد مقالة في موضوع “القيم الدينية وأبعادها الكونية”، وكذا المسابقة الشعرية في غرض المديح النبوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى