لماذا نحن العرب نعلق فشلنا على إسرائيل ؟
عندما كنت صغيرا كنت أستمع إلى المذياع خلسة مع والدي، لأن والدي كان يصر على المراجعة والدراسة، كان والدي جندي مغربي كان بالنسبة له وقت فراغي يجب أن أراجع دروسي فقط لا شيئ أخر، كنت أضع كتبي جنبه وأدعي أنني أراجع لكي أستمع لما تقوله الأخبار على “الراديو” هنا أتحدث عن منتصف الثمانينات من القرن الماضي، كانت إسرائيل على فوهة الانتقاد في كل فشل عربي وكانت مؤامرات الموساد تكشف واحدة تلوى أخرى .. صدقت حينها كل ما كنت أسمعه…. كبرت وكبرت معلوماتي وأفكاري فكتشفت أننا فقط نحن العرب نبحث عن من نعلق عليه فشلنا!! نعم هكذا نحن بصراحة مُرة، وهذا من تجاربي “وليس كل ما يعرف يقال”، نحن العرب تشبعنا بالكراهية لبعضنا البعض: الأسرة، القبيلة، الجيران، الطائفية، الموظفين، وحتى الدول العربية فيما بينها، الخلاف مثلا داخل الجامعة العربية وليته خلاف بطريقة غربية بمعنى نختلف لكن لا نكره بعضنا البعض ومصلحة أوطننا وشعوبنا أولا( المثال من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والدفاع عن المصالح المشتركة قرابة ثلاث سنوات من التفاوض) في عالمنا العربي تقطع العلاقات بين بعض الدول بسماعة هاتف!!! ، الخلاف داخل أغلب المؤسسات العربية سواء الخاصة أو العمومية وليته خلاف من أجل تطوير العمل أو صنع مهنية مشرقة بل هو خلاف يطبعه “من شر حاسد إذا حسد” ويطبعه ” الفشل والتفشيل شعارنا” علينا أن نفشل جميعا لأننا أصبحنا خبراء في افشال بعضنا البعض، إسرائيل إذا نامت وأدخلت نفسها الثلاجة مدة ألف سنة وعادت مرة أخرى ستجدنا أسوء من حالنا الأن. ( إذا استمر فكرنا على ماهو عليه حاليا).
علقنا فشلنا على حكامنا وجاء ما يسمى بالربيع العربي وتغير بعض الحكام الذين أسموهم بالديكتاتوريين فكان على الأقل البعض منهم مثل رب الأسرة الصارم الذي كان يعرفنا جيدا كان يعرف كيف يوقف الحقد والحسد فينا ولو لوقت معين ،( مع اختلافي مع البعض منهم لكن البديل كان أسوء بكثير) ما سموهم بالحكام الديكتاتوريين رحل البعض منهم لكن رحيلهم كشف حقدنا وحسدنا والكل حمل السلاح ضد الأخر وبدأ الحقد يطلق الرصاص على بعضه البعض وبدأت دمائنا العربية تسيل وبدأ تهييج المشاعر لأغراض مختلفة وانهارت بعض دولنا وتحولت بعض شعوبنا إلى لاجئين وضاعت بعض الأوطان.
العيب فينا لا في غيرنا، منذ زمن الجاهلية لم نتغير، لم نستفد من أخطائنا لم نصحح مسارنا، وحتى تغيرتنا كانت فقط في بعض وسائل عيشنا تغير الجمل بالسيارة مثلا، والخيمة بالقصور وفي بعض الدول بأحياء “القصدير” لكن لم يتغير فكرنا، لم يموت فينا الحقد وحسد الجاهلية، لم نتعلم بعد حرية الاختلاف، لم نتعلم بعد دعم الناجحين والمؤهلين، لم نتعلم بعد كيف ننصت للفاشلين ونعرف مكامن معاناتهم وقوة إبداعهم وندعمهم ونطورهم، لكن لقد تطورت قنينة “الشيشة” بألوان مختلفة وأحجام مختلفة ولا غرابة أن نقول يوما أن “الشيشة” مؤامرة إسرائيلية . العيب فينا وعندما نعالجه سنصبح أمة تلتحق بالإنسانية بأهدافها النبيلة وتحترم الاختلاف وتدعم النجاح، ليس العيب أن نعالج أخطائنا ونعترف بها، العيب والخطير أن نعتبرها نجاح وهي تقودنا للهاوية دقيقة بعد أخرى…