المغرب : وجهة استثنائية تتجاوز حدود “بوابة إفريقيا”

لطالما عُرف المغرب بـ “بوابة إفريقيا”، على الرغم من دقة هذه العبارة من الناحية الجغرافية، إلا أنها لا تلتقط جوهر البلد الحقيقي في المشهد الحالي. في السنوات الأخيرة، شهد المغرب تغيرات ملحوظة على جبهات متعددة:

على الصعيد الاقتصادي، نفذ البلد إصلاحات ليبرالية، مما أدى إلى تعزيز الاستثمارات الأجنبية وتنويع قاعدته الصناعية. حيث شهدت البنية التحتية قفزة نوعية، مع بناء موانئ حديثة وطرق سريعة وشبكات سكك حديدية عالية السرعة.

أما في المجال الدبلوماسي، حقق المغرب إنجازات مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث تمكن من ترسيخ مكانته كفاعل إقليمي رئيسي ومن ناحية أخرى توسيع نطاق علاقاته الدولية برئاسته لعدد من المنظمات الدولية آخرها رئاسته لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة.

كل هذه التحولات تجعل من المغرب وجهة استراتيجية مثالية للتعاون الدولي، وليس فقط ممرا إلى إفريقيا أو إلى أوروبا أو إلى دول المشرق العربي، فاستقراره السياسي وموقعه الجغرافي الاستراتيجي واقتصاده المتنامي يوفر بيئة مواتية

للاستثمارات، مع وجود عمالة ماهرة تُلبي احتياجات مختلف القطاعات الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التزامه بالسلام والأمن في المنطقة يجعله لاعبًا رئيسيًا في حل النزاعات.. بفضل هذه المزايا، أصبح المغرب وجهة لا غنى عنها للتعاون الدولي في مختلف المجالات، بدءًا من السياسة والأمن، مرورًا بالتجارة والسياحة، وصولًا إلى الطاقة.

وفي هذا السياق،يمكن لإسبانيا ان تلعب دورا أساسيا في توسيع آفاق التعاون الدولي للمغرب، وذلك من خلال حضورها القوي في أمريكا اللاتينية. حيث يمكن للجارة الشمالية أن تكون هي بوابة للمغرب نحو أسواق وشركاء جدد، وذلك بفضل العلاقات التاريخية بين البلدين، والتكامل بين اقتصاديهما، والإتصال الجوي والبحري الذي يخلق منصة مثالية للتعاون التجاري.

فالمغرب شكل دائما و لأسباب عديدة موضوعًا بالغ الأهمية في السياسة الخارجية لإسبانيا. فمنذ القدم، اتسمت هذه العلاقات بالتعقيد والتقلبات المتكررة، متأثرة بمزيج من العوامل التاريخية والاقتصادية والإقليمية.

و لفهم هذه العلاقات بشكل كامل، من الضروري مراعاة النقاط التالية:

المنظور التاريخي: كانت العلاقات بين إسبانيا والمغرب معقدة عبر التاريخ، حيث تراوحت بين التعاون والصداقة والصراع والتوتر.
المنظور الاقتصادي: يتميز التعاون الاقتصادي بين البلدين بالقوة والترابط، حيث يُشكل الاعتماد المتبادل في مجالات مثل السياحة والزراعة ركيزة أساسية للعلاقات الثنائية.
السياق الإقليمي: تتأثر العلاقات الإسبانية المغربية بالديناميكيات الإقليمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط والمغرب العربي.
الرأي العام: تختلف النظرة إلى العلاقات الثنائية في كلا البلدين، حيث توجد قطاعات تدعم التقارب وأخرى تتخذ موقفاً أكثر انتقاداً خصوصا الأحزاب المتطرفة سواء من اليمين او من اليسار.

إذن حان الوقت لإعادة تعريف العلاقة بين المغرب وإسبانيا ومع اوروبا بصفة عامة، والتخلي عن الرؤية الاختزالية لـ “بوابة” فالمغرب من خلال التطور المستمر والتحول الاستراتيجي تجاوز دوره كنقطة دخول ليصبح وجهة في حد ذاته. فكلا البلدين يتمتعان بإمكانيات جبارة مما سيمكنهما من الاستفادة من نقاط قوتهما وتآزرهما، و بناء تحالف استراتيجي يعود بالنفع على شعوبهما ويساهم في الازدهار الإقليمي.

المغرب، بتحوله الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لم يعد مجرد بوابة بل أصبح وجهة جذابة وشريكًا استراتيجيًا. يمكن لإسبانيا، بخبرتها وعلاقاتها، أن تكون حليفًا حاسمًا في طريق المغرب نحو أسواق وفرص جديدة. حان الوقت لبناء علاقة ثنائية أعمق وأكثر طموحًا تلبي احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل.

مصطفى ماءالعينين، مهندس دولة، عضو الحزب الشعبي الإسباني و خبير بالعلاقات المغربية الإسبانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى