سطات يا سطات…حكاية مدينة تشكي حالها للمولى

سطات يا سطات، اييه ياليام، كان القادم إليها ينبهر منذ أن يضع قدميه على باب تربتها الطاهرة العفيفة، لتستقبله بشوارعها وأزقتها وأشجارها الباسقة، وروائحها العطرة، ومياهها المتدفقة، ونظافتها الزاهية وحدائقها الغناء الخضراء التي تسر الناظرين…

اييه ياليام، كانت سطات حينها، يتغنى بليلها الشعراء، مدحا وتبجيلا وتذكيرا لنضالات ومواقف رجالاتها الشرفاء…قبل أن تتحول إلى أكبر محطة للنفايات والروائح الكريهة والبنيات التحتية التي تدمي القلب…

سطات يا سطات….مالي أراك حزينة تبكي وتشكي في صمت!!! ..

لكنها لازالت صامدة مقاومة تشكي حالها للمولى عز وجل..

سطات يا سطات، يا من تحولت شوارعك وأزقتك إلى مايشبه خرائط وخطوط سكك حديدية بفعل سياسة الحفر التي لا تنتهي…وساحاتك ودروبك إلى أسواق شبه عشوائية تعج بمخلفات الأزبال والنفايات ومنطلقا لقطعان الكلاب الضالة التي تهاجم الأحياء وتفرض حظر التجوال على الناس ليلا وفجرا…

سطات يا سطات يا الغالية على قلوبنا، يا من كانت تتغنى وديانا وحدائق غناء ورونقا أخاذا، يا من كانت تصنف ضمن المدن الجميلة وتوأمة المدن داخل وخارج الوطن…يامن كانت توصف بعروس الشاوية…ها أنت اليوم، تعيشين واقعا يدمي القلب، بسبب التراجع الكبير على كافة المجالات، اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا…

سطات يا سطات…يا من اغتصبت شوارعها وأزقتها ودروبها لسنين كثيرة دون أن تراع حرماتها، طالتها جرافات الهدم والردم وسياسة الحفر التي لا تنتهي، فغيروا ملامحها وطمسوا معالمها، وصارت كصرح بلا تاريخ ولاعنوان….نهبوا ملكها العمومي واستباحوا حدائقها وقزموا من بساتينها وأزهارها وزرعوا عوضها كراسي وموائد خشبية لزوار لايغادرون إلا وثمن جلوسهم بعد احتسائهم كأش شاي أو قهوة مدفوع الأجر طبعا.

سطات يا سطات…يا من طُمرت ملامحها، وضاعت معها ذكريات الطفولة البريئة، أين “المارشي القديم قبالة قيسارية الشاوية..أين مقهى كوميرس وبيسيس وسينما كاميرا، أين شارع محمد الخامس وما يحمله من ذكريات جميلة وارث تاريخي..

سطات يا سطات…كل شيء تغير فيك، أين فنانونك من صناع الفرجة الكبار من قبيل قشبال وزوال… أين مبدعوك من راسمي الابتسامة على محيا العباد من الحليقية الكبار مثل الربيب، وحمامو، وعبد الرحمن وعبد القادر الغرام، وووو، كلشي مشى مع الأيام…مابقي سوى ساحتك التي تحولت إلى مكان ” للتبول” ولعب ” ضامة وكارطة” وملتقى ” أصحاب المُوقَفْ”..

أنت الجريحة التي لم يُغير من حالك تعاقب المجالس المنتخبة شيئا، سوى وقوف أصحابها على حائط المبكى يشكون حالهم ويتنابزون بالألقاب خلال دوراتها…

أنت الشاهدة على تعهدات منتخبيك خلال حملاتهم الانتخابية…حين وقفوا متعهدين أمام الله، وأمام ساكنتك، بتنزيل الاصلاحات والدفاع عن حقوق المواطنين والمواطنات في كافة المناسبات…

سطات يا سطات…يا من كان هواءها العليل يشفي الصدور وينعش الأرواح، هاهي اليوم تتنفس كل صباح وتستفيق على نسيم هواء ملوث كريه الرائحة يهدد الصحة العامة…

هاهي اليوم تتحول إلى أكبر مطرح للنفايات والروائح النثنة…شوارع وأزقة ودروب غارقة في الأزبال والنفايات، وقطعان الكلاب والحمير لها في الأكياس البلاستيكية حصةٌ ونصيبٌ….

أملنا في القدير كبير، أن تتشافى جروحك وتتداوى وتعودين إلى سابق زمانك، حيث كنتِ كعروس في ليلة زفافها، تتغنى جمالا ورونقا….

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. انا اسكن مدينة سطات منذ 2003 و لم اكن ادري ان سطات كانت تتمع ذات يوم بهذا الجمال اللتي وصفتها به. بالنسبة لي هي مجموعة ازقة عشوائية لا غير . واحسرتاه فنحن كذلك نعيش وضعا مزريا في مدينة ابي الجعد مهد الزاوية الشرقاوية . مدن عتيقة اندثرت . لله شكوانا

  2. الله الله عليك سي المنفلوطي
    لقد أصبت الجرح…!!!!
    واحسرتاه على مدينة سطات
    الشمعة التي انطفئت قصرا و عمدا
    حسبنا اللهو نعم الوكيل في كل من خرب او ساهم في تخريب هده المدينة الجملية بطبيعتها الطيب أهلها

  3. اتمنى من اعيان هده المدينة وابناءها الاحرار من لهم غيرة على مدينتهم ان يعبدوا لها مجدها كما كانت الله يرحمك ادريس البصري

  4. سطات ضاعت لما فر ادريس البصري نحو فرنسا.البصري كان البعبع الذي يخيف عامل المنطقة و رؤساء الدواءر الدين كانو يخافون على رؤوسهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى