لماذا لا يقتدي الولاة و العمال بملك البلاد في تحركاته الميدانية؟
هبة بريس – الدار البيضاء
“إيلا عندك غير ثلاثة الوليدات في الدار و خرج ليك واحد فيهم ماشي هو هاذاك راه يشيبك بلا وقت عاد تحضي ربعين مليون واحد”، بهاته العبارات علق أحد الشيوخ على موضوع كان يتعلق بتحركات الملك الميدانية و الذي يوازيه غياب شبه كلي لباقي المسؤولين و على رأسهم الولاة و العمال.
كلام هذا الشيخ المفعم بالكثير من الحكمة ، يحيلنا لواقع مر يتجلى في عدم اقتداء غالبية مسؤولي هذا الوطن بعاهل البلاد خاصة فيما يتعلق بتحركاته الميدانية و إشرافه المباشر على المشاريع التنموية و الاجتماعية و الاقتصادية التي يخصص لها حيزا مهما من حياته اليومية.
و رغم أنه يفترض في رجال السلطة الذين يتقلدون مسؤوليات كبيرة كالولاة و العمال أن يكونوا أكثر قربا من المواطنين و من المشاريع التي ترى النور بالمناطق التي يشرفون على تدبير أمورها ، نرى أنهم يتسابقون فقط للحضور بالمناسبات التي تكون فيها عدسات المصورين و كاميرات القنوات العمومية و هم يرتدون ربطات عنق في مناسبات أغلبها يكون ذو طابع رسمي و في مكان رسمي.
بعد الولاة و العمال عن انشغالات المواطنين و عن الميدان يجعلهم دائما خارج التغطية ، لدرجة أن غالبيتهم تظل أسماؤهم مبهمة و قد لا يميز بينهم سكان المنطقة التي يتقلدون مهام الإشراف عليها باسثتناء قلة قليلة منهم.
فماذا يعني أن يترجل ملك البلاد باعتباره أعلى سلطة في البلاد من سيارته و يتجه نحو المواطنين يبادلهم مشاعر الحب و السلام ، بينما يتعجرف الوالي و العامل و ما أكثرهم في هاته البلاد السعيدة و يرفض حتى رد التحية و لو بأسوء منها؟
و ماذا يعني أن يشاهد مواطن ما سيارة الملك و يطلب من عاهل البلاد التقاط صورة للذكرى فيقبل الجالس على العرش هذا الأمر بصدر رحب و بتواضع الكبار في حين إذا أراد مواطن بسيط لقاء أبسط موظف في مؤسسة ما من مؤسسات هذا الوطن عليه أخد موعد بالساعات و “شوف تشوف”.
ماذا يعني أن تظل كل المدن تنتظر زيارة ملكية لعلها تغير من واقع الحال شيئا بعدما اختفى الوالي و العامل و الباشا و غيرهم و لم يعد يظهر لهم وجود إلا في التكريمات و المناسبات التي يتنافسون من خلالها على لغة الخشب و نثر الكلام يمنة و شمالا…
وحده ملك البلاد صعب جدا أن يفعل كل شيء ، صعب إن لم نقل مستحيلا أن يواصل مسيرة الإصلاح مادامت النخبة التي تشرف على تدبير الأمور بشكل جهوي و إقليمي تظل خارج التغطية ، كل همها ماذا ستجني و تكسب و تربح من المنصب الذي تتقلده ، و مادام هؤلاء قابعون في مكاتبهم المكيفة و كراسيهم المريحة بعيدا عن لغة الميدان فلا تنتظروا منهم أن يعرفوا حتى أسماء الشوارع و الأزقة ، هذا إن كانوا أصلا يعرفون أسماء المدن و المناطق التي يسيرونها…