close button

واقعة ابن أحمد النقطة التي أفاضت الكأس حول واقع الصحة النفسية بالمغرب

بقلم يوسف بنشهيبة باحث في العلوم الجنائية والأمنية

في ظل ما خلفته هذه الجريمة الشنعاء من اضطراب داخل المجتمع، حيث بات أغلب المواطنين يعيشون نوعا من الخوف وعدم الأمان، تجاه بعض الاشخاص ممن يعرفون أو تظهر عليهم علامات الاضطراب أو عدم التوازن العقلي، وفي ظل انتشار العديد من الأخبار الزائفة عبر “مواقع التواصل الاجتماعي”، والتي تحوم إما حول الجاني أو ظروف وملابسات الجريمة، أو تخلق قصصا أخرى، بعيدة عن الحقيقة، من طرف ممن يحسبون على أنهم (صناع المحتوى)، من أجل رفع نسب المشاهدة والتربع على “الطوندونس المغربي”، وكالعادة أغلب المواطنين ينساقون تجاه الزبد الذي يذهب جفاءً و ينسون ما يمكث في الارض، وينفع الصالح العام، وهو خلق نقاش حول واقع الصحة النفسية بالمغرب، في ظل ارتفاع جرائم الاعتداء على المواطنين والممتلكات، ولم تكن واقعة ابن أحمد هي الوحيدة، بل في الشهور الأخيرة شهدت العديد من المدن المغربية حالات إعتداء على المواطنين والممتلكات، وبلغت إلى حد الاعتداء على بعض تلاميذ المؤسسات التعليمية، وأبرزها واقعة الاعتداء على “تلميذة برشيد” من طرف مختل عقلي، والتي خلفت استياء كبير، لا سيما أن عدد حالات الاعتداء التي ترتكب من طرف المختلين عقليا لا تكاد تحصى، حيث يعمد هؤلاء المختلين عقليا على رشق المارة بالحجارة، أو تعريضهم لاعتداء بالسلاح الأبيض…، ناهيك عن ما ينتج عن هذه الاعتداءات من أضرار معنوية نفسية بالغة، قد تصل إلى حد معاناة الضحية من الرهاب الاجتماعي، والهلوسة، والخوف من الخروج إلى الشارع.
يمكن القول على أن واقعة ابن أحمد لم تكن إلا تلك القطرة التي أفاضت الكأس، وما جعل هذه الجريمة حديث كل لسان، وأن تنال هذا الحظ الكبير من الزخم الإعلامي والمجتمعي، وهي بشاعة الأفعال الإجرامية المرتكبة، و ما لحقها من تشويه الجثة…، واقعة تلميذة برشيد ووقائع أخرى، لم تحظى بدورها بنفس الزخم والاهتمام، ولعل أن المسار الطبيعي الذي يجب أن يتخد من طرف الجهات الوصية، وهو احتواء وجمع هؤلاء المختلين عقليا من الشوارع، بغية الحد من مثل هذه الجرائم، هو سياق طبيعي تتفاعل فيه الجهات الوصية على الصحة النفسية بالمغرب مع ما من شأنه أن يعيد تكرار حوادث مؤلمة.
فاجعة إقليم تاونات خلال شهر أبريل سنة 2021، والتي كان سببها مختل عقلي أجهز على أربعة أشخاص بجماعة عين بيضا بدائرة عين عيشة، كلهم من أفراد عائلته، فيما أرسل أربعة آخرين إلى المستشفى.
“الجنون وحالة فقدان العقل” : في ظل غياب تعريف تشريعي للخلل العقلي، يمكن القول أن الأمراض العقلية عديدة ومتنوعة، وللجنون درجات، فهناك جنون مطبق مستمر دائم، وجنون غير مطبق، أي متقطع يحضر مرة ويغيب مرة، وقد يكون دوريًا متقطعًا، وقد يكون جنوناً جزئيًا، وهي حالة يكون فيها الشخص أثناء ارتكاب الجريمة، فاقد بشكل كلي لقواه العقلية، وهو ما ينتج عنه غياب الإدراك والإرادة والاختيار بشكل كامل.
“المسؤولية الجنائية للمختل العقلي” : لقد اعتبر المشرع المغربي العاهات العقلية من بين موانع المسؤولية الجنائية، بحيث ميز بين حالتين وهما : حالة وجود خلل عقلي تام، واعتبرها مانعا من موانع المسؤولية، وحالة وجود خلل عقلي غير تام أو جزئي، يرتب تخفيف المسؤولية الجنائية للفاعل وليس مانعا لها.
إقرار إصابة الشخص بالخلل العقلي أثناء ارتكابه للفعل الجرمي من المسائل الموضوعية التي يختص بها قاضي الموضوع، واتباث الخلل العقلي مقيد بالاستعانة بالخبرة الطبية، التي يمكن أن يعهد بها إلى طبيب مختص في الأمراض العقلية والنفسية أو طبيب محلف، وهنا تبرز بلا شك أهمية الخبرة الطبية في مساعدة العدالة على استجلاء الحقيقة، حيث أن مسألة إتباث هل الجاني كان وقت ارتكابه للجريمة في حالة وعي ؟ ، أم أنه كان في حالة خلل عقلي لا يعي ما تقترفه يداه، حيث يكون في حالة أشبه وأقرب لانفصال العقل عن الواقع، حيث ينعدم لديه الشعور التام بالمحيط، وهذا ما يفهم من خلال حرص المشرع على إجراء الخبرة الطبية، كونها من المسائل التي تخرج عن فهم القاضي واختصاصه، إلى جانب اعتبار أن هذه الخبرة قد تغير من سير الدعوى وتعتبر الفيصل فيها.
الفصل 134 من م ق ج : “الخلل العقلي الكامل” لا يكون مسؤولاً ويجب الحكم بإعفائه، من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه، في حالة يستحيل عليه معها الإدراك، أو الإرادة نتيجة لخلل في قواه العقلية، وفي الجنايات والجنح يحكم بالإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وفق الشروط المقررة في الفصل 76 من ق ج، أما في مواد المخالفات فإن الشخص الذي يحكم بإعفائه إذا كان خطرا على النظام العام يسلم إلي السلطة الإدارية.
باستقراء الفصل أعلاه، فإن الشخص الذي يكون في حالة يغيب فيها الإدراك والإرادة، فإن المسؤولية الجنائية في حقه تكون منعدمة، ما دام أن الركن المعنوي غير متوفر بعنصريه الإرادة والعلم، أو استحالة حضورهما، وما دام أن تطبيق العقوبة لن تهذب الجاني كونه غير سليم العقل، ولن تحقق ردعا خاصا أو عاما، والأصح هو إيداعه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، وهذا الإيداع الذي بدوره يطرح أكثر من علامة استفهام والتي لنا فيها حديث في هذا المقال.

المسؤولية الجنائية الناقصة : “الخلل العقلي الناقص”
الفصل 135 من م ق ج : تكون مسؤولية الشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي تنقيص مسئوليته جزئياً، وفي الجنايات والجنح تطبق على الجاني العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة في الفصل 78 من القانون الجنائي، أما في المخالفات فتطبق العقوبات مع مراعاة حالة المتهم العقلية.

ويجب ألا يفهم أن المرض أو الخلل العقلي أو النفسي هو الذي يظهر للعيان في شكل شخص يصرخ في الشارع العام، أو يبيت في العراء أو يعتدي على المارة، بل هناك العديد من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي علامات، وهناك أعراض يشعر بها الشخص نفسه، ومع ذلك فهو يعاني من أمراض نفسية وعقلية قد تحضر وتظهر بين الفينة والأخرى، وقد تتخد أشكال متنوعة، سلوك، هلوسة، تواصل، تم يعود إلى حالته الطبيعية، ولا يمكن كشف هذه الاضطرابات العقلية الخفية المتوارية، إلا من طرف الطبيب الخبير، الذي خَبِرَ هذه الأمراض النفسية والعقلية.

مجموعة القانون الجنائي : نص الفصل 75 على ما يلي : الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية هو أن يوضع شخص في مؤسسة مختصة، بمقتضى قرار من محكمة الموضوع إذا كان متهما بارتكاب جناية أو جنحة أو بالمساهمة أو المشاركة فيها، ولكنه، كان وقت ارتكاب الفعل، في حالة خلل عقلي ثبت بناء على خبرة طبية، واستوجب التصريح بانعدام مسؤوليته مطلقا وإعفاءه من العقوبة التي قد يستحقها وفق القانون.

باستقراء لهذا الفصل، والذي يفهم منه أن إتباث المرض العقلي يكون بناءً على خبرة طبية، ولا يمكن إيداع المتهم بمؤسسة للعلاج إلا بناءً على خبرة طبية تتبث أن المتهم وقت ارتكاب الجريمة كان بالفعل في حالة من الخلل العقلي، وفي ذلك قرار صادر عن محكمة النقض ( قرار غير منشور).

قرار محكمة النقض عدد : 9\1130
المؤرخ في : 15 نونبر 2005
الصادر في الملف الجنحي عدد :200311783
حيث ورد في الحيثية المعتمدة في نقض وإبطال القرار المطعون فيه بالنقض ما يلي : وحيث أن الأمر يتعلق بمسألة طبية دقيقة لا يكون فيها الجزم إلا لمن تتوفر فيه الخبرة في ذلك الميدان، وأن المحكمة عندما اعتبرت الطاعن متمتعا بكامل قواه العقلية واعرضت عن إستدعاء الطبيبين المطلوب الاستماع إليهم، وبرفضها اللجوء إلى الخبرة لاستجلاء الحقيقة واعتمادها فقط على كون أن أجوبة المتهم كانت واضحة ومفهومة ولا توحي بأي اضطراب، تكون قد أبدت رأيها في موضوع لا دراية لها به، ودون الاستعانة بذوي الإختصاص في هذا الميدان، علما أن المطلوب هو حالة المتهم وقت ارتكابه الفعل الجرمي مما تكون معه قد عرضت قرارها للنقض والإبطال.

ومن خلال هذا القرار، نشير إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي التي وسبق لنا وأن تحدثنا عنها، أن المرض العقلي أو بعض الاضطرابات أو بعض الحالات النفسية التي قد يعاني بسببها بعض الأشخاص يمكن أن نجملها في الجنون الغير المطبق وهو الجنون الذي يأتي ويذهب، وهذا ما قد يفهم من خلاله القاضي أن الشخص الماثل أمامه سليم، بعد أن يحدثه ويتبادل الحديث معه، مما يكون معه حسب قرار محكمة النقض أن القاضي قد يبدي رأيه في مسألة هي خارج اختصاصه، بل هي موكولة بقوة القانون إلى ذوي الإختصاص، ما دمنا أننا نتعامل مع نوع من الأمراض العقلية أو النفسية تحتاج بالفعل إلى خبير يفقه في هذه المسائل، يوضح للمحكمة عن طريق تقرير طبي الحالة العامة للشخص، أو شفويا إذا اقتضى الأمر ذلك.

قرار آخر لمحكمة النقض
عدد : 23
الصادر بتاريخ : 2010\14911
تكون المحكمة قد جانبت الصواب لما ردت طلب إجراء خبرة طبية على متهم لعلة أنه كان في حالة طبيعية اثناء المحاكمة ولم يظهر عليه أي عارض من عوارض المرض العقلي أو النفسي، وقضت بمسؤوليته الجنائية عن الفعل المرتكب، في حين أن التقرير في مدى السلامة العقلية أو النفسية للمتهم مسألة طبية يتولاها ذوي الاختصاص وتخرج عن ولاية المحكمة.

من خلال القرارات أعلاه يجب الإشارة إلى أن المحكمة في كل الأحوال غير ملزمة بالأخذ برأي الخبير، ما دام أنها تتمتع بالسلطة التقديرية في تقدير كل ما يعرض عليها. من أدلة، وفي الحالة التي ترفض أو تقبل خبرة طبية ما، فإنها في المقابل ملزمة بتبني خبرة طبية أخرى أو رأي فني آخر، ما دام أن الرأي الأول لم يقنعها، وبالتالي الشيء الفني لا يدحض إلا بشيء فني مثله.
ينص الفصل 136 من م ق ج : إذا رأى قاضي التحقيق أن المتهم تظهر عليه علامات واضحة للخل العقلي، فإنه يجوز له، بمقتضى أمر معلل، أن يأمر بوضعه، مؤقتا في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية من أجل ملاحظته وعلاجه إذا اقتضى الأمر، وذلك ضمن الشروط المقررة في الظهير رقم 1.58.295 الصادر في 21 شوال 1387 ( 30 أبريل 1959) الخاص بالوقاية والعلاج من الامراض العقلية وحماية المصابين بها.
ويجب إخطار رئيس النيابة العامة بمحكمة الإستئناف من طرف الطبيب المعالج بقرار إخراجه قبل تنفيذ ذلك القرار بعشرة أيام على الأقل ويجوز لرئيس النيابة أن يطعن في هذا القرار وفق الشروط المقررة في الفصل 28 من الظهير المشار إليه، ويترتب على الطعن وقف تنفيذ القرار.
وفي حالة استئناف المتابعة وصدور حكم على المتهم بعقوبة سالبة للحرية، فإن محكمة الموضوع يجوز لها أن تأمر بخصم المدة التي قضاها في المؤسسة من مدة تلك العقوبة.

وباستقراء للفصل 136 أعلاه، وعبارة من أجل “ملاحظته وعلاجه”، والتي يفهم منها أن الشخص الذي يتم إيداعه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية فإنه يبقى تحت ملاحظة الطبيب المختص، وهذه الملاحظة تشمل التواصل مع المتهم من طرف الطبيب، وملاحظة سلوكه وأفعاله، وردود الفعل الصادرة عنه، وهذه الملاحظة التي تقترن بعبارة “أن يأمر بوضعه مؤقتا”، والذي يفهم منها أن هذا الوضع المؤقت والذي يرجى منه تأكيد فرضية، هل المتهم بالفعل يعاني من خلل عقلي أم لا؟، يمكن القول على أنها فترة اختبار يمر منها المتهم، ولعل هذه الفترة يمكن اعتبارها ضمانة في غاية الأهمية مُتِع بها المتهم، في إطار الالتزام بالدستور والاتفاقيات الدولية التي وقع وصادق عليها المغرب.

الإيداع في مؤسسة للعلاج : الفصل 75 من م ق ج : الإيداع القضائي داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية هو أن يوضع شخص في مؤسسة مختصة، بمقتضى قرار من محكمة الموضوع إذا كان متهما بارتكاب جناية أو جنحة أو بالمساهمة أو المشاركة فيها، ولكنه، كان وقت ارتكاب الفعل، في حالة خلل عقلي ثبت بناء على خبرة طبية، واستوجب التصريح بانعدام مسؤوليته مطلقا وإعفاءه من العقوبة التي قد يستحقها وفق القانون.

تبرز من خلال هذا الفصل إشكالية نجاعة إيداع المختلين عقليا في مؤسسات العلاج ؟، وهل هذه المؤسسات بالفعل قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة للمختلين عقليا ؟ و ما مدى توفر وكفاية التجهيزات والموارد البشرية ؟ ما مدى كفاية عدد الأطباء النفسيين العاملين حاليا في المستشفيات العمومية ؟ وكيف يتم توزيعهم جغرافيا بين الجهات ؟ وهل هؤلاء الأطباء يتمتعون بظروف وتحفيزات مادية كافية من أجل القيام بعملهم ؟

في ظل واقع يعرف تزايد انتشار المختلين عقليا بالشارع العام، وإشكالات أخرى سنطرحها في وقتها في هذا المقال، يمكن اعتبار أن إجراء الإيداع في مؤسسة للعلاج، هو إجراء وقائي يخدم المجتمع من جهة، ومن جهة ثانية يخدم الجاني وعائلته أيضا.

البراءة أو الإعفاء من العقوبة : في العديد من الأحيان، قد يفهم المواطن أن القرار القاضي بإيداع المتهم بمؤسسة للعلاج هو البراءة نفسها، وهذا يُلزمنا أن نبين الفرق بين الإعفاء من العقوبة والبراءة.

الإعفاء من العقوبة : لا يجب أن يفهم منه أن المحكمة تبرئ المتهم من الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه، بل تعفيه من العقوبة لوجود سبب يحقق شرط الإعفاء كما نص عليه القانون، وهو أنه وقت ارتكاب الجريمة كان يعاني من خلل عقلي، عطل قدرته على التمييز والإدراك، هو غياب للقوى العقلية، وفي نفس الوقت فالجريمة ثابتة في حق المختل عقليا إلا أنه لا يسأل جنائيا عنها.

البراءة : وهي الحالة التي تقول فيها المحكمة كلمتها، وتبرئ الماثل أمامها من ارتكاب الجريمة وتزيل عنه صفة المجرم أو الجاني، وفي مفهومها البسيط الأصل في الانسان البراءة، ويمكن اعتبار هذه الأخيرة أهم أركان العدالة الجنائية.

كما أن التشريع الجنائي ضم العديد من المقتضيات ذات الصلة بالصحة العقلية، ويشمل القانون الجنائي (الفصول 61 ومن 75 إلى 82 ومن 134 إلى 137 من م ق ج)، وقانون المسطرة الجنائية (المادتان 389و435).

المادة 398 من قانون المسطرة الجنائية والتي نصت على ما يلي وتحديدا الفقرة الثالثة منها : إذا تبين للمحكمة أن المتهم كان وقت ارتكابه الأفعال مصابا بخلل في قواه العقلية، أو أن الخلل حصل له أثناء المحاكمة فإنها تطبق حسب الأحوال مقتضيات الفصول 76 87 97 من القانون الجنائي.
الفصول 76 و 78 و 79 من مجموعة القانون الجنائي

الفصل 76 من ق ج : إذا تبين لمحكمة الموضوع، بعد إجراء خبرة طبية، أن الشخص المتابع أمامها بجناية أو جنحة، كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الفعل بسبب اختلال عقلي، فإنه يجب عليها :
1 – أن تثبت أن المتهم كان، وقت الفعل، في حالة خلل عقلي يمنعه تماما من الإدراك أو الإرادة
2 – أن تصرح بانعدام مسئوليته مطلقا وتحكم بإعفائه
3 – أن تأمر، في حالة استمرار الخلل العقلي، بإيداعه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية.
ويبقى الأمر بالاعتقال ساريا على المتهم إلى أن يودع فعلا في تلك المؤسسة.
الفصل 77 من ق ج الإيداع القضائي يستمر طالما استوجب ذلك الأمن العام وعلاج الشخص المأمور بإيداعه.
ويبقى الشخص المودع تحت الملاحظة، ويجب فحصه كلما رأى الطبيب المعالج ضرورة ذلك، وعلى أي حال كل ستة أشهر.
وإذا استقر رأي الطبيب المعالج على إنهاء الإيداع فإنه يجب أن يخطر بذلك رئيس النيابة العامة بمحكمة الاستئناف الذي له أن يطعن في قرار الإخراج في ظرف عشرة أيام ابتداء من تسلمه ذلك الإخطار، وذلك وفق الشروط المقررة في الفصل 28 من ظهير 21 شوال 1378 الخاص بالوقاية والعلاج من الأمراض العقلية وحماية المرضى المصابين بها، وهذا الطعن يوقف مفعول الأمر بالإخراج.

الفصل 78 من ق ج
إذا قررت محكمة الموضوع، بعد الخبرة الطبية أن مرتكب جناية أو جنحة، رغم كونه قادرا على الدفاع عن نفسه في الدعوى، إلا أنه كان مصابا وقت الأفعال المنسوبة إليه بضعف في قواه العقلية يترتب عليه نقص مسؤولية فإنه يجب عليها
1 – أن تثبت أن الأفعال المتابع من أجلها المتهم منسوبة إليه
2 – أن تصرح بأن مسؤوليته ناقصة بسبب ضعف في قواه العقلية وقت ارتكاب الفعل
3 – أن تصدر الحكم بالعقوبة
4 – أن تأمر، إذا اقتضى الأمر ذلك، بإدخال المحكوم عليه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، قبل تنفيذ العقوبة السالبة للحرية، ومدة بقائه في هذه المؤسسة تخصم من مدة العقوبة، وينتهي إيداعه في المؤسسة وفق الشروط المقررة في الفقرة الأخيرة من الفصل 77.

الفصل 79 من ق ج : إذا قررت محكمة الموضوع، بعد الخبرة الطبية، أن الشخص المتابع لديها بجناية أو جنحة كامل المسؤولية أو ناقص المسؤولية بالنسبة للوقائع المنسوبة إليه، ولكن بسبب خلل في قواه العقلية طرأ عليه أو اشتد أثره بعد ارتكاب الفعل أصبح غير قادر على الدفاع عن نفسه في الدعوى، فإنه يجب عليها :
1 – أن تقرر أن المتهم عاجز عن إبداء دفاعه بسبب خلل في قواه العقلية
2 – أن تأمر بوقف النظر في الدعوى
3 – أن تأمر بإدخاله في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية ويبقى الأمر بالاعتقال ساريا بالنسبة للمتهم حتى يتم إيداعه فعلا.
ويجب على الطبيب المعالج أن يخطر رئيس النيابة العمومية بقرار إخراجه في ظرف عشرة أيام على الأقل قبل تنفيذ الأمر بالخروج، ويبقى الأمر بالاعتقال الذي كان نافذا وقت إدخاله بالمؤسسة ساري المفعول وتستأنف المتابعة، بناء على طلب النيابة العمومية وفي حالة صدور حكم بعقوبة سالبة للحرية فإن محكمة الموضوع يمكن لها أن تخصم المدة التي قضاها في المؤسسة من مدة تلك العقوبة.
المسؤولية المدنية للمختل العقلي : لا شك أن كل ضرر يوجب التعويض، وهذا ما سار عليه القضاء المغربي من خلال حكم صادر عن القضاء الاداري، حمل فيه وزارة الداخلية المسؤولية المدنية عن الاضرار التي تسبب فيها أحد الأشخاص المختلين عقليا، لمواطنة نتيجة الاحجام عن إيداع المتسبب في الضرر داخل مؤسسة للأمراض العقلية طبقا لما يفرضه القانون.

حكم صادر بتاريخ 2011/06/02
ملف عدد : 2010/6/223
القاعدة : تعتبر السلطة المحلية مسؤولة عن إيداع المختلين عقليا بمؤسسات الأمراض العقلية حفاظا على السكينة العامة طبقا للظهير رقم :295 -58-1 الصادر بتاريخ : 1959/04/10
ثبوت كون الضحية تعرض لاعتداء جسدي في الشارع العام، من طرف أحد الاشخاص المختلين عقليا، تحميل السلطة الإدارية مسؤولية الحادث بسبب إحجامها عن إيداع المتسبب في الضرر لمؤسسة الأمراض العقلية كما يفرض عليها القانون ذلك – نعم –
وفي قرار صادر عن محكمة النقض :
المسؤولية المدنية عن أفعال المختل عقليا
قرار محكمة النقض عدد 546 بتاريخ 25 ماي 2022
لما كانت المسؤولية المدنية عن المكلفين برقابة المجانين ومختلي العقل تقوم على أساس الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، وكان الظاهر من أوراق الملف ومحتوياته أن الطاعن هو والد المتهم المعفى من المسؤولية الجنائية لأفعال محاولة القتل العمد والضرب والجرح بواسطة السلاح بسبب مرضه العقلي، وترتبت عنه أضرار للغير، فإن المحكمة المطعون في قرارها لما اعتبرته مسؤولا مدنيا عن أفعال ابنه المذكور، وقضت بحلوله محله في أداء التعويضات المحكوم بها لفائدة المطالب بالحق المدني، تكون قد طبقت أحكام الفصل 85 من ق ل ع تطبيقا سليما، مادام أن الطاعن لم يثبت شرط المراقبة الضرورية أمام عدم كفاية ما يدعيه في مطالبة الجهات المعنية بإيداع ابنه بمستشفى الأمراض العقلية قصد العلاج، مما يجعل قرارها معللا تعليلا كافيا وسليما، ولم تخرق القانون في شيء والوسيلة على غير أساس.
“مسؤولية السلطة المحلية” : هي مسؤولية تقصيرية تتحمل فيها السلطة المحلية مسؤوليتها عن كل اعتداء يتعرض له أي مواطن من طرف المختلين عقليا، لأن من واجبها الحفاظ على السكينة العامة والهدوء اللذان يشكلان وجه من أوجه الضبط الإداري، ويمكن تعريف الضبط الإداري على أنه مجموع القرارات الانفرادية التي تقيد حريات الأفراد وغالبا ما تكون في الأماكن العامة، هو إخلال لهذه السلطات بالتزام قانوني، وهنا يجب عدم الخلط بين الخطأ الشخصي الذي يرتكبه الموظف، وبين الخطأ المرفقي أو المصلحي، مع إشارة لأهمية العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، والتي تعتبر المعيار المحدد لقيام المسؤولية المدنية وانتفائها.
المادة 79 من ق ل ع : الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها، وهذا ما ينطبق على واقعة ابن أحمد فهو تقصير في حماية الأمن العام.

“الضبط الإداري المحلي” : ينحصر اختصاصه في الجهات والجماعات الترابية المختلفة بالمملكة، حيث يمارس عامل العمالة والإقليم سلطة الضبط الإداري المحلي داخل العمالة، أما بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية فإن سلطة الضبط مخولة لرؤساء تلك الجماعات، كما أن من خصائص هذا الضبط كونه إجراء وقائي، وأن تدخل السلطات المحلية من أجل إيداع المختلين عقليا بمؤسسة للعلاج، يروم على الحرص على تحقيق السكينة العامة والتي تعتبر من الاهداف التقليدية للنظام العام.

“الاختصاص” : ينعقد الاختصاص في دعوى التعويض عن الأضرار التي يتسبب فيها المختلين عقليا للمحكمة الإدارية، كون أن الخطأ هو خطأ مصلحي.

“التشريعات الدولية” : يعتبر الحق في الصحة النفسية والعقلية حقا أساسيا كونيا، وهو حق مكفول للجميع، وقد أقرت العديد من الاتفاقيات والصكوك الدولية، التي وقع وصادق عليها المغرب صراحة أو ضمنيا بالحق في الصحة، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 1-25 : لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 12)، واتفاقية حقوق الطفل (المادة 24)
واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (المادة 25)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المواد 10 و11 و14 ) واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (المادة 5).

هو سياق دولي يتسم باهتمام بالغ بالصحة النفسية والعقلية من طرف العديد من الدول، مما جعل المغرب بدوره يولي اهتمامه بالصحة النفسية والعقلية وذلك من خلال دستور سنة 2011 والذي أكد في ديباجاته مناهضة كافة أشكال التمييز أيا كان الوضع، كما جاء في المادة 31 منه : تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من الحق في :
– العلاج والعناية الصحية، على دور المؤسسات العمومية والجماعات الترابية في تسخير كافة الموارد المتاحة لولوج المواطنين والمواطنات بشكل عادل للحق في الولوج للخدمات الصحية.

الظهير رقم 1.58.295 الصادر في 21 شوال 1387 ( 30 أبريل 1959) الخاص بالوقاية والعلاج من الامراض العقلية وحماية المصابين بها، لم يخضع منذ
صدوره لأي تعديل، مما يفسح المجال لانتشار العديد من الممارسات والتجاوزات وبروز إكراهات عملية، بالإضافة إلى كونه لا يساير التطورات التي شهدها مجال الصحة العقلية والنفسية.
وهنا نتساءل لماذا إلى حدود الساعة بقي هذا الظهير بدون أي تعديل ؟
ولماذا تم سحب مشروع القانون 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وحماية حقوق الأشخاص المصابين بها ؟ والذي ظل بالمؤسسة التشريعية إلى أن تم سحبه من طرف رئاسة الحكومة في شتنبر 2023.

الظهير السابق ذكره، أعدته وزارة الصحة في عهد الوزير الحسين الوردي، وبقي حبيس الرفوف لمدة تقارب 7 سنوات، وجرت المصادقة عليه في مجلس الحكومة سنة 2015، وأحيل على لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب منذ 16 مارس 2016، وتم سحبه من طرف رئاسة الحكومة في شتنبر سنة 2023.
جاء في الفصلين 9 و 10 و 12 و14 و 17 و 21 و من الظهير الشريف رقم 1.58.295 الصادر في 21 شوال 1387 ( 30 أبريل 1959) الخاص بالوقاية والعلاج من الامراض العقلية وحماية المصابين بها.

– الفصل 9 تقع الإقامة في المستشفى إما :
أولا – بطلب من المريض
ثانيا – بطلب من كل شخصية عمومية أو خصوصية عاملة لفائدة المريض أو لفائدة أقاربه أو لفائدة النظام العمومي.

– الفصل 10 يوجه طلب الإقامة في المستشفى إلي الطبيب رئيس الإقليم أو العمالة (مصلحة الأمراض العقلية) ويوقع عليـه صاحبه ويتضمن هذا الطلب البيانات التالية : حالة المريض البدنية وحالته العائلية ومهنته ووسائل معيشته وعند الاقتضاء حالة الطالب المدنية ودرجة قرابته من المريض أو نوع علاقاته معه، ويشير الطلب بصورة مفصلة و واضحة إلى أحوال المريض الشاذة.

– الفصل 17 : يتخذ الباشا أو القائد في حالة خطر قريب الوقوع ثبته طبيب في شهادة أو يفشيه العموم التدابير اللازمة بشرط أن يخبر بذلـك العامل في ظرف أربع وعشرين ساعة، ويأمر العامل في ظرف ثمان وأربعين ساعة بوضع المريض تلقائيا تحت الملاحظة الطبية أو ينهى التدابير المؤقتة التي أمرت باتخاذها السلطة المحلية.
الفصل 12: يباشر الوضع تحت الملاحظة الطبية إما :
أ) بطلب من المريض
ب) بطلب من كل شخصية عمومية أو خصوصية تعمل لفائدة المريض أو لفائدة أقاربه
ج) إما تلقائيا بمقرر من العامل فيما إذا كان المريض يكون خطرا على أقاربه أو على النظام العمومي أو أصبح في حالة خلل عقلي تجعل حياته في خطر.

الفصل 21 : تتكفل الدولة بالعلاجات والأدوية الضرورية لمعالجة المريض الموضوع تحت الحراسة الطبية عندما يباشرها طبيب تابع للصحة العمومية.
الفصل 14 : لا يمكن أن تتجاوز مدة وضع المريض تحت الملاحظة الطبية خمسة عشر يوما.
(للمزيد من التفاصيل يرجى الرجوع إلى الظهير أعلاه)

بالرجوع إلى المادة 2 من مشروع القانون 71.13 الذي تم سحبه من طرف رئاسة الحكومة، هذه المادة عرفت الاضطراب العقلي، على أنه كل اضطراب نفسي عصابي أو عقلي ذهاني وارد في التصنيف الدولي للأمراض المعتمد من طرف منظمة الصحة العالمية في صيغته الأخيرة المعمول بها، ولا يشمل الاضطراب العقلي الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض عقلي تم تشخيصه طبيا.

نفس المادة ميزت بين الاستشفاء الإرادي واللاإرادي
الاستشفاء الإرادي : قبول مريض بمؤسسة استشفائية للصحة العقلية قصد علاجه، بناء على موافقته الصريحة والحرة والمستنيرة.

الاستشفاء اللاإرادي : إيداع مريض بمؤسسة استشفائية للصحة العقلية دون موافقته، في الحالات ووفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
كما أن هذا الاستشفاء يتطلب شرطين وفق ما نصت عليه المادة 32 من نفس القانون.

الشرط الأول : أن يوجد اضطراب عقلي واضح ذو خطورة معينة، يحول دون تمكن الشخص المعني من التعبير عن موافقته في الاستشفاء ويستلزم حراسة وعلاجات طبية داخل وسط استشفائي.

الشرط الثاني : أن يشكل الشخص المعني، اذا لم يتم علاجه، خطرا محتملا على حياته أو سلامته البدنية أو حياة الآخرين أو صحتهم أو سلامتهم البدنية، أو خطرا محتملا من شأنه الإخلال بالنظام العام.
الظهير الشريف السابق ذكره، لا يساير التطور الذي يشهده واقع الصحة العقلية والنفسية، والتطورات والتغيرات التي يعرفها المجتمع، إلى جانب التطور الذي شهدته كذلك التشريعات الدولية، ومجال حماية الحقوق والحريات الأساسية لفئة الأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية، حيث أنه يعود لسنة 1959، وفي حين أن هذا التأخر الحاصل في اعتماد أو تعديل القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، يطرح أكثر من علامة استفهام، في ظل تكرار وارتفاع حالات الاعتداء الخطير من طرف المختلين عقليا.

ويعد هذا المشروع بمثابة مراجعة للظهير رقم 295-58-1 المتعلق بـ الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المصابين بها، في وقت قد دعا فيه المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى إعادة النظر في المشروع قبل المصادقة عليه، وذلك بالتشاور مع الجمعيات المهنية، ونقابات أطباء الأمراض العقلية، والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية، وجمعيات المرتفقين والمجتمع المدني.

ويمكن القول أن المقاربة التشاركية تكتسي أهمية كبيرة، من خلال التشاور والاخذ بآراء الجمعيات المهنية، ونقابات أطباء الأمراض العقلية، والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية، كونهم ممارسين يحتكون بالقانون، ويعرفون سلبياته و إيجابياته، مع إشراك جمعيات المرتفقين والمجتمع المدني، مما ينعكس ايجابا على تجويد النص القانوني، الذي بقي حبيس الرفوف لما يقارب 7 سنوات، حيث طرحت في العديد من الأحيان إشكالات على مستوى النص والواقع العملي، مادام أن الظهير يعود لسنة 1959 ( ظهير رقم 295-58-1 صادر في 21 شوال 1378 الموافق ل 30 أبريل 1959)، الشيء الذي يطرح أكثر من إشكالية.

“تشريعات داخلية” : باعتبار أن الاضطراب العقلي ينتج عنه قيام الشخص بمجموعة من التصرفات والسلوكيات الغير المتحكم تشريعات داخلية من بينها مدونة الأسرة، رفعت الحرج واعتبرت الشخص عديم الأهلية في حالات، و ناقص الأهلية في حالات أخرى، فيما يصدر عنه من أعمال مضرة أو نافعة به، أو تدور بين النفع والضرر، و بالتالي تكون قد عملت على توفير الحماية القانونية اللازمة له من جراء أفعاله التي يغيب فيها عنصري الإدراك و الإرادة، لعدم قدرته على التمييز بين المصلحة والضرر، وذلك من خلال الفصول 212، 217… .

“خصاص في الموارد البشرية والبنيات التحتية” : يعاني المغرب، من نقص في عدد الأطباء المختصين بالصحة النفسية، حيث لا يتجاوز العدد طبيباً واحداً لكل 100,000 نسمة، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 1.7 طبيب لكل 100,000 نسمة، والمعدل الأوروبي الذي يصل إلى 9.4 أطباء لكل 100,000 نسمة.

في سياق تصريح رئيس مصلحة الصحة النفسية والعقلية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية : أكد على وجود اختلالات مهمة تتمثل في ضعف الموارد المالية، من بينها ضعف الانفاق العمومي على الصحة العقلية، حيث يصل إلى 2 دولارات في السنة ويصنف المغرب من بين البلدان ضعيفة الانفاق على الصحة العقلية والنفسية.

ويبلغ عدد الأطباء المختصين في الطب النفسي حوالي 580 بين القطاع العام والخاص، 260 طبيبا في القطاع الخاص، و320 في القطاع العام، و 1700 ممرض، وفي الواقع تطرح إشكالية الفوارق بين الجهات، والتوزيع الجغرافي للموارد البشرية، حيث تتمركز هذه الموارد البشرية بالمدن الكبيرة مثل مراكش، الدار البيضاء، طنجة، الرباط، ويلاحظ أن توزيع عدد من الممرضين في مؤسسات صحية لا علاقة لها بالصحة العقلية، مما يحد من إمكانية ولوج الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات إلى العلاج.

“خريطة البنية التحتية المتعلقة بالصحة العقلية بالمغرب” :
11 مستشفى عمومي للأمراض العقلية
14 مصلحة داخل المستشفيات العمومية
2500 سرير تتوزع بين القطاع العام والخاص

الصحة العقلية وخريطة العرض الصحي :
يعرف العرض الصحي بالمغرب نقص حاد في عدد الأسرة حيث لا يتعدى 2330 سريرا، وأمام ضعف الطاقة الاستيعابية للعديد من المستشفيات والتي لا تمكنها من استقبال العديد من المرضى، نكون أمام واقع عدم ايواء هؤلاء المرضى وبالتالي الشارع وجهتهم الأخيرة، هو واقع يعرف تزايد طلبات الاستشفاء في المقابل ضعف عدد الأسرة

معطيات كان قد قدمها المرصد الجهوي للصحة بجهة طنجة تطوان – الحسيمة خلال جلسة انصات نظمت بتاريخ 29 يناير 2021 من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، متوسط معدل الإيواء بالمؤسسات الاستشفائية فيما يتعلق بالأمراض العقلية يبلغ % 115 مع تسجيل رقم قياسي على مستوى عمالة طنجة – أصيلة بلغ %197.
“المرض النفسي والعقلي : تداخل كل ما هو بيولوجي وسيكولوجي واجتماعي”
وحسب التقرير الصادر عن المجلس الاعلى للحسابات أن تغطية المؤسسات الاستشفائية الخاصة بالطب النفسي متفاوتة مجاليا، ولا تتعد 50 % من العمالات والأقاليم.

وكما سبق وأن قيل أن عدد المؤسسات الاستشفائية الخاصة بالطب النفسي في القطاع العام تبلغ حوالي، 43 وحدة منها 11 مستشفى للأمراض النفسية، و32 مصلحة للطب النفسي مدمجة في المستشفيات العمومية، في حين أن القطاع الخاص يقتصر على 4 مصحات، مع غياب مستشفيات خاصة بكبار السن والأطفال.

التقرير كشف عن طاقة استيعابية للطب النفسي بلغت حوالي 2466 سريرا بالقطاع العمومي، بمتوسط كثافة تقدر بحوالي 6.86 سرير لكل 100 ألف نسمة، أي دون المتوسط العالمي البالغ 10.8، ويسعى مخطط الصحة لسنة 2025 إلى بلوغ 10 أسرة لكل 100 ألف نسمة بحلول سنة 2025، أما على المستوى الجهوي فتتركز 48 % من الطاقة الاستيعابية للقطاع العمومي في جهتي الدار البيضاء، سطات، ومراكش أسفي ( يرجى الرجوع إلى تقرير المجلس الاعلى للحسابات 2023 2024 للمزيد من التفاصيل).

العرض الصحي بالمغرب لا زال يعرف نوعا من الضعف، سواء على مستوى الموارد البشرية المؤهلة والبنيات التحتية والطاقة الاستيعابية، بالإضافة إلى أن هذه الموارد البشرية سواء منها الطبية أو الشبه الطبية، عرضة للاعتداءات من طرف المرضى، العنف اللفظي، العنف الجسدي…، (يمكن الرجوع إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2023).

“المجلس الاعلى للحسابات” : في التقرير الصادر عن هذا المجلس سنة 2022- 2023 أكد على أن الخطط والاستراتيجيات الوزارية في مجال الصحة العقلية، تم تنفيذ جزء منها جراء إكراهات عدة من بينها : ما هو مرتبط بالهيكلة، والاكراه الأساسي والذي سبق لنا وأن تطرقنا فيه في هذا المقال، وهو عدم ملاءمة النصوص القانونية المعتمدة، ونقصد بها للظهير رقم 295-58-1 المتعلق بـ الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المصابين بها.

كما أن هذه النصوص القانونية ركزت على أساليب الاستشفاء، والتي تم ذكرها سابقا، دون التطرق لأساليب الرعاية الأخرى كمؤسسات العلاجات المتنقلة، كما أن هذه النصوص تؤطر العلاج النفسي في جانبه الطبي فقط، دون تناول مكوناته المرتبطة بتفاعله في مجالات الرعاية الاجتماعية من أجل إعادة التأهيل واعادة الادماج، الضروريين لاستمرار العلاج، مع اعتبار أن العلاج لا يمكن حصره في الجانب الطبي فقط.

مسألة في غاية الأهمية ذكرها التقرير، وهي تعدد المتدخلين في مجال الصحة العقلية، وهذا يطرح جانبين : جانب إيجابي وآخر سلبي
الجانب الإيجابي : والذي يعزز من وضع استراتيجيات محكمة تخص مجال الصحة العقلية، في إطار مقاربة تشاركية متعددة القطاعات، تروم إلى حكامة وضع الصحة العقلية بالمغرب، في ظل توصيات صادرة عن منظمة الصحة العالمية والتي تؤكد على أهمية اتخاد الاجراءات في إطار تشاركي متعدد القطاعات، وهذا لا يفهم منه إلا السعي نحو تحقيق نجاح في مجال الصحة العقلية بتنسيق وتعاون مع متخلف القطاعات المتدخلة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

الجانب السلبي : كما بينه التقرير ، الواقع العملي يكشف عن نوع من ضعف شراكات بين وزارة الصحة والقطاعات الوزارية الأخرى ذات الصلة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والجمعيات النشيطة في مجال الصحة العقلية، كشف التقرير كذلك عن العديد من أوجه الضعف من بينها قصور في أنظمة المراقبة والرصد، ضعف المراكز الصحية في مجال الصحة العقلية… . ( يمكن الرجوع إلى تقرير
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2022- 2023.

“انعكاسات أزمة كوفيد على الصحة النفسية”
لا ينكر أحد على أن أزمة كوفيد 19 خلفت تداعيات نفسية شديدة على الصحة النفسية والعقلية لدى العديد من المواطنين، جراء أوضاع اجتماعية واقتصادية حرجة عاشتها العديد من الأسر المغربية، البطالة، وعدم الاستقرار المادي…، هذه التداعيات النفسية لم تعد مرتبطة بفترة وجيزة من الحجر الصحي، ولكنها صاحبت هؤلاء الأفراد لمدد طويلة من الزمن، منها القلق والتوتر، التفكير المستمر، الخوف، الشك، والتي لا زال يعاني منها بعض الأفراد لحدود الساعة.

إلى جانب انتشار العديد من الأمراض النفسية، من بينها الاكتئاب والانتحار ومحاولات الانتحار، نتائج بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في أبريل 2020 أن 49.4 % من المستجوبين صرحوا بأنهم عانوا من القلق خلال فترة الحجر الصحي، فيما عانى 40.9 % من الخوف، 26.6 % من الشعور برهاب الأماكن المغلقة، و 24.4 % من تعدد أنواع الرهاب، و 23.7 من % من اضطراب النوم، و 8.5 من الملل، و 7،5 من فرط الحساسية العصبية، و5.9 % من الاكتئاب، ( للمزيد من المعطيات يرجى الرجوع إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2022).
تداعيات أزمة كوفيد 19 كانت أكثر حدة على الفئات الهشة من المجتمع، لا سيما الأطفال، والأشخاص في وضعية إعاقة، النساء ضحايا العنف، وزادت من مظاهر الهشاشة والفقر وأشكال العنف والتمييز والفوارق الاجتماعية، منظمة الصحة العالمية أشارت أن التدابير الرامية إلى مكافحة جائحة كوفيد 19 زادت من تفاقم وانتشار العديد من الأمراض النفسية، وشملت حتى الاشخاص الذين تم إيداعهم في مستشفيات الطب النفسي، حيث لوحظ عليهم عزلة أكثر مما كانوا عليها في السابق، في المقابل بعض الأسر المتوسطة والميسورة الحال، قد لجئت إلى الطب النفسي، وعيا منها بأهميته في الحفاظ على التوازن النفسي في مثل هذه الفترة.

“الانتحار ومحاولة الانتحار” : وفقا لمنظمة الصحة العالمية، جاء الانتحار في الرتبة 13 من بين أسباب الوفيات في العالم لدى مختلف الفئات العمرية ( للمزيد من الأرقام يرجى الرجوع إلى تقرير المجلس الاقتصادي والبيئي ـ الصحة العقلية وأسباب الانتحار بالمغرب ـ

أرقام الانتحار بالمغرب : من خلال البحث واجهنا صعوبة فيما يخص وجود دراسات رسمية متعلقة بحالات الانتحار بالمغرب، في نفس الوقت نتساءل عن سبب غياب هذه الدراسات ؟

سؤال كتابي وجهته السيدة النائية فدوى محسن الحياني في موضوع : “المقاربة الحكومية الخاصة للحد من ظاهرة الانتحار”
مرجع السؤال لمن أراد الإطلاع، ويضم أيضا جواب الوزارة : ( للبحث يمكنكم ولوج موقع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان).
مجلس النواب
الفريق الحركي
رقم السؤال : 3655 بتاريخ 25 فبراير 2023
السيدة النائبة : فدوى محسن الحياني
القطاع المعني : وزارة الصحة والحماية الاجتماعية

جواب الوزارة :
نسبة الانتحار بالمغرب : تؤكد الوزارة ما سبق لنا ذكره، وهو عدم وجود دراسة وطنية علمية شاملة، حول ظاهرة الانتحار بالمغرب، إلا أن تقييم الوضعية الذي قامت بها الوزارة سنة 2019 بخصوص السلوكيات الانتحارية، أظهرت أن هنالك بعض للدراسات المتفرقة والمحدودة والتي استخلصت مما يلي :

احصاءات متعلقة باستعمال المواد الكيمائية السامة (المبيدات الحشرية)، والتي صرحت بها وزارة الصحة، من الوسائل الشائعة المستعملة في الانتحار ومحاولة الانتحار بالمغرب، فيما تقدر نسبة انتشار محاولات الانتحار بحوالي 2.1 بالمائة ضمن الساكنة العامة بمنطقة الدار البيضاء، ونسبة انتشار محاولات الانتحار بحوالي 6.5 بالمائة في أوساط تلاميذ الإعداديات المغربية، كما تبين أن 12 في المائة من الجثث التي تم تشريحها بمركز الطب الشرعي بالدار البيضاء سنة 2017 كان سبب وفاة أصحابها هو الانتحار، وأنه تم استشفاء 43 حالة محاولة انتحار عند الأطفال أقل من 14 سنة في ظرف سنتين بمصلحة الطب النفسي للأطفال والمراهقين التابع للمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء. ومن جهة أخرى تقوم منظمة الصحة العالمية بتقديرات دورية لنسبة الانتحار بالمغرب التي تقدر بـ 7.2 حالة لكل 100.000 نسمة (2019).

وحول تطور الظاهرة بالمغرب، أشارت الوزارة إلى انخفاض معدلات الانتحار لدى كلا الجنسين ما بين 2019 و2000، إذ انخفضت من 9.9 حالة (لكل 100.000 نسمة) سنة 2000 إلى 7.2 حالة (لكل نسمة) سنة 2019.
وبحسب المصدر ذاته فإن الهدر المدرسي والخلافات العائلية والعنف الجنسي من السوابق الشخصية الشائعة عند الأطفال الذين قاموا بمحاولة الانتحار، وتم استقبالهم بمصلحة المستعجلات بمستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط بين 2012 و2015.

سؤال كتابي كان قد تقدم به أيضا السيد النائب البرلماني المهدي الفاطمي في موضوع : ” الصحة النفسية بالمغرب وأخطار الإهمال سفاح ابن أحمد نموذجا”

“علاقة المعتقد الديني بظاهرة الانتحار”
الجانب الروحي، و لعل أن الحديث السائد في المجتمع، هو أن أسباب الانتحار ترجع إلى ضعف الايمان أو البعد عن الله، ولعل أن تسبيب هذه الظواهر من منطلق أو خلفية الحكم الشخصي لا يستقيم، بدون أن يكون لهذا الرأي أساس ديني أو علمي سليم، فالعديد من حالات الانتحار شملت أيضا أئمة مساجد…، أسباب الانتحار قد تختلف من شخص لآخر، أسباب إج، إق، نفسية…، مع العلم أن الأمراض العقلية سببها خلل في عضو من أعضاء الجسم، وهو الدماغ، خلل في وظيفة الدماغ، في المقابل تطرح مسألة في غاية الأهمية، وتهم محاولات الانتحار التي يقوم بها أشخاص لا يعانون من أي اضطراب نفسي أو عقلي، ولكن عوامل إج، إق.. كانت هي السبب، وفي هذه الحالة، فالدين الاسلامي كان صريحا بتجريم قتل النفس واعتبرها من كبائر الذنوب، كما أن المذاهب الأربعة حرمت الانتحار، واعتبرت هذا الفعل سببه القنوط من رحمة الله، وأن صاحب النفس لا يملك الحق في إعدامها، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، وتحديدا في سورة البقرة، بسم الله الرحمن الرحيم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.
هذه الآية الكريمة هي دعوة صريحة، من أجل تجنب الوقوع في فخ اليأس والقنوط والتسخط، والتحلي بالرضا الصادق بقضاء الله وقدره.
“تعريف الانتحار يختلف من شخص لآخر، فهناك من يعتبره سبيلا للخلاص من العذاب، وهناك من يعتبره شيئا آخر”
“ظاهرة الانتحار بالمؤسسات السجنية” : أفادت المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن الدراسات الدولية تكشف أن معدلات الانتحار والمس بالسلامة الجسدية في أماكن الاعتقال هي أعلى من المعدلات المسجلة وسط عموم السكان.

تعاطي المخدرات : نزلاء أقل من 17 سنة يتعاطون المؤثرات العقلية، الرجال يبلغ عددهم 17، بين 18 و 20 سنة رجال 182 والنساء 23، البالغون الرجال. 5901 النساء 381، المجموع حسب الجنس، الرجال 6100، النساء 404، المجموع 6504.
(للمزيد من المعطيات يرجى الرجوع إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي)

إشكال خصاص الأطباء النفسيين يطرح مرة أخرى على مستوى المؤسسات السجنية، حيث يلاحظ عزوف وعدم إقبال الأطباء العمل بالمؤسسات السجنية، في سياق الارتفاع المهول لعدد السجناء.
التقرير السنوي عن حالة حقوق الانسان بالمغرب لسنة 2023 : والذي جاء فيه يلاحظ المجلس باستمرار حبس أشخاص صدرت في حقهم مقرارات قضائية بانعدام المسؤولية الجنائية، بالإضافة إلى أشخاص ٱخرين مصابين بأمراض عقلية ونفسية، وقد بلغ مجموع المصابين بهذه الأمراض بالمؤسسات السجنية خلال سنة 2023 ما مجموعه 12105، وهذا بدوره له ارتباط وثيق بموضوع ترشيد
“إكتظاظ السجون يؤثر بشكل كبير على الحق في الولوج إلى الرعاية الصحية النفسية” الاعتقال الاحتياطي، والتضخم التشريعي…، بالإضافة إلى أن بعض النزلاء قبل الاعتقال لم تكن تظهر عليهم أي أعراض إصابة بمرض عقلي أو نفسي، في المقابل بعض النزلاء يعمد البعض منهم على ادعاء واظهار سلوك يتسم بالعنف أو الاضطراب العقلي، رغبة منه في إيداعه بمؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، قصد الافلات من العقوبة الحبسية، كما أن هناك من يعمد من الأقارب على الحصول على بعض الإمتيازات الغير المشروعة كالحجر على ممتلكات شخص ما، واتهامه بأنه يعاني من اضطراب عقلي.

“المرصد المغربي للسجون” : كشف أن عدد المستفيدين من الحملات الطبية الخاصة بالأمراض العقلية والنفسية من السجناء المغاربة لم يتجاوز 788 من أصل 6804 سجين، أي 11.52 في المائة من إجمالي السجناء الذين يعانون من أمراض نفسية وعقلية.
وأضاف المرصد، في تقريره السنوي حول “وضعية المؤسسات السجنية والسجينات والسجناء بالمغرب سنة 2022″، أنه استنادا إلى الأرقام الصادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فإن 6804 سجين وسجينة يعانون من الأمراض النفسية والعقلية وهو ما يشكل 7 في المائة من الساكنة السجنية كاملة.

واعتبر المرصد أن هذه الأرقام “مقلقة” وأن “هذا النوع من الأمراض يحتاج إلى أطباء متخصصين لمتابعة ومراقبة السجناء المصابين به بشكل قريب ودائم” مشددا على ضرورة “توفير الأدوية الخاصة بكل مصاب وبكل مظهر من مظاهر الخلل وبكل درجة من مستوياته المختلفة”.

وأشار التقرير السنوي للمرصد أنه سبق للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن تطرقت في تقريرها برسم سنة 2022 إلى الخصاص الذي يعاني منه القطاع العام، وتعاني منه كذلك المؤسسات السجنية بخصوص الموارد البشرية العاملة في قطاع الطب النفسي كالأطباء النفسيون وأخصائيو الإدمان وغيرهم من المتخصصين، وعن الصعوبات التي تواجه المؤسسات السجنية في رعاية هذه الفئة من السجناء، ذكَّر المرصد بأن المندوبية العامة لإدارة السجون تواجه تحديات في رعاية الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية حادة وخصوصا “المحكومين منهم بانعدام المسؤولية”.

“تقرير المرصد المغربي للسجون لسنة 2023”
العدد الذي بلغه السجناء متم دجنبر من سنة 2023 ينبغي التعاطي معه بجدّية ونبه التقرير ذاته إلى ضرورة إيجاد حل الفوري لمعضلة السجناء ذوي الأمراض النفسية والعقلية.

“الإدمان على المخدرات حرب على الصحة العقلية والنفسية”
تتزايد بشكل مقلق ظواهر الادمان على المخدرات بشتى أنواعها، وانتشرت العديد من الظواهر الاجرامية، والسلوكيات الإدمانية المرتبطة أساسا باستهلاك المخدرات، وليس هناك مجال للشك أن هذه المخدرات لها تأثير جدي وخطير على الصحة النفسية والعقلية، هو تحدي أو حرب تخوضها دول العالم بأسرها، الإدمان على المخدرات والمواد ذات التأثير العقلي والنفسي، هي حالة مرضية وظاهرة اجتماعية تنخر المجتمعات، هذه السلوكيات تنتشر في أوساط مختلفة من بينها : الوسط المهني، الرياضي، المدرسي… .
حسب العديد من الدراسات، تعاني العديد من النساء من حالات الإدمان المفرط على المواد ذات التأثير العقلي والنفسي، ( مضادات الاكتئاب، المخدرات، الكحول)، وكما بينت الدراسات السريرية أن آثار المواد ذات التأثير النفسي والعقلي أخطر على الصحة عند النساء، كما أن النساء قد يكن أكثر ميلا إلى تناول أدوية بناء على وصفات طبية، مثل مسكنات الألم والأدوية المهدئة لأغراض غير طبية.
“الادمان في صفوف نزلاء المؤسسات السجنية”
لطالما شكلت الهشاشة النفسية والاجتماعية أحد أهم الأسباب الرئيسية للإدمان على المخدرات، ناهيك عن العديد من الضغوطات النفسية المرتبطة بالحرمان من الحرية، وإشكالية الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجينة.
حسب التقرير الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يشكل الأشخاص المحكوم عليهم قضائيا، على خلقية قضايا مرتبطة بالمخدرات 18 % من مجموع النزلاء المدانين و34 % من النزلاء الجدد.
كما أن حوالي 13.45 % من السجناء مدمنون على تعاطي أربعة أصناف من المخدرات القنب الهندي بنسبة31.88%
المؤثرات العقلية 11.91، الهيروين 5.76%، الكوكايين بنسبة 4.24.
كما ذكر التقرير ضعف ولوج السجناء إلى خدمات العلاج من الإدمان، فمن أصل 76 مؤسسة سجنية،10 فقط تتوفر على وحدات لعلاج الإدمان منها 5 توفر العلاج
TSO ببدائل الأفيونات
“إحصاءات” : القنب الهندي : يحتل المرتبة الثانية بعد التبغ ضمن المؤثرات العقلية الأكثر استهلاكا بالمغرب، وأظهر البحث الوطني حول انتشار الاضطرابات النفسية الذي أجرته وزارة الصحة في المغرب سنة 2005، انتشار تعاطي القنب الهندي بين الساكنة بنسبة 4.94%، في حين كشف المرصد المغربي للمخدرات والإدمان، في آخر تقرير صدر له سنة 2014، أن عدد متعاطي القنب الهندي بلغ 800.000 شخص، وقد تجاوز هذا الرقم بكثير اليوم، حيث ينتشر استهلاك هده المادة بشكل أكبر في صفوف الشباب بنسبة بلغت 9 % سنة 2017.
تبقى الأرقام السالفة الذكر، غير دقيقة كونها لم تخضع للتحيين، مما يكون معه ضرورة وأهمية تحيين مثل هذه المعطيات من قبل المراصد، لخلق صورة متكاملة واضحة عن نسب الادمان بالمغرب.
“إدمان الأدوية ذات التأثير النفسي والعقلي والمواد المسماة منتجات اصطناعية”
قبل الحديث عن هذا النوع من الأدوية، يجب في بداية الأمر أن نؤطر تعريفا خاصا، للعقاقير أو الأقراص ذات التأثير النفسي أو العقلي، والتي عرفتها منظمة الصحة العالمية : على أن المؤثرات العقلية هي مادة تؤثر على العمليات العقلية مثل الإدراك والعاطفة، وتصنف المؤثرات العقلية إلى ثلاث فئات رئيسية :
المنبهات
المثبطات ( منع تفاعل أو وظيفة أو نشاط)، وهي مواد تعمل على تثبيط عمل الجهاز العصبي المركزي والإشارات التي تنتقل من الدماغ وإليه، تخفض سرعة نبضات القلب والتنفس، من أهم أنواعها : / المخدرات
المهلوسات : هي مواد يؤدي تعاطيها إلى الهلوسة، وهي عبارة عن خلل في الإدراك السمعي (هلوسة سمعية) أو المرئية (هلوسة بصرية) أو الحسية (هلوسة حسية.
Hallucination
وقد عرفت منظمة الصحة العالمية الهلوسة على أنها إدراك خاطئ للواقع، حيث يرى الشخص أو يسمع أو يرى أو يشم أو يتذوق أشياء غير حقيقية، أي هو اضطراب تعاطي المواد المخدرة، الذي يؤثر بدوره على سلوك الشخص وعدم قدرته على التحكم في أفعاله، ومسألة في غاية الأهمية يجب الاشارة إليها، أن حاجة الشخص من جرعات من المخدرات تزداد كل مرة، للوصول إلى الشعور بالنشوة.
“العقاقير الطبية تحت المراقبة” : هي عقاقير تستخدم لأغراض طبية بجرعات محددة و مراقبة تحت إشراف طبي، و لكن في حال إساءة استخدامها تسبب تأثيرات عقلية و تؤدي إلى الإدمان و مضاعفات خطيرة على الصحة، ومنح هذه العقاقير بدون وصفة طبية أو لأغراض غير العلاج يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.
تم تأكيد طبي على أن هناك ارتباط وثيق بين الإدمان على المخدرات ومرض الذهان، هذا المرض الذي تم تعريفه كونه حالة من تشوش في التفكير والإدراك، ونطاق غير سليم من العواطف، قد يصاحبه عدم اتساق أو ترابط في الحديث، بالإضافة إلى احتمال وجود هلاوس ( سماع أصوات، رؤية أشياء غير موجودة) أوهام، شكوك غير مبررة ومفرطة، كما يمكن ملاحظة شذوذ شديد في السلوك، مثل السلوك المضطرب، والهياج، أو الإثارة، أو الخمول، أو فرط الحركة، ويمكن كذلك ملاحظة اختلال في العواطف، مثل اللامبالاة الواضحة أو الانفصال بين العاطفة والأثر الملاحظ لها، ( مثل تعبيرات الوجه ولغة الجسد).
“المغاربة بين العلاج بالطب الحديث والعلاج بالطرق التقليدية” : لا تزال ثقافة الصحة النفسية والعقلية بالمجتمع المغربي، غائبة نوعا ما، حيث يعتبر الشخص المريض عقليا أو نفسيا أو الذي يعاني من اضطراب مثل الاكتئاب، أو اضطراب ثنائي القطب، أو الشخص الذي يتابع علاجه لدى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي، شخص غريب عن المجتمع، و تشار له بالأصابع ويكون محط نظرات سلبية، وهو نوع من الوصم الاجتماعي، ردة فعل المجتمع هذه ناتجة عن غياب الوعي، بالإضافة إلى حمولة ومعتقدات وأفكار تتسم بنوع اللامنطق واللاعلم، ولا تقتصر هذه الأفكار على أفراد المجتمع فقط، بل تشمل عائلات المرضى وطرق العلاج التي يقدمون على تتبعها، من العلاجات التقليدية التي تعتبر نتاج عدة قرون بالمغرب، حيث تتخبط هذه العائلات وتتمايل بين علاجات تقليدية قديمة، وبين ممارسات ومعتقدات وطقوس غير منطقية، يغيب فيها العقل والمنطق.
“زيارة الأضرحة” : تعتبر المحج الثاني بعد الزيارات التي تقدم عليها العائلات تجاه تجار الوهم، من المشعوذين، والمنجمين والنصابين، حيث يوهمون هذه العائلات أن هذه الاضطرابات في السلوك، نتيجة قوى من الجن تسيطر على المريض، أو أنه تعرض لعمل سحر خبيث، أو…، زيارة الأضرحة أو المواسم، أو التبرك من شجرة، أو الغسل بمياه يعتقد أنها مباركة وتحقق الشفاء، أو زيارة أماكن يعتبرونها مقدسة، ظنا من هذه العائلات طالبة العلاج، أن هذه الأماكن توفر المعرفة العلاجية التي يحتجونها، العديد من الممارسات والطقوس والتي تنتشر في هذه الأماكن، من تقديم ذبائح وقرابين، ممارسات ومعتقدات ظننا أننا قطعنا معها، لكن الواقع أبان عن العكس.
“علاجات أخرى تنتقل بشكل شفهي بين العديد من أفراد المجتمع، فوائد بعض الأعشاب…، الوصفات، ويشمل هذا أيضا بعض المشتقات الحيوانية، والمعادن”.
العديد من الطقوس والممارسات والتي اعتبرها البعض علاجات، سواء تلك الممارسة في بعض الزوايا والأضرحة، والتي نقول أنها لم تعد ذات قيمة دينية أو رمزية حيث يعتبر المغرب بلد الألف ولي، بل أصبحت هذه الأماكن تنعت كونها أمكنة تمارس فيها الشعوذة ومظاهر أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تخالف المنطق والعلم، وهذا يشمل أيضا المدن والقرى التي تتواجد بها هذه الزوايا والأضرحة، وعوض أن تعرف وتشتهر هذه المدن أو القرى أو هذه المناطق بمعالمها الأثرية وصفات كرم ساكنيها، ومميزات تعود على هذه المناطق بالنفع وترفع من التنمية، لا، بل لا تكاد تعرف إلا باسم زاوية أو ضريح أو صخرة أو شجرة، لا تنفع ولا تضر، وتصبح هذه المناطق محط إتهام، في حين أن هذه الزوايا والأضرحة تتصف بتاريخ عريق جدا.
في المقابل تكلفة وصعوبة الولوج إلى العلاج الطبي وغياب الثقافة الصحية، وضعف العرض الصحي، وأسعار الأدوية الباهظة، وغياب الأسرة، والمواعيد الطويلة، العجز المادي أما العلاج بالمصحات الخاصة، فالعلاج مكلف جدا فيها، وفي بعض الأحيان بعض الأمراض لا تخضع لنظام التغطية الصحية، ومشاكل أخرى جمة…، أبرزها تأخر التشخيص الذي يعتبر نتاج مجموعة من الأسباب التي ذكرناها أعلاه، يجعل حالة المريض تتفاقم، هي واقع لا يمكن إنكاره، يجعل العديد من الأسر تلجئ إلى هذه الممارسات والطقوس البديلة، حيث يصبحون يلتمسون العلاج في كل شيء، يمكن القول على أن بعض العائلات قد وصلت إلى حالة انقطعت بها السبل، ويرون في هذه الزوايا والأضرحة بصيص من الأمل، ولا تجد غير طرق العلاج التقليدية، أو بعض الممارسات والطقوس الخاطئة في نظرنا، والصحيحة والمنطقية في نظرهم هم، بعض الطقوس والممارسات تحط من كرامة وإنسانية المريض، بل وتمتد إلى المس بسلامته الجسدية والنفسية والعقلية، ولعل “بويا عمر” هو الشاهد الرئيسي على ذلك، ( أغلق بويا عمر سنة 2015، وزير الصحة أنذاك الوردي).
العديد من الأسر ممن تحولت منازلهم لمعتقل، حيث قاموا بسجن مرضاهم، خوفا من أن تشار لهم الأصابع، وهي وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي أو العقلي والتي تحدثنا عنها سابقا، تكبيل وحجز هذا المريض لا يزيد إلا من تفاقم وضعيته الصحية، وقد يصبح أكثر عنفا مما كان عليه، العديد من المختلين الآن ممن يعيشون حالة من التشرد في المدن والقرى، ويشكلون بذلك تهديدا جديا لسلامة وأمن الاشخاص والممتلكات.
“الصحة النفسية والعقلية بالمغرب في أرقام” : كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي عن احصاءات تتعلق بالصحة النفسية والعقلية للمغاربة، أكد أن نصف السكان تقريباً يعانون أو سبق لهم أن عانوا من اضطرابات نفسية، حيث أظهرت الدراسات الرسمية أن 48.9% من المغاربة قد عانوا من اضطرابات نفسية في مرحلة ما من حياتهم، توزعت على اضطرابات مختلفة تشمل الاكتئاب بنسبة 26%، واضطرابات القلق بنسبة 9%، والاضطرابات الذهانية بنسبة 5.6%، ومرض الفصام بنسبة 1%.
“تجدر الإشارة أن هذه النسب لا تكشف الوضعية الحقيقية للصحة النفسية والعقلية بالمغرب، فالعديد من المغاربة ممن يعانون في صمت”
“الاضطرابات النفسية من بين العوامل المؤدية للانتحار حسب منظمة الصحة العالمية”
عدد حالات الانتحار بالمغرب كانت بفعل الاكتئاب أو الاضطراب المزاجي ذي القطبين أو كل حالات الذهان، ويمكن القول على أن هناك استخفاف مجتمعي بظاهرة الانتحار، حيث يعتبرها ضعف روحي في جميع الاحوال، الشيء الذي يفاقم من حدة انتشار هذه الظاهرة.

المجلس الوطني لحقوق الانسان : في تقريره لسنة 2022، أكد على أن أغلب الأمراض النفسية والعقلية لازالت تصنف كطابوهات أو غير معترف بها كأمراض، حيث يتم اللجوء إلى أساليب الشعوذة والدجل لمعالجة بعض المرضى.

في التقرير أعاد المجلس الوطني لحقوق الانسان التذكير بالخلاصات الأساسية للبحث الذي أجراه سنة 2012 حول مؤسسات الصحة العقلية :
الصحة العقلية لا تزال لا تحظى بالأهمية التي تستحق في السياسات العمومية الصحية
تقادم القانون المنظم للصحة النفسية والعقلية والقوانين المرتطبة به.
ضعف وعدم ملائمة البنيات الاستشفائية سواء من حيث هندستها المعمارية وتجهيزاتها، أو من حيث توزيعها الجغرافي الغير متكافئ.
ضعف جودة التكفل بالمرضى النفسيين والعقليين بسبب ضعف الخدمات الطبية والغير الطبية المقدمة في المستشفيات، إضافة إلى ظروف الإيواء الصعبة، وغياب العلاجات التخصصية الموجهة لفئات معينة من المواطنين، ( الأطفال، المراهقين، والمسنين)، وعدم توفر الجيل الجديد من الأدوية التي تتميز بفعالية أكبر وبمضاعفات جانبية أقل.

مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية تسجل نقصا حادا في بنيات الاستقبال، من مراكز صحية وقائية، أو أجنحة خاصة بالمستشفيات العمومية، كما أن التجهيزات المتوفرة متقادمة أو معطلة أو غير ملائمة.

إلى جانب توصيات أخرى وأرقام، ولكن الغالب عليها أنها تعود لسنة 2012، وهذه هي الإشكالية التي تطرقنا لها، وهي المتعلقة بغياب أرقام ومعطيات محينة رسمية.

“وزارة الصحة والحماية الاجتماعية”
يوم الثلاثاء 29 أبريل أعلن وزير الصحة أمين التهراوي، بمجلس المستشارين، عن انطلاق الإعداد لاستراتيجية وطنية في مجال الصحة النفسية والعقلية بمختلف أبعادها، وأن الوزارة تواكب إصلاح المنظومة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالصحة النفسية من خلال مراجعة الإطار القانوني للصحة العقلية ووضع بروتوكولات علاجية للاضطرابات ذات الأولوية. جاء هذا التصريح بناء على سؤال شفهي تقدم به الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، خلال جلسة الأسئلة الشفوية.

وأكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن الوزارة انخرطت في تعزيز العرض الصحي المتخصص رغم الإكراهات المرتبطة بقلة الموارد البشرية المختصة وتوزيعها غير المتكافئ، مبرزا أن عدد الأطر المختصة في مجال الصحة النفسية والعقلية بلغ 3230 مهنيا صحيا حتى سنة 2025.

وأوضح الوزير أن هذه الأطر تتوزع بين 319 طبيبا متخصصا في الطب النفسي بالقطاع العام و274 بالقطاع الخاص، بالإضافة إلى 62 طبيبا متخصصا في طب نفس الأطفال بالقطاع العام و14 بالقطاع الخاص، و1700 ممرضا متخصصا في الصحة العقلية بالقطاع العام.

وأشار إلى تخصيص 123 منصبا ماليا خلال سنتي 2024-2025 لفائدة القطاع، منها 34 طبيبا مختصا في الطب النفسي و89 ممرضا متخصصا في الصحة العقلية، مضيفا أن الوزارة عملت على رفع عدد المقاعد البيداغوجية بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، والتنسيق مع قطاع التعليم العالي لتفعيل لجان التكوين التطبيقي الجهوي، وتفعيل الاتفاقية الإطار الموقعة سنة 2022 لتكثيف عرض التكوين والبحث العلمي في هذا المجال بحلول 2030.

وفيما يتعلق بالخدمات، أفاد السيد التهراوي بأن الوزارة تعمل، في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني متعدد القطاعات للصحة العقلية 2030، على تعميم مصالح الصحة النفسية والعقلية المدمجة في المستشفيات العامة، وتطوير وحدات الاستشارات الخارجية للطب النفسي، وإنشاء فرق لتدبير الأزمات النفسية الاجتماعية، وتعزيز خدمات إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي.

في ظل عدد جرائم القتل والاعتداءات المروعة التي شهدها المجتمع المغربي، والتي كان وراءها مختلين عقليا، وفي ظل مشاكل واكراهات جمة يعرفها قطاع الصحة النفسية والعقلية، تحول دون تحقيق أهدافها، فإن كل هذه الأسباب، وأسباب وأخرى عديدة تلزمنا أن نقف عن هذه الظاهرة بجدية وحرص شديدين، ويجب التأكيد على أن المسؤولية هي مشتركة بين الجميع، ومتداخلة ومتشعبة، هي مسؤولية تحتم على الجهات الوصية احتواء هذه الظاهرة والسيطرة عليها، لأن الأرقام المسجلة والتي تخص حالات الاعتداء بالسلاح الأبيض من طرف هؤلاء المخلين عقليا تهدد النظام العام ( الأشخاص والممتلكات)، وتهدد راحة وأمن واستقرار المواطنين.
التوصيات :
ـ بلورة سياسات وبرامج عمومية منسقة لتعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات العقلية والنفسية.
ـ تعزيز الضمانات القانونية والقضائية للأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية، بما يراعي حالاتهم الصحية، ويوفر لهم حماية أمثل، وذلك من خلال ملاءمة أفضل لمقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية مع خصوصيات واحتياجات المرض العقلي.
ـ إجراء مسح إحصائي وطني شامل يهدف تقييم مدى انتشار الاضطرابات النفسية بين المواطنين، وهذا من شأنه تحيين المعطيات والأرقام القديمة بشكل دقيق من جهة، ومن جهة ثانية، سنكون أمام سياسة علاجية فاعلة وفعالة.
ـ إعادة هيكلة البنيات الاستشفائية الخاصة بالأمراض العقلية والنفسية على المستوى الوطني والجهوي.
ـ تشجيع البحث العلمي، في مجال الصحة العقلية والنفسية بالمغرب.
ـ الإسراع بإخراج القانون رقم 71.13 المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، وفق تعديلات ملاءمة، وبمقاربة تشاركية مع المهنيين، ما يتوافق مع الاتفاقيات والصكوك الدولية التي وقع وصادق عليها المغرب.
ـ إعادة النظر في مقترح قانون والمتعلق بتنظيم مهنة الأخصائي النفساني الإكلينيكي وتحديد شروط ممارستها، مع الحرص على أن يكون هذا القانون متضمنا لباقي التخصصات الأخرى، على أساس أن يكون هذا القانون يجمع بين مختلف المهنيين المشتغلين في مجال الصحة النفسية.
ـ إشراك أطباء الأمراض العقلية والأخصائيين النفسيين، وممرضي الصحة العقلية والصيادلة والخبراء في المجال الأمني والقضائي والحقوقي والمجتمع، وكل من له فائدة في إعداد هذا المشروع.

ـ الرفع من الميزانية المخصصة سنويا والتي تهم قطاع الصحة العقلية والنفسية والرعاية وعلاج هذه الأمراض، والتي من شأنها تجويد العرض الصحي، وسد الخصاص الكبير على مستوى الموارد البشرية على مستوى المستشفيات العمومية.
ـ إنشاء مرافق جديدة للصحة النفسية لرعاية المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية ومعالجة الإدمان في كل جهات المملكة.
ـ تعزيز خلق تكوينات على مستوى المعاهد والمدارس الخاصة لسد الخصاص على مستوى الموارد البشرية، من أجل مواكبة تطور العلوم الطبية في مجال الصحة النفسية والعقلية
ـ تشجيع الاستثمار في مجال الصحة العقلية والنفسية على مستوى القطاع الخاص من خلال : تقديم المساعدة للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في مجال الحصة النفسية والعقلية، تبسيط المساطر، خلق اتفاقيات شراكة وتعاون بين القطاع الخاص والقطاع العام.
ـ ضرورة الاهتمام ببرامج الرعاية الصحية والاجتماعية لإعادة إدماج المرضى في المجتمع.
ـ إعادة النظر في أثمنة بعض الأدوية المرتفعة جدا، مع العلم أن بعض هذه الأدوية لا تتوفر بالمغرب.
ـإقرار مجانية الإستفادة من هذه الأدوية من خلال شمولية التأمين الإجباري عن المرض للأمراض العقلية والنفسية، والعمل على تغطية نفقات العلاج 100%، وضمان المساواة في العلاج ما بين جميع المواطنين والمواطنات.
ـ ضمان إجراءات استمرارية العلاج والمتابعة للمصابين باضطرابات عقلية بعد خروجهم من المستشفيات، في إطار مواكبة طبية.
ـ العمل على الكشف عن الأسباب المؤثرة على الصحة النفسية والعقلية ( التمييز، العنف، الهشاشة، الفقر، التحرش…)
ـالعمل على الرصد المبكر لحالات الانتحار في صفوف الأطفال والشباب داخل الوسط العائلي، وداخل المؤسسات التعليمية.
ـ تعزيز تواجد الأطباء أو المختصين النفسيين بالمؤسسات السجنية، والمدارس العمومية… .
ـ تعزيز حضور الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي مرة في الأسبوع على الأقل، بالمراكز الصحية بالقرى لمواكبة الحالات التي يتعذر عليها ولوج المستشفيات العمومية بالمدن الكبرى، ( تكاليف التنقل،… .)
ـ خلق آلية للتنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال الصحة العقلية والنفسية، من سلطات محلية، أمن، درك، نيابة عامة الأخصائيين النفسيين والأطباء النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين… .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى