بنكيران والديمقراطية على مقاس حزبه
سعيد الوردي
يعود عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مرة أخرى ليثير الجدل بتصريحاته حول الديمقراطية في المغرب. فبعدما خسر حزبه الانتخابات الأخيرة بطريقة واضحة لا تحتمل التأويل، خرج بنكيران ليعتبر أن المسار الديمقراطي في البلاد قد تعرض لهزّات، وأن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا بعودة حزبه إلى الحكم.
هذا الطرح يكشف بوضوح عن عقلية احتكار الحقيقة والديمقراطية، وكأن إرادة الشعب المغربي لا تُحترم إلا إذا جاءت في صالح حزب العدالة والتنمية. فبنكيران، الذي قضى وحزبه عشر سنوات في تسيير الشأن العام، تناسى أو تجاهل ما تركه من إرث ثقيل على المغاربة: تمرير قانون التقاعد المجحف، فرض نظام التعاقد الذي فجر احتجاجات واسعة في صفوف الشباب، وتعامل ببرودة مع أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة.
ليس غريبًا أن يعتبر بنكيران أن الديمقراطية ترتبط بفوز حزبه، طالما أن حزبه استغل الخطاب الديني في العمل السياسي، واحتكر الحديث باسم القيم والأخلاق، بينما في الواقع كانت سنوات حكمه حبلى بالكوارث الاجتماعية والاقتصادية. اليوم، وهو خارج السلطة، يحاول أن يُقنع الرأي العام بأن الديمقراطية مختطفة فقط لأنه خسر الانتخابات، متناسياً أن المغاربة عاقبوه في صناديق الاقتراع بعد أن جربوه عشر سنوات كاملة.
إن المغاربة اليوم أكثر وعياً، ولم يعودوا يقبلون أن يُستغَل الدين لتحقيق مكاسب سياسية، ولا أن يتم التعامل معهم وكأنهم مجرد “بلداء” يسهل خداعهم بالشعارات البراقة. التجربة أثبتت أن الشعارات لا تبني اقتصاداً ولا تحقق العدالة الاجتماعية.
بنكيران اليوم يبدو وكأنه يرفض أن يعترف بأن زمنه قد ولى، وأن الشعب المغربي اختار التغيير، ويريد بناء ديمقراطية حقيقية تحترم إرادته، لا ديمقراطية تُفصل على مقاس حزب بعينه.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsAppتابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegramتابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X