زمن الجفاف.. هبة بريس تنفض الغبار عن منابع عيون رأس البروج
في الوقت الذي تعاني فيه مختلف الأقاليم موجة عطش وجفاف غير مسبوقة، وفي ظل المجهودات المبذولة من قبل الدولة للحفاظ على منابع ومصادر المياه وضبط المخالفين وتقنين عمليات حفر الآبار ومحاربة الطرق العشوائية لذلك والاعلان عن حزمة من الاجراءات والتدابير للتصدي لظاهرة الاجهاد المائي، في ظل ذلك كله، لازالت بعض الموارد المائية تعاني الاهمال والاقصاء واللامبالاة، وهو ما يتطلب التعاطي مع هكذا مواضيع بنوع من الحزم والجدية للحفاظ على هذه الثروات الطبيعية..
هنا بالمدخل الرئيسي لشمال مدينة البروج بإقليم سطات، هنا لازال الحديث قائما عن سبب اهمال منابع عيون رأس البروج التي باتت مهددة بالاندثار بسبب غياب الصيانة والتأهيل…
هبة بريس حاولت جاهدة الانتقال إلى عين المكان، في محاولة منها لنفض الغبار عن هذه الثروة المائية في زمن تعيش فيه المنطقة شحا كبيرا على مستوى المياه بسبب توالي سنوات الجفاف، وحصلت هناك على مجموعة من المعطيات تؤرخ لهذه المنابع المائية، فما هي عين رأس البروج؟
** منابع مائية لازالت صامدة منذ عهد الحماية
حسب معلومات حصلت عليها هبة بريس، فإن غابة رأس البروج تمت تهيئتها إبان عهد الحماية نظرا لموقعها الإستراتيجي على مشارف مدخل مدينة البروج يشقها الطريق الرئيسي الرابط بين سطات وإقليم قلعة السراغنة وعمالة مراكش ، من مميزات هذه الغابة منابع العيون المائية المتدفقة بين أشجار الصفصاف – الأوكالبتس – الصنوبر الحلبي تتربع على مساحة ثلاثين هكتارا.
وتعتبر غابة رأس البروج المتنفس الوحيد لساكنة البروج بأشجارها الباسقة وظلالها وعيونها الصافية العذبة من ينابيعها الباطنية التي تنساب من فرشة مائية تكون خزانا طبيعيا يحتوي على ثروة هائلة من المياه الجوفية مؤهلة لسقي عشرات الهكتارات المزروعة بالخضروات والقطاني والبساتين ولمغروسة بأشجار الزيتون والتين والرمان والعنب .
إن من يعرف غابة رأس البروج منذ عهد الثلاثينيات إلى حدود سنة 1970 بطبيعتها الجذابة كانت تسر الناظرين بعيونها الجارية وجداولها الرقراقة بين أشجار الصفصاف وأحواضها المائية المهيئة للراحة والاستجمام تستهوي المصطافين من ساكنة البروج الذين يحجون إليها خلال موسم الربيع وطيلة فصل الصيف المعروف بطقسه الحار وقساوة شمسه الحارقة حيث كانوا يقضون نهارهم من مطلع الشمس إلى غروبها في السباحة والرياضة وصيد السمك مستانسين بأنواع الطيور والعصافير.
إلا أن أحوال هذه الغابة قد ساءت بشكل جراء التخريب، حيث الأشجار تموت واقفة بفعل آثار الحفريات لسرقة ونهب الأتربة حيث تحول فضاء الغابة إلى مقلع تخريب لا يطاق عرى على جذور الأشجار التي تهاوت جاثمة على الأرض يفوق عددها 3000 من أشجار الصنوبر، تحولت إلى حطب في متناول المخربين.
كما أن أشجار الصفصاف التي عمرت أكثر من قرنين، قد أبيدت عن آخرها تحت صمت وتجاهل الجهات المعنية، أما الأخطر والأدهى هو الدمار الشامل الذي ألم بالعيون ومنابع المياه التي أصبحت مهددة بالاجتفاف بفعل الردم والأوحال وانعدام الصيانة والإهمال واللامبالاة من طرف كل الجهات المعنية، فتحولت هذه الغابة بعيونها المخنوقة تحت الركام إلى مكان يدمي القلب.