الشرقاوي: “كُون كان الحليب وطن لأصبحت الزبدة البلدية هي العاصمة”
بأسلوب ساخر يحمل في طياته دلالات عميقة جاءت كردّ صريح على موقف المعارضين لحملة المقاطعة للثالوث (حليب سنطرال، وماء سيدي علي، ومحروقات محطة أفريقيا) عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما جلبته من تأييد شعبي كبّد الساهرين على الشركات المعنية خسائر فادحة، ودفع بأخرى إلى الاستفادة من درس الزيادة في الأسعار حتى لا تطالها يد المقاطعين، في خضم هذه التحولات، خرج الأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي متسائلا على صفحته الفايــــسبوكية عن مصير ذلك الذي وصف المغاربة بالخونة على خلفية مقاطعتهم لمنتوجات الحليب حيث كتب قائلا : “فين وصل داك اللي خون المغاربة على جُغمة ديال الحليب سانترال، لو كان الحليب وطن لأصبحت الزبدة البلدية هي العاصمة”.
خروج الشرقاوي ينضاف إلى مواقف أخرى لفايسبوكيين غاضبين من الخرجة الّأخيرة لقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار وأرباب الشركات المستهدفة التي وعلى الرغم من حجم الضرر البين الذي لحقهم من جراء هذه المقاطعة، فإنهم ركبوا لغة التحدي والتخوين، وذهبوا إلى حد وصف المقاطعين بــــ (المداويخ)، في الوقت الذي اختارت فيه السلطة الحياد في الموضوع دون الخوض فيه.
إن الحملة العفوية التي انطلقت شرارتها على مواقع التواصل الاجتماعي تسعى إلى دقّ ناقوس الخطر ايذانا بارتفاع الأسعار ومسها بالقدرة الشرائية التي قد تهدد السلم الاجتماعي، بيد ان لا احد ينكر ارتفاع فاتورة المواد الغذائية وانعكاساتها على الطبقة المتوسطة التي تعتبر صمام أمان المجتمع، وهي مقاطعة حضرية ترسم عناوين الحضارة والرقي في النقاش الهادئ لدى المغاربة الذين فضلوا الخروج عن صمتهم بهذه الطرق السلمية الحضارية كسبيل للاحتجاج ورفض كل ما من شأنه ان يهدد سلمهم الاجتماعي طبعا لأنهم شعب مسالم، رافعين شعار التحدي في وجه الثالوث الأكثر رواجا في الأسواق المغربية كونه يمتلك الحصة و النصيب الاكبر من المبيعات مقارنة مع باقي المنتوجات الاخرى، الا أن هذه الحملة وحسب مراقبين ومحللين سياسيين وباحثين وأكاديميين قُوبلت من الإتجاه الآخر بسيل من الانتقادات وبدت في الأفق ملامح “تغليفها” بالغلاف السياسي خدمة لصراعات حزبية ضيقة، حتى بلغت مبلغ السب والشتم والوصف بأقبح الأوصاف، هذا في الوقت الذي كان بالأحرى على هذه الأحزاب أن تلعب دور المؤطر وتفتح أبواب مقراتها طيلة السنة من أجل تأطير مناضليها وتحسيسهم بكل ما من شانه أنه يهدد استقرارهم، بدل الإبقاء على هذه المقرات الحزبية كـــ”مزارات” تُزار على رأس كل اقتراع انتخابي لتُغلق ويغلق معها آمال المواطنين فور الحسم في نتائجه.