الحسن الداكي: حوالي ألفي معتقل تنتهي قضاياهم بالبراءة أو عدم المتابعة

كشف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة خلال الندوة الجهوية التي انطلقت أشغالها اليوم الخميس 25 نونبر بأكادير، حول “ترشيد الاعتقال الاحتياطي” أن حوالي ن حوالي (2000) معتقل تنتهي قضاياهم بالبراءة أو عدم المتابعة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حقيقية حول جدوى الاعتقال في مثل هذه الحالات.

وأشار الحسن الداكي خلال إفتتاح الندوة الجهوية الثالثة ، أن التطورات التي تعرفها القضايا خلال مرحلة المحاكمة تكون السبب الرئيسي في معظم هذه الأحكام، مؤكدا أن المسؤولية مع ذلك تبقى حاضرة خاصة حينما يتعلق الأمر بمساطر مرجعية أو ادعاءات لا تعضدها وسائل الاثبات الكافية.

وجدد رئيس النيابة العامة، الشكر للاتحاد الأوروبي على مشاركته في تنظيم هذه الندوات الجهوية، وعلى مساهمته في دعم المجهودات التي تقوم بها رئاسة النيابة العامة من أجل تطوير أداء قضاتها وتعزيز دورهم في حماية الحقوق والحريات. وهو الأمر الذي من شأنه إثراء النقاش وتعميقه حول إشكاليات الاعتقال الاحتياطي وإيجاد الآليات المناسبة لتدليلها. كما وجه الشكر بالمناسبة الى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على دعمه وانخراطه في جميع المبادرات التي تقوم بها رئاسة النيابة العامة من أجل تجويد الأداء القضائي والرفع من النجاعة.

وأكد الداكي ، أن تدبير الاعتقال الاحتياطي يعد من المواضيع التي تستأثر باهتمام رئاسة النيابة العامة، مستدلا ذلك بالعدد الهام من الدوريات التي وجهت للنيابات العامة في هذا الشأن.

واعتبر الاستاذ الداكي، أن المسؤولين القضائيين بمحاكم المملكة ، على وعي تام بجسامة المسؤولية في تدبير الاعتقال الاحتياطي، وأهمية دورهم في ترشيده، باعتبارهم حماة حرية الأفراد والجماعات كما ينص على ذلك الفصل 117 من دستور المملكة.

واعتبر الداكي ، أن ترشيد الاعتقال الاحتياطي يعتبر من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة، كما أنه من المواضيع الحاضرة في الاجتماعات واللقاءات التي تعنى بالعدالة الجنائية، سواء التي تعقد مع السادة المسؤولين القضائيين أو باقي الفاعلين في حقل العدالة، مع استحضار أن الاعتقال الاحتياطي يمس الفرد في أحد حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والكتب السماوية ألا وهو الحق في الحرية، كما أنه يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة، وتفعيل قرينة البراءة التي تعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحديثة، فأي إفراط أو سوء تقدير في إعمال سلطة الاعتقال، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة.

وجدد الداكي التأكيد لقضاة النيابة العامة على أن تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال يجب أن يتم في الحالات الاستثنائية التي يقع فيها مساس بمصالح أخرى بشكل صارخ من طرف المشتبه فيه، فلابد من توفر المبررات القانونية المحددة في المواد 47 و73 و74 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتمثل في حالة التلبس، وخطورة الفعل الجرمي، وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة.

وأكد رئيس النيابة العامة ، أنه مهما المكانة التي حظي بها موضوع الاعتقال الاحتياطي ضمن أولويات السياسة الجنائية، والجهود المبذولة في هذا الإطار، لا زالت نسبه يطبعها الارتفاع، حيث بلغ معدل الاعتقال الاحتياطي 44,56 في المائة في نهاية شهر أكتوبر 2021 علما أن هذه النسبة بلغت في نهاية شهر شتنبر 45,25 في المائة.

مضيفا في نفس السياق ، أن جهود رئاسة النيابة العامة في البداية أثمرت نتائج طيبة عكستها الأرقام المسجلة في معدلات الاعتقال الاحتياطي حيث انخفضت إلى 36,31 في المائة في متم شهر مارس 2019، إلا أن الآثار السلبية التي أفرزها انتشار وباء كوفيد 19 على سير العدالة عموما، وعلى وثيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين على وجه الخصوص، انعكست بشكل ملحوظ على نتائج سنتي 2020 و2021، الأمر الذي يقتضي من قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة، مضاعفة الجهود سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، والتسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحكمة الأعلى درجة.

وأشار الداكي أن الندوة الجهوية الثالثة المنظمة بأكادير إلى غاية يوم غد الجمعة، تشكل حلقة علمية ومنتدى للتفكير العميق في رسم خريطة طريق فعالة لإيجاد الحلول لإشكالية ترشيد الاعتقال الاحتياطي، لكون قرار الاعتقال ليس مجرد تدبير عاد قد تتم معالجته إجرائيا في المستقبل، بل هو إجراء جوهري وقرار مصيري في حياة العديد من الأشخاص الذين يتخذ في حقهم، والذين تتأثر مصالحهم الأسرية والوظيفية بشكل مباشر بتبعاته، مما يتطلب التريث لأقصى حد قبل اتخاذه، وجعل الندوة فرصة من أجل مناقشة هادئة وعميقة لجميع الإشكاليات التي يطرحها موضوع الاعتقال الاحتياطي، والتمحيص في الشروط الأساسية والمعايير الواجب احترامها قبل اتخاذ قرار الإيداع في السجن خاصة في الجنح الضبطية، وفتح حوار جاد وبناء حول المحددات المتصلة بتدبير الاعتقال الاحتياطي، من أجل توحيد الرؤى وتجميع مختلف الأفكار والاقتراحات للخروج بتوصيات أساسية سيتم تعميمها مستقبلا على جميع النيابات العامة، لتكون خطوة فعالة ومبادرة ملموسة لترشيد الاعتقال الاحتياطي الذي يعد لبنة أساسية في مشروع إصلاح منظومة العدالة ببلادنا وتعزيز حماية حرية الأفراد.

الندوة الثالثة الخاصة بترشيد الاعتقال الاحتياطي، خصرها كل من ” سيفغان ستروهال”ممثل بعثة الاتحاد الأوروبي بالمملكة المغربية، و الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بأكادير، والوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف بأكادير، كلميم والعيون ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفوذها، ورؤساء الغرف والسادة قضاة التحقيق وقضاة الحكم وقضاة النيابة العامة،و القائد الجهوي للدرك الملكي بأكادير،و رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأكادير،و نقيب هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير و العيون وكلميم،و رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بأكادير السيد ممثل المندوبية العامة لإدارة السجون و اعادة الادماج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى