واقعة البطاطا.. عندما يُفقد الأمن الغذائي في بلاد الغاز
نحن نتكلم عن دولة جارة وشقيقة، شعبها من لحمنا ودمنا عروبة واسلاما وصهرا، لكن قدره أنه اُبْتُلي ب” كابرانات نصَّبَّوا أنفسهم قيادات”، وأحكموا قبضة حكمهم على مفاصل الدولة، وشرعوا في نهب خيراتها وثرواتها، ولكي يمنحوا لأنفسهم شرعية وقيمة، صنعوا لأنفسهم ولشعبهم عدوا وهميا صاروا يعلقون عليه شماعات فشلهم.
حتى القوت اليومي لإخواننا المحتلين من قبل ” شردمة الكابرنات”، أضحى من الأمنيات في بلد الغاز والبترول… قيادات لازالت تحن إلى زمن القبيلة وقانون الغاب، يغلب عليها منطق تفقير الشعوب لإركاعها واذلالها، تمهيدا لبسط حكمها الأبدي…قيادات بعقلية متحجرة غير مسايرة للتطورات العالمية في مجال الديمقراطية وتكريس ثقافة حقوق الانسان…قيادات شاخت على كراسي المسؤولية، حتى فقدت بوصلتها وغابت عنها الحقيقة المُّرة التي تؤكد بأن الشعوب العربية ” فاقت وعاقت”، ولم تعد ترضى لنفسها بالعبودية وحكم القطيع مسْحًا بالسوق والأعناق، بل صار طموح شبابها ورجالاتها من شجعان الحرك أكبر وأوسع وأشمل في صناعة القرارات عبر اختيار ممن يحكمونها عبر صناديق الاقتراع وليس إنزالا بالمظلات اكراها.
جارتنا الشقيقة التي تصدت للاحتلال بتقديم الملايين من الشهداء، اُبْتُلِيت بقيادات فاقدة للشرعية، تحكم بمنطق الزعامة والتخويف والتخوين، والتلويح بفزاعة العدوان الخارجي، متناسين أن العالم المتحضر اليوم أضحت تحكمه القوة الاقتصادية والدبلوماسية الرزينة، والسياسات العمومية المنبثقة من رحم الشعب لصناعة الأجيال وتوفير مناخ اجتماعي بعيش كريم، فضلا عن خلق بيئة سليمة روحها التعايش والمحبة وحسن الجوار، وليس التهديد والوعيد والتلويح بالحروب.
شقيقتنا الغالية التي تقاسمنا مع شعبها العيش والملح والدم بمنطق خاوة خاوة، يحز في أنفسنا كمغاربة أن نرى مواطنيها من شهداء التحرير وهم مُقيَّدون بسلاسل الذل والعار، يتهافتون على أبسط شروط العيش من حليب وبطاطا وغيرها، على الرغم من أن مطالبهم أكبر وأشمل…
أليس ذلك عيبا وعارا يا كابرانات العار أن تجعلوا من المغرب عدوا وهميا لشعبكم وشماعة لنفقاتكم العسكرية التي لا تحصى ولا تعد سباقا للتسلح، في الوقت الذي يرزخ فيه مواطنوكم تحت وطأة التهميش والحگرة التي تجعل المرء يخجل من نفسه ومن مجتمعه ومن مؤسساته التي رضيت بأن يكون هناك شيوخ مسنون هرمون، وشباب بطموحات عالية ضحية مزايدات و” قْصُحِيتْ الرأس”.
إن ما باتت تعرف بواقعة البطاطا يا كابرنات الجارة الشقيقة، قد جعلت منكم أضحوكة في عالم الألفية الثالثة، وأنتم تتحدثون عن جيل جديد من الأسلحة المدمرة، في الوقت الذي لم تستطيعوا أن تُؤَمِّنوا لشعبكم قوته اليومي حتى في زمن السلم، فكيف سيكون وضعه المعيشي إن أعلنتم الحرب.
واقعة البطاطا وما صاحبها من تراشق وتسابق من البعض للسطو على حصته تدافعا، تبقى مشاهد دامية ومقززة، لا قيمة لمبرراتها كيفما كان نوعها ولونها وطعمها، ولا مكان للتحجج بوجود تهديد خارجي، لأن منطق هذه الفزاعة وحيلتها لم تعد تنطوي على شباب اليوم وجمهور العالم المتحضر الذي بات يعي جيدا كيف تحاك خيوط السياسة وكيف تأكل الكتف.
مقاطع الفيديوهات لمواطنين من اخواننا وهم يتهافتون على اقتناء البطاطا لأمر مخْزٍّ يدمي القلب، فلا راحة للمرء وجاره جائع….
مشاهد ستبقى وصمة عار على جبين الكابرنات الذين رضوا بأن يكونوا أضحوكة في دولة غنية تكفي خيراتها أن تجعل منها دولة عظمى يسمع لها إذا تكلمت وتوعدت…يا للأسف.