الملك محمد السادس … الأب الحنون الذي تجاوز عن هفوات أبنائه في ملف “غالي”
هبة بريس _ يسير الإيحيائي _
لا شك أن العطف المولوي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس كعادته أثلج صدر الجالية المغربية وذويها بعيد بلاغ الديوان الملكي الذي أصدر التعليمات السامية بتسهيل عملية عودة مغاربة الخارج إلى الوطن وبعروض إستثنائية غير مسبوقة وصفت ب “العدوان المغربي” لدى الأشقاء في الجزائر.
إهتمام ملك البلاد بقضايا رعاياه في دول الإقامة ليس حديث العهد والساعة، بل كان دائما ضمن أولوياته وأولويات الملك الراحل طيب الله ثراه إبان العقدين الثامن والتاسع وعندما كان عدد أفراد الجالية(الرعيل الثاني) أقل بكثير عن ما هو عليه الآن (الرعيل الرابع) .
ومع تزايد نسبة المهاجرين المغاربة خاصة في الدول الأوروبية تزايدت إنشغالات الدولة بهذه الفئة،إذ أصبحت مشاكلها تغزو جلسات البرلمان المغريي وتستأثر بحيز مهم من المواد الإخبارية سواء في القنوات الرسمية أو وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة، وكما سلف القول ان تزايد عدد أبناء الجالية بالخارج فرض على الدولة التعبئة والمواكبة لرعاية شؤونهم ومصالحهم وذلك بفتح مراكز قنصلية جديدة وملحقات تابعة لها قصد تجويد الخدمات الإدارية وتجسيد سياسة القرب التي عادت بالنفع على أبناء الجالية موازاة مع العهد الجديد والمفهوم الجديد للسلطة.
مفهوم كان له بالغ الأثر والإنعكاس الإيجابي على مغاربة الخارج، حيث حظيت عملية العودة (مرحبا ) إلى أرض الوطن والمغادرة بصبغة “الرعاية الملكية السامية” وتجندت لها كافة المصالح والوزارات لضمان مرورها في أجواء مريحة سواء داخل المغرب أو خارجه باعتماد مقاربة تشاركية بين مختلف المتداخلين وتخصيص موارد بشرية مهمة تتموقع في نقاط المرور والعبور ، ناهيك عن الطواقم القنصلية المنتشرة على إمتداد التراب الأوروبي والتي تناط بها معالجة الملفات الطارئة كعمليات السرقة وضياع الوثائق ولو بالنسبة للمهاجرين القاطنين خارج نفوذها القنصلي.
إهتمام كبير ورعاية سامية تجسدها الخطابات الملكية في كل مناسبة وتعبئة شاملة من طرف مختلف المصالح الإدارية بما فيها السلطات الأمنية التي تتجند طيلة فصل الصيف داخل الموانئ والمطارات، لا بل حتى في باحات الإستراحة والطرقات قصد تقديم المساعدة الضرورية لعمالنا في المهجر تنفيذا للتعليمات الملكية الرامية إلى تمكينهم من قضاء العطلة الصيفية في ظروف عادية.
بكل تأكيد أن هذه الإجراءات تدخل في إطار واجبات الدولة تجاه مواطنيها ، لكن دون أن ننسى أن لهذا المواطن (المهاجر) واجبات كذلك تجاه وطنه ، وهذا ما لم نلمسه للأسف الشديد أثناء وجود المجرم “غالي” داخل أسبانيا، إذ كان من المفروض ان تعبر الجالية المغربية عن رفضها الشديد للتواطؤ الفاضح ضد المصالح العليا للوطن ، بعيدا عن الإختباء وراء منصات التواصل الإجتماعي كما كان الشأن عليه خلال تلك الظرفية، لا بل كان من الواجب ان تنتفض تلك الجالية وتتعبأ عن طواعية لأن شرف الوطن وعذريته قد مست بشكل خطير ومن طرف جهات رسمية إسبانية.
فهل تسائل أحد منا مع نفسه عن التقصير؟ طبعا وبسرعة لا لأن الجواب لا يحتاج إلى تفكير طويل، فما رأيناه من تحركات جد محتشمة هي الإجابة ذاتها اللهم إذا استثنينا بعض الأشخاص أو الجمعيات المحسوبة على رؤوس الأصابع ك “الحركة النسائية الإسبانية لمغربية الصحراء” ورئيستها “عائشة الكرجي “، ثم “الجمعية الإنسانية بمالقا ” ورئيستها “إيمان العاقل” إضافة إلى فعاليات أخرى في بعض المدن الإسبانية ، لكن كل هذه التحركات والمظاهرات لم تحقق الهدف الأساسي المتمثل في التأثير على الحكومة الإسبانية ودفعها إلى الرضوخ للأصوات المطالبة بمحاكمة “ابن بطوش” بسبب الجرائم التي اقترفها في حق الضحايا التواقين للعدالة والإنصاف.
هل تسائل أحدهم عن الغياب الغير المبرر في الحشد لمناصرة القضية الوطنية الأولى ؟ ثم هل بات من حقنا كجالية أن نطالب الدولة المغربية بالحقوق بينما نتجاهل الواجبات ؟ وعن أي واجبات نتكلم ؟ هي اولوية الواجبات وواحدة من المقدسات التي تعبر عن السيادة والروح الوطنية الحقة التي تجري في شرايين كل مغربي مجرى الدم .
هل تجرأ كل مغربي يشارك باستمرار في نصرة الشعب الفلسطيني ان يراجع نفسه ويطرح مليون علامة إستفهام لماذا تظاهر في العاصمة مدريد تضامنا مع غزة وغاب عن مظاهرات المطالبة بمحاكمة “الرخيص” ؟ ألم يكن الوطن أحق وأجدر بنا أن ننتفض من أجله قبل غزة؟، تلكم أسئلة منطقية يفترض ان نجيب عنها نحن الجالية لنتجاوز هذا “الكبرياء” مستقبلا ونتوحد جميعا من أجل الدفاع عن مصالحنا وقضايانا العادلة.
اليوم ونحن كجالية مقيمة بالخارج نثمن مبادرات عاهل البلاد في كل ما قام به من أجل عودة رعاياه في المهجر وخصوصا تعليماته السامية بتخفيض تذاكر النقل الجوية والبحرية حتى تكون في متناول الجميع، فالأب الحنون لا يغضب مع أبنائه، هذه ميزة الملوك العلويين دائما وأبدا ، هم مثال للرأفة والرحمة والتسامح، فلنأخذ الدرس هذه المرة ولنتجند دفاعا عن مصالحنا أينما حللنا وارتحلنا.