بسبب الكمامات.. متى يفهم الفرنسيون أن المغرب لم يعد مستعمرة لهم؟
هبة بريس _ ياسين الضميري
حديث كبير راج في مواقع التواصل الاجتماعي بفرنسا كما هو الحال بالمغرب في اليومين الأخيرين و ذلك بعد أن أعلنت بلادنا عن شروعها في إنتاج ثلاثة ملايين كمامة بشكل يومي في انتظار أن تصل بعد أيام لرقم 5 ملايين.
قبل ذلك، و بتعليمات رسمية من عاهل البلاد الملك محمد السادس تقرر تسقيف أسعار بيع الكمامات المحلية الصنع بمبلغ 80 سنتيم أي أقل من 0.08 يورو، مع توزيعها و تعميمها من طرف شركات معينة على كل محلات البقالة المتواجدة بالأحياء السكنية و المتاجر الكبرى و المتوسطة و الصغيرة حتى تكون قريبة من كل المواطنين.
هاته الإجراءات التي تأتي في ظل حزمة من التدابير التي سنها و نهجها المغرب حتى قبل تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، يبدو أنها أصابت البعض خارج حدود الوطن بالغيرة و الحسد و حتى السعار ليصبح المغرب حديث الساعة بعدد من الدول.
من بين الدول التي تحدثت كثيرا عن المغرب في 48 ساعة الأخيرة نجد فرنسا، حيث هاجم عدد كبير من الفرنسيين رئيس بلادهم من خلال تدوينات غاضبة تجمع جلها على أن المغرب، الدولة الصغيرة الفقيرة، تلك الدولة التي تعيش على الهامش في نظر عدد كبير منهم، استطاعت توفير الكمامات لشعبها بكميات وافرة و قريبة منهم و بثمن بخس بينما فرنسا لم تستطع ذلك.
الغريب في هذا ليس الاستدلال بالمغرب و إنما تلك النظرة الدونية للمغرب مع كامل الأسف التي مازلت تعشش في عقول بعض الفرنسيين خاصة المتطرفين منهم و الذين عايشوا أيام الاستعمار أو مازالوا يعيشون على أطلاله.
تدوينات و تغريدات عدة صدرت من فرنسيين حاولوا من خلالها لفت انتباه حكومة بلادهم للفوارق الاقتصادية و الصناعية و اللوجيستيكية بين بلدهم و المغرب غير أنهم سقطوا في فخ الإساءة لوطننا الحبيب عبر تقزيمه و استصغاره و تبخيسه.
نعم، قد يقول قائل بأننا نحن أيضا كمغاربة ساهمنا في تكريس هاته النظرة الدونية خاصة لدى الدول التي استعمرتنا في يوم من الأيام، لكن رغم كل ذلك على الفرنسيين و غيرهم أن يعلموا جيدا أن الزمن يتغير و أن المعادلة انقلبت و لم يعد المغرب ذاك المستعمرة التي عهدوها منذ عقود.
أشياء كثيرة تغيرت في هذا الوطن منذ اعتلاء الملك محمد السادس سدة العرش، تغييرات اقتصادية و اجتماعية و بنيوية و قبل ذلك فكرية، لم يعد مغرب اليوم هو مغرب الخمسينات، و هذا ما يجب على الفرنسيين و غيرهم أن يعلموه و يفهموه، و إذا كنا في وقت من الأوقات خانعين خاضعين نستهلك فقط فهذا بفعل سياستكم التي لم تجد نفعا و ظهرت محدوديتها مع اشتداد الأزمات، و مع ذلك لم يتوقف قطار المغرب و ظل يرقب بصيص الأمل في غد مشرق، رويدا رويدا، إيمانا بالمثل القائل أن تحاول الوصول خير من أن تتحسر على الماضي.
من حق الفرنسيين أن ينتقدوا رئيس بلادهم و سياسة حكومتهم، لكن ليس من حقهم أبدا تحقير شعوب أخرى، و لنا في واقعة الطبيب الفرنسي الأخيرة بخصوص تصريحاته العنصرية نحو أفريقيا خير مثال، ففي فرنسا و غيرها ما يزال عدد من مواطنيها ينظرون للمغرب و لإفريقيا بنظرة الازدراء و ينظرون لشعوبها على أنهم مجرد أرقام فوق الكرة الأرضية تصلح أحيانا لتكون فئران تجارب لا أقل و لا أكثر.