بين “بلاغة الخطاب عند بنكيران” و”تيمة” الصمت عند العثماني، تاه المغاربة !

اسماعيل بويعقوبي – هبة بريس

حالنا سياسيا اليوم كحال قوم موسى.. نهيم على وجوهنا منذ سنوات – وأقصد هنا فترة ولاية بنكيران والعثماني – ولم تستقر أوضاعنا في ظل حكومة حاولت – ولازالت- مرارا الاجهاز على عديد المكتساب ، في مقابل اظهارها عجزا تنمويا دفع ملك البلاد في خطابات متعددة الى بعث اشارات التنبيه تارة والتوبيخ تارة أخرى، عجّلت بخلق لجنة تعيد ترتيب القراءات الكفيلة بنسج خيوط نموذج تنموي جديد قد ينقذ الانسان المغربي من حالة التيهان التي تعتري نفسيته زهاء العقد من الزمن.

اليوم، هناك حاجة ماسة لدراسات تحلحل “الوضع الشاذ” وتستجلي مكامن الخلل البنيوي ، أبحاث تضع الاصبع على مكمن الخلل لتفتح المجال من أجل طرح الحلول والبدائل التنموية، عوض التركيز على زوايا مظلمة لاتغذي البحث العلمي الاكاديمي بقدر ما تخدم اجندات سياسية وشخصية، المغاربة في غنى عنها.

المغاربة، أدركوا بمالايدع المجال لاي بحث أكاديمي أن يثبت العكس، أنه في مرحلة ولاية بنكيران مُلئ المشهد ضجيجا ، وحشر المغاربة في زاوية من التّيه والحيرة، بعدما تفنن بنكيران في اتخاذ قرارات لاشعبية كاصلاح نظام التقاعد ورفع الدعم عن المحروقات ودخوله في مواجهات مع النقابات والاساتذة.. بعدما تمكن من المناورة بنجاح وببراغماتية واضحة للعيان في التمتع بشعببة ظاهرة مقابل تقديم تنازلات في معظمها غائمة دففع ثمنها فيما بعد.

الظاهرة التواصلية التي شكلها عبد الإله بنكيران، والتي دفعت البحث الأكاديمي إلى أن يحلل خطابه عوض سياسيته، باعتباره “ظاهرة تواصلية فريدة في تاريخ المغرب السياسي” ، دفعتنا لاستجلاء البون بين تجربتي بنكيران والعثماني والتباين على مستوى الأسلوب والخطاب ونمط التواصل، الذي كرس حالة التّيه والتذمر في ظل خطاب “بنكيراني شعبوي” استنزف الزمن السياسي للمغاربة في إبانه و “تيمة الصمت” عند العثماني الذي تراس الحكومة رافعا شعارا “إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا”.

مع تجربة سعد الدين العثماني ،أضحى الصمت يبتلع المشهد السياسي بعدما كانت خطابات بنكيران “الشعبوية” ، تلهب الـ”فيسبوك” المغربي بمجرد بث فيديو يوثق كلمة له او “قفشة من قفشاته”، بيد أن مقربين من رٍبان الحكومة المغربية الحالي (العثماني) ، حاولوا تبرير “تيمة الصمت” عنده بكونها نابعة من طبيعة وظيفته كطبيب نفسي، وهي المهنة التي يتميز صاحبها بالإنصات أكثر من الكلام، في حين عُرف عن بنكيران ممارسته لمهنة التعليم، التي تروم تبسيط الخطاب وايصال الافكار مستخدما في ذلك “بيداغوجيا” خاصة تنهل من الحقل “الشعبوي”.

صدقا، وليست مزايدة، وبرجوعي لتحليل “خطاب البلاغة عند ابن كيران” أجدني حائرا في تحديد وجهات نظر بن كيران الثابتة ازاء العديد من القضايا، فهو الذي كان يظهر في الصباح يبكي ويتحسر، وفي المساء قد تشاهده يرقص على أهازيج الفولكلور المغربي الاصيل، مستخدما لربما “بلاغة” غير تلك المرتبطة بالمحسنات البلاغية واللغوية ،والتي مكنته فيما بعد من تحقيق مكاسب بعد كل الترف والجاه اللذين لم يقنع بهما الرجل، حيث باتت تتساقط أيضا في جيوبه شهريا ملايين ثقيلة مما أسماه يوما “ريعا”، لتجره جرا إلى قرارة النازلين في بورصة “القيم” عند المغاربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى