بروفيسور :”حصة الأدوية الجنيسة في القطاع الخاص تبقى جدّ ضعيفة “

أكّد البروفسور سمير أحيد، أن ولوج المواطنين المغاربة إلى الدواء الجنيس ما يزال ضعيفا ولايرقى إلى الطموحات والأهداف التي تم تسطيرها، خاصة وأن هذا النوع من الأدوية يتميز بالنجاعة والجودة، فضلا عن كلفته المنخفضة مقارنة بالدواء الأصلي.

وأوضح رئيس الجمعية المغربية لاقتصاد منتجات الصحة، في ندوة صحافية تم عقدها على هامش أشغال المؤتمر السابع للجمعية، والمؤتمر المغاربي الخامس، الذي احتضنت مدينة الرباط أشغاله، خلال الفترة ما بين 28 و 30 نونبر، بحضور خبراء ومهتمين بالشأن الدوائي وبقطاع الصحة بشكل عام، مغاربة، مغاربيين وأجانب، على أن حصة الأدوية الجنيسة في القطاع الخاص هي جدّ ضعيفة، وفقا لتقديرات مؤسسة مختصة في المجال، في الوقت الذي يتم اعتمادها في القطاع العام بنسبة قد تصل إلى حوالي 80 في المائة، من خلال تزويد المستشفيات بكميات أكبر منها على مستوى الكمّي والعددي، وإن كان رقم المعاملات هو أقلّ بكثير مقارنة بالدواء الأصلي.

وشدّد البروفسور أحيد على أن توسيع دائرة الإقبال على الأدوية الجنيسة وتشجيع القطاع الخاص على وصفها من أجل صرفها للمرضى سيمكّن صناديق التأمين من توفير ميزانية مهمة يمكن تسخيرها في خدمات صحية أخرى من خلال توسيع سلّة العلاجات أو اعتماد آليات أخرى جديد تعود بالنفع على المواطنين، مبرزا على أن ترويج الأدوية في القطاع العام لا تتجاوز نسبته ما بين 10 و 15 في المائة بشكل عام، في حين أن النسبة المتبقية هي مرتبطة بالقطاع الخاص، مشيدا في هذا الصدد بمجهودات وزارة الصحة في التشجيع على تصنيعها من خلال تبسيط المساطر الإدارية ومنح التراخيص المتعلقة بها في أوقات معقولة.

واستغرب البروفسور أحيد، كيف أن دولا غنية تروّج أدوية جنيسة في السوق الدوائية بنسبة تصل إلى 80 في المائة، في حين ما تزال نسبته عندنا ضعيفة وهو ما يطرح علامات استفهام عديدة، الأمر الذي دفع إلى تخصيص محور خاص ببحث سبل الولوج إلى الدواء الجنيس، ونفس الامر بالنسبة لولوج الأدوية المبتكرة أو ما يعرف بأدوية الجيل الثالث.

وتعتبر الأدوية الجنيسة مكافئة للأدوية الحديثة من حيث الجرعة والشكل الصيدلي، الأمان، التركيز، الفعالية، الجودة، طريقة الاستعمال ودواعي الاستعمال ويمكن تلخيص كل ذلك في التكافؤ الحيوي. وعادة ما يتم إنتاجها من دون تصريح أو ترخيص من المخترع الأصلي، بعد سقوط براءة الاختراع أو الحماية الفكرية والتي تمتد لمدة عشرين سنة.

تختلف الأدوية الجنيسة بسبب بعض العناصر الغير النشطة مثل الألوان والنكهات التي قد تكون مختلفة. ولا تؤثر هذه العناصر على طريقة أداء وسلامة وفاعلية الدواء الجنيس.

و من الممكن إنتاج هذه النوعية من الأدوية تحت أسماء تجارية أو بأسمائها الكيماوية متبوعة غالبا باسم الشركة المصنعة وهي تخضع بحكم القانون للشروط نفسها المفروضة على رقابة الجودة، الفاعلية والأمان التي تخضع لها الأدوية الحديثة.

لماذا الأدوية الجنيسة ؟

إن إنتاج هذه الأدوية يساعد على تخفيض سعر الدواء وبالتالي خفض كلفة العلاج، وقد ظهر هذا المشكل بصفة مذهلة عند اندلاع أزمة وصلت إلى القضاء بين إحدى كبريات شركات الأدوية والهند حينما بدأت هذه الأخيرة في إنتاج دواء جنيس مضاد للسرطان بتكلفة أقل بحوالي عشرين ضعف من تكلفة الدواء الأصلي، كما أن هنالك مثالا آخر مع جنوب إفريقيا و الأدوية الجنيسة المضادة لمرض فقدان المناعة.
وفي بلادنا تخطط وزارة الصحة إلى توسيع استعمال الأدوية الجنيسة في القطاع الخاص في الوقت الذي سيستفيد فيه المستهلك من انخفاض الأسعار، ورغم استعمال الأدوية الجنيسة بشكل مألوف في المستشفيات الحكومية المغربية حيث تمثل هذه الأدوية 91 في المائة من الكمية و 77 في المائة من الميزانية المخصصة للدواء، فلا زال أمامها مشوار طويل لتحقيق نفس الانتشار في القطاع الخاص. وتهدف السياسة الجديدة التي أعلنت عنها وزارة الصحة إلى ترويج استعمال الأدوية الجنيسة والحفاظ على أسعار الأدوية متناسبة مع القدرة الشرائية للمواطنين.

من 2003 حتي 2007 حققت هذه العقاقير زيادة 65 ٪ في الحجم و 51 ٪ في القيمة بالسوق المحلية، و تصل نسبة المضادات الحيوية إلى 50 ٪ من مجموع الأدوية الجنيسة المستعملة ببلادنا.

هناك أسباب عدة تؤدي إلى انخفاض كلفة الأدوية الجنيسة عن الأدوية الحديثة منها :
– إلغاء كلفة البحوث والتجارب السريرية بمراحلها الأربع المعروفة.
– شدة المنافسة بين الشركات المنتجة للأدوية الجنيسة.

عادة ما يتساءل الكثيرون : هل الأدوية الجنيسة لها جودة الأدوية الحديثة نفسها ؟

بحسب القوانين المعمول بها، هناك خصائص يجب أن تتوفر في الأدوية الجنيسة، منها أن تكون الجودة واحدة في كلا العقارين (مع الدواء الأصلي)، وهو ما يُبحث من خلال دراسة الإضافات التي تستخدم مع المادة الفعالة للإنتاج، الشكل، الصيدلة، مراحل التحضير والإنتاج على المستوى الصناعي. وعليه، فإن الأدوية الجنيسة تخضع لنفس الاختبارات وأساليب الرقابة التي تطبق على الأدوية الأصلية نفسها.

يتم إخضاع جميع الأدوية الجنيسة إلى عملية فحص صارمة وتتكون من عدة خطوات تتضمن :
– مراجعة البيانات العلمية المتعلقة بمكونات وأداء الدواء الجنيس.
– مراقبة التصنيع عبر إجراء جولات تفتيشية دورية للمعامل.
– مراقبة جودة الدواء بعد الموافقة على تسجيله (الموافقة على طرحه بالأسواق).

فيما يخص المغرب، فهذه الهيئة تتمثل في المختبر الوطني لمراقبة الأدوية التابع لمديرية الأدوية والصيدلة، وبالمناسبة فقد حاز هذا المركز قبل ثلاث سنوات، على شهادة الجودة إيزو17025 الخاصة بهذا النوع من المختبرات من المديرية الأوروبية لجودة الأدوية. وبفضل هذا الإنجاز أصبح الدواء المصنع محليا له نفس مواصفات الدواء المستورد من الاتحاد الأوروبي. و بذلك أصبح المغرب البلد الوحيد الغير الأوروبي، مع كندا وأستراليا شريكا كاملا في المختبرات المعتمدة من طرف منظمة الصحة العالمية.

و استنادا لهذه المعلومات العلمية و الميدانية يمكننا اعتماد الأمور التالية :
– استعمال الأدوية الجنيسة يُمكن من تقليل تكلفة الدواء.
– يجب على الأجهزة المختصة السهر الدائم على المراقبة المستمرة لأداء و فعالية هذه الأدوية، و اتخاذ الإجراءات اللازمة مع كل الشركات التي تخل بسلامة و فعالية الدواء.
– يجب أن تكون صحة المريض الهدف الأساس لكل الخطوات العلمية و الصناعية و يأتي الجانب المادي لاحقا.
– تشجيع الشركات التي تبدل الجهد المطلوب في إطار المعايير الدولية لصناعة أدوية جنيسة في المستوى المطلوب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى