“اتفاقية المزبلة” تخلق جدلا باقليم تارودانت

تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي نسخة لوثيقة لا تحمل توقيعات رسمية مختومة، على اعتبار أنها محضر لاجتماع رسمي عقد بمقر جماعة أولاد تايمة يوم السبت 17 نونبر2018، ترأسه رئيس المجلس الجماعي لأولاد تايمة عن حزب العدالة والتنمية، بحضور ممثلين عن السلطة المحلية وعدد من الفعاليات الجمعوية والفلاحين ومستشارين بجماعة الكدية البيضاء، والذي خلص إلى التوافق على الاستغلال الجزئي لإحدى القطع الأرضية الواقعة بالنفوذ الترابي لجماعة الكدية البيضاء كمحطة لإفراغ وتجميع وشحن ونقل النفايات المنزلية والمشابهة لها، أو كما سماها البعض “مزبلة” لجماعة أولاد تايمة.

الوثيقة المتداولة خلقت نقاشات اجتماعية ساخنة في صفوف الساكنة المحلية وفعاليات المجتمع المدني بأولاد تايمة والكدية البيضاء، من جهة بين مرحب ومهلل بمخرجات الاجتماع على أساس انه حل مثالي سيفتح المجال لاستغلال الحي الصناعي لأولاد تايمة، وجلب الاستثمارات الموعودة للمنطقة وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي وإنعاش سوق العمل، ومن جهة أخرى بين غاضبين ومستنكرين ومنددين بهذا الاتفاق على اعتبار الأضرار الصحية والبيئية المتوقعة لهذه المزبلة على الساكنة المجاورة وعلى الغطاء النباتي والثروة الحيوانية والفرشة المائية نتيجة التأثيرات السلبية والخطيرة للمخلفات التي سيتم تجميعها بالموقع.

من جهة أخرى، وصف مهتمون بالشأن المحلي الوثيقة بالعبث، مبرزين تضمنها خروقات قانونية وانتهازية حزبية واستغلالا دينيا وفسادا أخلاقيا، من الناحية القانونية فكيف يعقل أن يعقد اجتماع رسمي بحضور رئيس جماعة أولاد تايمة وممثلي السلطة المحلية (باشا وقائد) وغياب الممثل القانوني الوحيد لجماعة الكدية البيضاء حسب مقتضيات الميثاق الجماعي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات وهو رئيس الجماعة لتدارس موضوع يهم النطاق الترابي لجماعته؟ وهو الآمر الذي يفرغ الوثيقة من مدلولها ويجعلها حبرا على ورق أو ربما ورقة للتضليل والخداع عبر نهج أسلوب المظلومية واتهام حزب أو شخص بالوقوف وراء عرقلة المشروع في حال الفشل في تمريره، الوثيقة كذلك تضمنت انتهازية حزبية وتصفية حسابات سياسية ضيقة واضحة من خلال توقيع مستشارين معارضين بالمجلس الجماعي للكدية البيضاء عن حزب العدالة والتنمية على الوثيقة، فكيف يمكن لمنتخب أن يساهم في جلب مضرة لمن انتخبوه في حين انه يعارض أي منفعة يمكن أن تلحقهم من مجلس جماعتهم الذي يقوده حزب آخر، والذي لا يمكن تفسيره سوى بالخضوع لإملاءات حزبية خارجية خوفا من غضب ولاة الأمر و من مصير محتم في حال شق عصى الطاعة كما كان الحال لزميليهما السابقين في حزب “اللامبة” “خالد مراك” و”سعيد الصايم” اللذان تم تجميد عضويتهما من الحزب، جانب الاستغلال الديني كان حاضرا بسذاجة ربما عبر إقحام جمعية مسجد دوار لارجام في الوثيقة في شخص رئيسها، الآمر الذي يتنافى وأهداف الجمعية ومراميها والمحددة قانونا وحصرا في رعاية شؤون المسجد وليس الدخول في صراعات سياسية أو إدارية أو غيرها، الآمر الذي يفرض ربما على الجهات الوصية على الشأن الديني ضبط ملفاتها ومنع الاستغلال السياسي للمساجد بالمنطقة، يتبقى أخيرا شق الفساد الأخلاقي والقيمي، والذي أشار المهتمون له في تواجد بعض الأسماء ضمن قائمة الموقعين الموافقين على إحداث “المزبلة”، كانت إلى حدود الأمس القريب من اشد المعارضين لها، وحركوا لمواجهتها حملة حقوقية وإعلامية، غير أن الإغراء المالي حسب مصادر كان له دور السحر، لتنقلب المعارضة إلى موافقة صريحة، و”المزبلة” الخطيرة على مياههم و”فولهم” و”بشنتهم” إلى مشروع تنموي نظيف ذو أبعاد اقتصادية كبرى على المنطقة اللهم بارك وزد في ذلك.

بطبيعة الحال لن يتوقف مسلسل “المزبلة” عند هذه النقطة، فما هذا التطور إلا الحلقة الأولى من المسلسل الذي ربما سيكون أكثر إثارة وسخونة من أفلام الأكشن الأمريكية، حيث أن ساكنة وفاعلين آخرين من جماعة الكدية البيضاء ومن جماعة أولاد تايمة سيقتحمون المشهد، وسيدلون بدلوهم في هذا الحدث، وربما نيران الحرب بدأت تشتعل، وأولى نفحات دخانها انبعاث صفحة فايسبوكية ومجموعة “واتسابية” تحت اسم “الكدية ماشي مزبلة”، وذلك للتعبير عن موقفهم الرافض لكل المحاولات الرامية إلى إحداث مطرح للنفايات بتراب جماعة الكدية البيضاء، وعزمهم خوض كل الإشكال الاحتجاجية السلمية والتصعيدية للوقوف في وجه ما وصفوه بالغزو “التايمي” لأراضيهم .

فهل ستعود بنا الأيام في عهد الحكومة العثمانية إلى زمن السيبة وحروب القبائل واتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور لتوطين “المزبلة”؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى