فضيحة الداودي تسرع التعديل الحكومي المنتظر
يبدو أن وزير الحكامة والشؤون العامة، لحسن الداودي، دق آخر مسمار في نعش حكومة العثماني التي لم يبقى في عمرها الكثير.
الوزير الداودي، الذي فاجأ الجميع مساء أمس الثلاثاء، وخرج للاحتجاج رفقة عمال “سنطرال” ضد المقاطعة التي يشنها مغاربة على ثلاث شركات مغربية ضمنها شركة “سنطرال دانون”، أثار غضب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين زملائه.
الداودي، الذي أظهرت الفيديوهات المتداولة عبر الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وقوفه في مقدمة المحتجين، تفنن في ترديد الشعارات وتلقين المشاركين لأقوى العبارات ضدا في أبناء الشعب المقاطعين وفي الحكومة التي تسعى الى تهدئة الأوضاع بدل إشعالها.
حضور الوزير وتوقيت الاحتجاج الذي تزامن واجتماع لجنة القطاعات الانتاجية بمجلس النواب، أثارت تساؤلات عدد من المتتبعين الذين أرجحوا تورط الداودي في التنظيم للوقفة وفي تأطير المشاركين بها والواقفين عليها.
تساؤلات النشطاء حول علاقة الوزير بوقفة عمال “سنطرال”، لم تأتي من فراغ، حيث أنها بنيت على مواقف هذا الأخير من حملة المقاطعة، وعن تصريحاته الأخيرة حول المقاطعين وتجنده للدفاع عن شركة “سنطرال” دون غيرها من الشركات التي تمت مقاطعتها، وتنصيب نفسه ناطقا رسميا ومحاميا إعلاميا باسمها.
خروج الداودي واحتجاجه ضد الحكومة والمقاطعين، أعادت الى أذهاننا واقعة الوزير التجمعي محمد عبو سنة 2009، حينما نظمت انتخابات رئاسة جهة تازة تاونات الحسيمة، و شهدت صراعات قوية بين قيادة حزب الأصالة والمعاصرة والمرشح محمد عبو ، وكان هذا الأخير قد حشد أغلبية الهيئة الناخبة لمكتب ورئيس الجهة، قبل أن تنقلب الكفة لصالح بودرا في آخر المطاف،مما دفع عبو إلى الاعتصام أمام مقر الولاية للاحتجاج على قرارات الوالي، وهو الاعتصام الذي كلف عبو منصبه الوزاري في أول تعديل حكومي عرفته حكومة الفاسي، فهل سيكون مصير الداودي مثل مصير الوزير عبو?
يعلم الجميع كما نعلم أن حكومة العثماني على ابواب تعديل حاسم ،لكن الوزير الداودي سيكون من أكبر المساهمين في الاسراع بالتعديل المرتقب، على اعتبار أن أخطائه وهفواته تجاوزت الخطوط الحمراء التي وجب على الوزير الالتزام بها، وفاتت حدود المعقول والمنطق بالنظر الى منصبه وإلى الأوضاع التي تشهدها الساحة السياسية والاجتماعية الوطنية.
الوزير الداودي الذي أبان عن فشله في تسيير واحد من أهم القطاعات الحكومية، وفي تمثيل أكبر الأحزاب المغربية، نجح في تحجيم “البيجيدي” وفي إنهاء الشعبوية التي كانت متبقية للحزب أو التي كان يدعي بقاءها، هذا الحزب الذي كان يدعي الوقوف الى جانب الشعب قبل أن يقف اليوم ضده.
الداودي اليوم وهو يتابع كغيره من المسؤولين الأوضاع المتوترة التي تشهدها دولة الأردن بسبب خروج أبناء الشعب للاحتجاج على الزيادات ، هذه الاحتجاجات التي أسفرت عن إقالة الحكومة، لم يأخذ العبرة وتمادى في خرجاته الإعلامية والميدانية لمهاجمة المقاطعين، والرفع من مستوى الاحتقان بدل إخماده، وأصبح يكتب مصيره بيده ويوثق لنهايته بلسانه.
الوزير الداودي، لم يقع فقط في خطأ الخروج والاحتجاج الى جانب عمال شركة قاطعها أبناء الشعب، بل تمادى إلى الكشف عن مضمون المكالمة الهاتفية التي جمعته برئيس الحكومة، ناسيا أن حديث المجالس أمانة ومتناسيا أن مكالمات المسؤولين أيضا أمانة.
أخطاء الوزير الداودي وتجاوزاته التي لا تعد على رؤوس الأصابع أبانت للجميع أن حزبه كان الاختيار الغلط للمغاربة وأن حكومة رئيسه كانت الخطأ الأكبر الذي ينتظر تصحيحه وإصلاحه بتعديل حكومي قريب خلال الأيام القليلة القادمة.