close button

في زمن عيدهن.. تجارب نسوية جمعت بين العمل ومهام أخرى فحققن المستحيل

يستعد العالم أجمع ويجمع العدة للاحتفال بالمرأة أينما كانت، وهو العيد الذي يوافق الثامن من شهر مارس من كل سنة ميلادية، وهو فرصة ومناسبة للتذكير بمواقف كافة النساء بمختلف المناصب والقطاعات والمهام كشقيقات الرجال وصانعات الأجيال، سواء داخل العمل أو ربات البيوت، فهن العمود الفقري للمجتمع وهُن الحضن الدافء والملاذ حين تضيق الدنيا بالرجل، فمنهن الأم والأخت والزوجة والبنات المُؤنسات الحبيبات، فكما قيل ويقال وراء كل رجل عظيم امرأة..

هي مُناسبة، يحق لنا جميعا أن نقف وقفة احترام وتقدير للدور الريادي والجوهري الذي تلعبه المرأة في بقاع العالم والمغرب على وجه الخصوص في كافة المستويات، سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو الرياضية وغيرها، لنُحصي انجازاتها الرائعة ومساهماتها الفعالة في بناء أركان المجتمع والوقوف على المكاسب التي حققتها على امتداد عام كامل، وهي مناسبة أيضا للتذكير بتاريخها النضالي الذي انطلق مع أول خروج للآلاف من عاملات النسيج بشوارع نيويورك في 8 مارس 1908، وهن يحملن الخبز اليابس وباقات الورد، في إطار رمزي لحركتهن النسوية التي أخذت بعدا وطنيا ودوليا حينها تحققت مطالبهن.

مُناسبة هذا العام، حاولنا التطرق لصنف من النساء اللواتي يزاوجن بين عملهن وباقي مهامهن كفاعلات في الحقل الجمعوي أو السياسي، أو حتى ربَّات البيوت، وقطاع التعليم ببلادنا يزخر بكفاءات عدة بطعم نون النسوة، المرابطات داخل الحجرات الدراسية في القرى وفي الحواضر، منهن من يقطعن الكيلومترات إيابا وذهابا صوب مقرات عملهن بالوحدات المدرسية بالعالم القروي على نفقاتهن الخاصة، يُسابقن الطيور في البكور، ليُلقن تلامذتهن أبجديات الحروف الأولى، ليُخرجهن من غيابات الجهل والظلام نحو نور الحق..

مِنهن من يقبعن داخل مكاتبهن بالمديريات والمؤسسات التعليمية، يشتغلن بشرف وبصمت، يحاولن جاهدات المزج بين عملهن ومسؤولياتهن الأسرية، فتراهن يسارعن الخطى صوب منازلهن لاحتضان أطفالهن، ومنهن من تسهر بجد وكد لايصال أبنائهن إلى بر الأمان كحريصات على تعليمهم وادخالهم كبريات المؤسسات التعليمية، ولا تفارقهم حتى ينالوا المراد ويتحقق الحلم..طبعا إنها غريزة الأم..

نقف هنا عند أول اختيار واختبار، لنتصفح صفحات التاريخ ونُعيد عقارب الساعة إلى الوراء، لنجد من بين ثنايا العطايا تلك التي قدّمتها ” نون النسوة” وهن تتقلدن مهامهن الإدارية والتربوية والنقابية، وهي مهام لا محالة تتطلب حنكة وصرامة واتخاذ قرارات حاسمة.

نموذج اليوم، لسيدة مزابية الأصل، تعرف لدى كثيرين وتوصف بالمرأة الحديدية، تركت بصماتها في قلوب من بادلوها التحية في الصباح على باب مكتبها من موظفين ومواطنين وفعاليات جمعوية شريكة، الكل لازال يذكر اسم تلك المرأة التي أبت إلا أن تشارك الرجل التدبير الإداري في زمن كورونا والحجر الصحي.

هي الأستاذة ” سمية الرياحي” أستاذة مادة الفلسفة، ورئيسة الشؤون التربوية بالمديرية الإقليمية للتعليم بسطات حاليا، تقلدت مهام تدبير هذه المصلحة تزامنا وأزمة كورونا، منذ الوهلة الأولى من إعلان توقف الدراسة، وضعت المرأة نفسها رهن إشارة الجميع لتتقاسم معهم ظروف العمل والإشراف على انجاح محطة التعليم عن بعد.

تُبادر بالبكور في التحاقها بعملها ولا تغادره إلا وهي مطمئنة البال مساء، عملت على انجاح محطة إنتاج الكبسولات التعليمية بمشاركة مجموعة من الأساتذة الشرفاء والأستاذات الشريفات، فقدمن معا نموذجا يستحق التشجيع والتنويه.

قد يقول قائل جاحد، أو متعنت جاهل فاشل، إن كل هذا إنما هو تطبيل وتنميق ومسحوق تجميل من كاتب المقال، ونحن نقول له على مهلك يا هذا، فهدفنا واضح يهدف بالخصوص لتشجيع الطاقات والمبادرات، لانريد لاجزاء ولاشكورا من أي أحد كان، لايهمنا في ذلك سوى رضى الرب،…حيث من لايشكر الناس لايشكر الله.

هي المرأة التي لا تقبل الاملاءات، عُينت في وقت سابق على رأس مصلحة الشؤون التربوية بمديرية التعليم بسطات، تزامن ذلك ودخول البلاد في زمن الحجر الصحي والتعليم عن بعد، لم تتخل أبدا عن مهامها حضوريا وحتى عبر لقاءات تواصلية عن بعد مع باقي شركائها، تشتغل خارج أوقات العمل وبوثيرة مسترسلة، حتى حققت الأفضل…شأنها شأن الكثير من بني جلدتها من نساء التعليم بربوع الوطن اللواتي يستحقن الشكر والتقدير والثناء الحسن والتحفيز ماديا ومعنويا..

نموذج آخر لا يختلف اختلافا عن سلفه، نموذج يتعلق هنا بالأستاذة “نادية فضمي”، أستاذة التعليم الثانوي التأهيلي بثانوية الرازي، سيدة استطاعت أن تبصم اسمها بحروف بارزة في سجلات العمل السياسي والجمعوي، كمستشارة بالمجلس البلدي لمدينة سطات.

تجدها في مختلف المحافل واللقاءات والتجمعات، تؤطر، تشارك، تسارع إلى قضاء المآرب، بحنكتها ومواقفها، تمكنت من المزج بين عملها كأستاذة وكفاعلة سياسية وجمعوية وكأم تسهر على رعاية أسرتها…

تقلّدت مهامها وجسدت مفهوم التشارك والتقرب من الساكنة في عملها الوطني كفاعلة سياسية، حاولت جاهدة استثمار تجربتها هاته خدمة للمنظومة التعليمية، من خلال اقناع كافة الشركاء والفاعلين والمساهمين للانخراط في ورش اصلاح التعليم والتعريف بأهدافه الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى