عيد الحب.. هلالٌ لم تُثبت رؤيته في زمن الحرب والنفاق

بين معنى الحب والحرب سوى حرف الراء الفارق، الأول ارتبط اسمه ب “عيد القديس فالنتينو”، الذي أضحى تقليدا أعمى واستهلاكا اعلاميا، تحتفل به المجتمعات في زمن الجفاء وغياب الحنان والتكافل الاجتماعي دون أن يترجم إلى حب حقيقي يطفئ لهيب ألسنة الحقد التي باتت تطبع العلاقات، والثاني حرب بات العالم يحصد تداعياتها الطاحنة التي لا تبقي ولاتذر، ساهمت في تنامي الفقر والقهر والجفاف والكوارث الطبيعية والأوبئة والفيروسات بشتى أنواعها، فعن أي حب يتكلم المرء،  وعيده لم تثبت بعد رؤية هلال قلوب أصحابه الصافية النقية….

في زماننا هذا كثر الحديث عن عيد الحب بلباس النقاق وكثرة العناق والغمز واللمز والقذف من وراء جُدر، تحولت فيه العادات والتقاليد إلى ما تشبه “ماكينة” تعيد صياغة من خلفه أجدادنا من آثار للقيم والأخلاق والحب الحقيقي التي كانت سائدة حينها، عكس اليوم الذي تاه فيه المرء بين دروب الحياة بحثا عن الطمأنينة والأمن والأمان والسلام، بلا معنى وبلا هدف يتسابق مع الزمن لتحقيق ذلك لكن إلى أين، الله ورسوله أعلم..

هو عيد الحب إذن، الذي يرى فيه كثيرون فرصة لإعادة صياغة طبيعة العلاقات بين المجتمعات لعلها تذيب جليد الحقد والغدر، لعلها تنعش وتغذي ما تبقى من منابع الحب والحنان والألفة بين الناس.. فيما فئة أخرى تحاول البحث عن الحب والعيش بحب دون أن تعرف قيمته، وفئة أخرى ترى في الحب تلك العلاقة التي تجمع بين اثنين أو أكثر بلا مصالح ضيقة ولا هرولة وراء أصحاب المراكز المتقدمة، وبلا تذلل ولا انبطاح لشكل أو لون أو قوة أو ضعف، بل هي طبيعة تكتسي حبا حقيقيا عنوانها التضحية والمواقف الثابتة عبر ممارسة حقيقية صادقة خالية من النفاق.

هي ذكرى عيد الحب التي تتصادف ومنتصف شهر فبراير من كل سنة، تلك الذكرى التي ارتبط تاريخها بصاحبها الذي ضحى من أجل الحب، والأصل هنا والحكمة تقتضي أن نحتفل بقصة هذا الشخص كل يوم وكل ساعة وكل لحظة وليس مرة واحدة في السنة، ما دام أنه ضحى من أجل الحب وسعى إلى تحقيقه، لكن مع الأسف ظل هذا الإحساس رهينا بقدوم شهر فبراير حتى نجدد علاقتنا بالحب ولربما هذا لا يليق بحجم الحدث، بل كان من الأجدر والأحق أن نحتفل به دائما ونجسده في علاقاتنا بشكل يومي، وأن لا نختزل معنى الحب في العلاقات العاطفية.

إننا اليوم في حاجة ماسة إلى حب حقيقي، نُحِبُّ فيه بعضنا البعض بصدق وبلا مصالح، حتى تستمر حياتنا على هذا الكوكب بسلام، وأن لا نختزل معنى الحب في طبيعة العلاقات العاطفية فقط، بل يجب العمل على أن يتعدى ذلك ليبلغ مبلغ العلاقات الإنسانية في شموليتها وعموميتها، فواقع الحال يثبت بأن ناقوس الخطر قد دق إيذانا بانقراض الحب في طبيعة العلاقات التي تجمع بين المجتمعات والأفراء بسبب غياب الابتسامة الصادقة البريئة والعناق بطعم الدفء والحنان وتوزيع النظرات البريئة… إننا اليوم في حاجة ماسة إلى حب حقيقي يعيد الأمل من جديد لنتقاسم المجالس والحديث وقطعة رغيف بقلب صادق ونية صافية، لا بوجه عبوس وقلب حاقد ونية مبيتة وسوء ظن… وإلى أن تُثبت رؤية هلال القلوب الصافية.. كل عام وأنتم بألف حب ….

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. زمن الجفاء وغياب الحنان والتكافل الاجتماعي دون ان يترجم إلى حب حقيقي يطفئ لهيب ألسنة الحقد التي باتت تطبع العلاقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى