الإعلام العمومي في زمن الأزمات.. مسلسلات مدبلجة وسهرات

محمد منفلوطي_ هـــــــــبة بريس

إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا تفاعلا مع قرار الرئيس قيس سعيد وتداعياته على عمق العلاقات الدبلوماسية التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين،  وفي ظل تفاعل الجميع مع هذا المنعطف الخطير الذي رسمه سعيد بايعاز من كابرانات الجارة، يلاحظ غياب شبه تام لتعاطي اعلامنا العمومي من قنوات فضائية وغيرها،  مع هذا المعطى، فيما برز حضور الاعلام الالكتروني بقوة من خلال الزخم الكبير والسيل العارم  من المقالات التحليلية والاخبارية تغطية للحدث الذي نال الحيز الكبير حتى على القنوات العالمية تنديدا واستنكارا بالقرار غير محسوب سياسيا بلغة أرقام صناع القرار….

الملاحظ، هو أن قنواتنا الاعلامية بظهورها الباهث هذا، لم تكلف نفسها عناء تخصيص حيز كبير من وقتها للدفاع عن هذ القرار  الصادر عن رئيس فاقد للشرعية، من خلال استضافتها لخبراء في صناعة القرار السياسي من محللين وخبراء استراتيجيين، و وفاعلين على الساحة السياسية دوليا، لاغناء النقاش، بدل الانسياق وراء تمرير مسلسلات مدبلجة وتنظيم سهرات ومهرجانات في زمن الأزمات، علما أن اعلامنا العمومي هذا له النصيب الأوفر من المال العام من جيوب دافعي الضرائب..

الموقف ذاته، تفاعل معه المحلل السياسي عمر الشرقاوي بكل جرأة عبر صفحته الفايسبوكية بالقول: ” هاذ القنوات العمومية ديالنا والملايير التي تصرف عليها ما لقاو حتى تونسي يدوزره فشي أخبار فشي برنامج، باش غادي نأثروا فالنخبة التونسية بالمونولوغ”.

وتساءل الشرقاوي عن مصير وكالة المغرب العربي فتونس بالقول: ”  وفين وكالة المغرب العربي فتونس شنو هي المواد الصحفية المهمة والتغطيات الاعلامية المؤثرة اللي دارت، راه منغطيوش الشمس بالغربال اعلامنا العمومي الممول من جيوبنا في غيبوبة إرادية”.

إن المتتبع لبعض قنواتنا العمومية وهي تبدع في تمرير خطابات بطعم مسلسلات “المسخ والعري” بثقاقة غير ثقافة متلقيها، أن يثور في وجه هؤلاء المسؤولين الذين التزم البعض منهم الصمت في أوج هذه الأزمة الدبلوماسية التي تمر بها البلاد، في الوقت الذي شمر فيه اعلام خصوم وحدتنا الترابية على سواعدهم وخصصوا حيزا كبيرا لبرامج حوارية لتمرير  خطاب المظلومية المليء بالمغالطات للنيل من المغرب ومن قضيته العادلة..

ما عسى المرء الغيور هنا إلا أن يقف حائرا متسائلا ومسائلا اعلامنا العمومي هذا عن سبب هذا الوضع، والتمادي في تخصيص الحيز الأوفر للتفاهات المدبلجة البعيدة كل البعد عن الواقع؟

ماعسى المرء هنا، إلا أن يؤكد أن على سبب تمرير هذه المسلسلات المدبلجة المنتشرة على قنواتنا العمومية الواحدة تلو الاخرى والتي تفتقر الى المهنية، ماهو إلا سد لثغرات ضعف الإنتاج الوطني، في حين يرى البعض الآخر أنها هذه التفاهات تلعب دورا حاسما في صناعة الرأي العام وتشكيل العقول واسقاط الايديولوجيات التي يستخدمها الشخص لاستكمال بناء الواقع الاجتماعي، والذي لايدركه بالخبرة المباشرة خاصة لدى الأطفال والمراهقين…

رجاء، الوطن وقضيته العادلة في حاجة ماسة لتوحيد الصفوف بين كافة المتدخلين من أحزاب سياسية ونقابات واعلام وفعاليات جمعوية وووو، لتحصين الجبهة الداخلية وتقويتها في وجه أعداء بات همهم الوحيد والأوحد هو النيل من استقرار المغرب والمس بحقوقه المشروعة، لا لشيء سوى أنه أزعجهم بسياساته الحكيمة في التعامل مع كافة القضايا ذات البعد الاقليمي والعالمي ، والذي مكنته ( المغرب) مكانة جد متقدمة داخل المنتظم الدولي، حتى إن كبريات دول العالم صفقت لها ورحبت بها…