خبير يبرز التداعيات السياسية والأمنية لموقف إسبانيا من الوحدة الترابية

شكل الموقف الجديد للمملكة الإسبانية بخصوص ملف الوحدة الترابية للمغرب، تحولا جذريا في مواقف وتوجه الجارة الشمالية بخصوص النزاع المفتعل حول ااصحراء المغربية منذ عقود من الزمن.

ويرى العديد من المتتبعين والمراقبين أن الموقف الجديد لإسبانيا، المشيد والداعم للمبادرة المغربية بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، نقطة تحول جذرية ستعزز لا محالة العلاقات الثنائية بين البلدين، وستفتح المجال أمام تطور هائل للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية ومواجهة التحديات الأمنية والسياسية للبلدين معا.

وفي هذا السياق اعتبر المحلل الاستراتيجي والأمني عصام العروسي، أن هذه مرحلة جديدة ومفصلية وتاريخية في العلاقات بين المغرب واسبانيا، خصوصاً بعد الموقف الجديد للجارة الشمالية والمتمثل في دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي حول الصحراء.

وأضاف العروسي في تصريح لجريدة “هبة بريس” الإلكترونية، أن قراءة متأنية للموقف الإسباني الجديد، تكشف عن كون هذا الموقف سلوكا جديدا، يقطع مع كل التصورات والمواقف الإسبانية التقليدية، والسابقة بخصوص الصحراء المغربية، حيت كانت تشجع الانفصال وترجح دوما خيارات البوليساريو والاستفتاء المؤدي للانفصال، إذ كانت تتلاعب بخصوص لوائح الاستفتاء قصد ترجيح كفة الانفصال في فترات معينة، مشيرا إلى أن الموقف الجديد ستكون له تداعيات سياسية وأمنية متعددة.

وأبرز المتحدث أن اسبانيا أصبحت أكثر قناعة بأن المغرب ووحدته الترابية سوف يدعمان المنطقة من الناحية الجيوسياسية، على اعتبار أن المغرب فاعل أساسي في المنطقة، وقادر على الحد من التهديدات الإرهابية ومختلف المخاطر الأمنية، سيما وأن هناك مؤشرات جادة على تنسيق البوليساريو مع منظمات إرهابية وإجرامية عابرة للحدود، فضلا عن اقتناع إسبانيا باستحالة قيام دويلة في المنطقة، والتي لن تخدم مصالحها مطلقا.

وأردف الخبير الإستراتيجي موضحا، أن التقاطبات الجديدة التي تنشأ في العالم وفي المنطقة في السنوات الأخيرة، والتي يتموقع ضمنها المغرب، وفرت للمغرب الكثير من فرص الإستثمار في الأقاليم الجنوبية، من طرف عدد من الدول الكبرى بضمانة مغربية، حيث يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، كما يعتبر مهندس الاستقرار من خلال تواجده العسكري والأمني في المنطقة، حماية للاستثمارات الأجنبية ومصالح الدول الإفريقية، لا فتا إلى أن كل المخاطر والتهديدات يواجهها المغرب بحكمة واقتدار كبير.

ومن الناحية الاقتصادية اعتبر العروسي، أن هناك تحول كبير في التوجه الإسباني من خلال اختيار المغرب عوض الجزائر، على اعتبار أن المغرب يقدم الكثير من البدائل والخيارات على مستوى السياسة الاقتصادية، حيث تعتبر إسبانيا الشريك الثاني للمغرب بعد فرنسا تجاريا واقتصاديا، إضافة إلى تضررها الكبير من قطع المغرب لعلاقاتها التجارية والاقتصادية معها، مشددا على أن قطع الجزائر لامدادات الغاز عبر الخط المغاربي شكل احدى مؤشرات عدم جدية الجزائر وتباتها في الاتفاقيات التجارية، وتضررت منه اسبانيا لاعتبار هذا الأنبوب كان مهما اقتصاديا، ويوفر على اسبانيا الكثير.

وخلص المتحدث إلى أن هذا الاعتراف سيؤذي إلى تمثين العلاقات بين البلدين وتقوية المصالح المتبادلة، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والثقافية والحضارية بين البلدين، فضلا عن معالجة عدد من الملفات المؤرقة للبلدين ومنها قضايا التبادل التجاري والهجرة والتحديات الأمنية، وكثير من الملفات الأخرى التي ستجد طريقها للمعالجة والحل بعد مدة من القطيعة والركوض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى