شجار بين “راقيين شرعيين” يُرسخ ثنائية “العنف والنّصب”
اسماعيل بويعقوبي _ هبة بريس
أظهر فيديو انتشر عبر موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، أمس الثلاثاء ، شجارا بين شخصين قيل انهما “يمتهنان” “الرقية الشرعية”، حول زبونة باحد احياء مدينة فاس حسب ماوثقه الشريط الذي انتشر على نطاق واسع ولم يتم التأكد من تاريخ وظروف تسجيله.
عراك “الراقين” الذي وصل حدّ تبادل الضرب بينهما اعاد النقاش حول” ظاهرة” جديدة تحولت الى “مهنة” يعتمد فيه “شيوخ” واشخاص على خطاب ديني في ظل غياب للمؤسسات المفروض تأطيرها للمجتمع، وعبر استعمال لغة الدين التي تعتبر “الوتر الحساس” للإنسان المغربي الذي لم يخضع لتربية نقدية تمحص الظواهر والازمات، وفي غياب التطبيب وتقديم خدمات صحية في المستوى والمتابعة النفسية .
كرونولوجيا امتهان “الرقية الشرعية” بالمغرب
يرى يونس لوكيلي، الباحث الأنثروبولوجي الذي حضر أطروحة للدكتوراه حول الرقية الشرعية تمت مناقشتها بجامعة محمد الخامس بالرباط، ” ان الرقية كانت لدى الفقهاء والزوايا والاضرحة منذ قرون خلت، ولكن مفهوم” الرقية الشرعية” يضيف الاستاذ الباحث تعد ظاهرة جديدة بالمغرب رأت النور مع بروز الفكر السلفي الوهابي، وانتشارها بدأ مع وصول هذا الفكر إلى المملكة في الثمانينيات من القرن الماضي” مبرزا “تمت هيكلة هذه الممارسة الجديدة سريعا من خلال إنشاء مراكز متخصصة وكذا عبر الشبكات الاجتماعية”.
الدكتور عبد الحليم أوتريد، المتخصص في الطب النفسي والعصبي ورئيس “الجمعية المغربية لأطباء النفس الخواص”، يكشف: “شريحة كبيرة من مرضاي جربوا أولا الرقية الشرعية قبل اللجوء إلي. فهم لا يستعينون بالطبيب النفسي سوى كحل أخير”. ثم يتابع مضيفا “هذه الممارسات المشينة، التي تدخل في نطاق الدجل، لها عواقب وخيمة. فهؤلا الرقاة يستغلون هشاشة المصابين باختلالات نفسية من أجل تدجينهم”.
منصة” الفايسبوك” لاستقطاب الزبائن والمرضى
انتشرت في السنوات الاخيرة صفحات وفيديوهات لاشخاص يطلقون على انفسهم “شيوخ” او “رقاة شرعيين” يستعرضون قدراتهم الخارقة على إبعاد “العين والحسد والتوكال والثقاف” وعلى شفاء المسحور والممسوس عبر استعمال الرقية الشرعية والطب البديل وتقديم علاجات للسحر، مع عرض عدد من الحالات المصابة بالصرع في مشاهد لا تحترم خصوصية المرضى المصابين بأزمات.
الدكتور رشيد الجرموني، الأستاذ بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، يرى أن استعمال “فيسبوك” من لدن هذه الفئة يتم في غياب مؤسسات تراقب هذا الفضاء المفتوح الذي يخول استغلاله لأي كان، لافتا إلى أن جزءا من المغاربة الذين يعيشون توترا اجتماعيا وفي ظل غلاء المعيشة وارتفاع سن الزواج والعنوسة وهشاشة اجتماعية واقتصادية وثقافية يلجؤون إلى مثل هذه الحلول بالرغم من كونها غير عقلية إلا أنها تبقى مقبولة اجتماعيا ومستساغة سيكولوجيا، وفق تعبير الباحث.