كيف غادر ” الألمان” أكادير وتبعهم أحفادهم ؟

ع اللطيف بركة – هبة بريس

في ظل استمرار ” التعثر ” التي تعيشه مدينة أكادير، على كافة الاصعدة، مقابل دخول المدينة غرفة ” الانعاش” مند عقود من الزمن، فبعد القولة الشهيرة للملك الراحل محمد الخامس والتي أكد فيها انه حتى لو شاءت الاقدار أن هدمت المدينة بفعل الزلزال، فإن الملك والشعب قادران على بناءها من جديد، قولة كانت بردا وسلاما على قلوب الاكاديريين انذاك، وعدم الخوف على إعمار المدينة، انطلقت سفينة البناء ليتم إنبعاث المدينة من جديد، وشكل الحدث التاريخي الثاني انطلاقة المسيرة الخضراء من قصر بلدية أكادير في عهد الراحل الملك الحسن الثاني، إشارة قوية لأهمية تنمية المدينة لتكون العاصمة الاقتصادية للجنوب، توالت السنوات ومعها تشكلت المجالس المنتخبة ومعها المسؤولين الترابيين، لتتحول المدينة الى مجال للصراع ” الفارغ” وبقرة حلوب انبعث منها إقطاعيون جدد، حولوا مجالها الترابي الى أقفاص إسمنتية مستغلين مشاريع الاعمار، فإمتلأت الارصدة وأخد كل نصيبه، في حين بقيت المدينة تندب حظها العاثر ولم تجد مسؤولا يمكن ان يرجع اليها بريقها بعد ان وصفت عمرانيا ب ” المدينة الاوروبية” .

– الالمان والفرنسيين الصراع القديم الجديد.

قالت مصادر مهتمة بالشأن السياحي بأكادير، أن عدد من الاسر ذات الاصول الالمانية ” الاحفاد” بدؤوا في الهجرة لديارهم، بسبب الاهمال الذي تشهده المدينة على كافة المجالات، في حين ان الفرنسيين يتكاثرون بالمدينة، وهو ما يرجع الى الادهان الصراع التاريخي بين هادين البلدين الاجنبيين على المدينة.

تظهر الصورة التي تتوفر عليها ” هبة بريس ” لباخرة بمدفعية من نوع “إس.إم.إس بانثر” التي ارسلتها ألمانيا لتهديد فرنسا بقصف مدينة اكادير.

أزمة أكادير (1911) وتسمى كذلك باسم أزمة المغرب الثانية، هي أزمة عالمية، نتجت عن المنافسة الألمانية لفرنسا في المغرب ووصول زورق المدفعية الألماني پانثر (SMS Panther) إلى سواحل أكادير والتهديد بقصفه إذا لم تنسحب فرنسا من المغرب. وانتهت بحصول ألمانيا على جزء من الكونغو، مقابل تخليها عن المغرب لكل من فرنسا وإسبانيا.

– السياق التاريخي

في بداية القرن العشرين، بدأت فرنسا التي كانت قد استعمرت الجزائر (سنة 1830)، تشعر بالقلق إزاء أمن حدودها مع المغرب، في حين بدأت تطمع في احتلال هدا الأخير. فقد كانت المملكة الشريفة من بين آخر بلدان شمال أفريقيا غير المستعمرة، وكانت محل اطماع العديد من القوى الأوروپية، خاصة منها فرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا التي شعرت بتخلفها عن الركب الأوروپي فيما يخص المستعمرات.

و في سنة 1904، توصلت حكومتي فرنسا وبريطانيا العظمى إلى اتفاق الودي، وذلك على حساب ألمانيا، حيث تنازلت من خلاله فرنسا على حقوقها في مصر لصالح بريطانيا مقابل آعتراف هده الأخيرة بحق فرنسا في فرض الحماية على المغرب.

و لتذكير فرنسا بحقوق ألمانيا في المغرب، نزل إمبراطور ألمانيا فيلهلم الثاني (غيوم الثاني) بمدينة طنجة شمال المغرب، والتقى بالسلطان مولاى عبد العزيز بن الحسن، وأكد له بالتزام ألمانيا باستقلال المغرب، وندَّد برغبة فرنسا بالانفراد بالمغرب، ودعى إلى تدويل القضية المغربية، الشيء الذي أجج الخلاف بين القوى الأوروپية، وهده الأزمة هي التي تعرف باسم أزمة المغرب الأولى.

ولِتهدئة الخلاف بين الدول المتنافسة، عُقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 غير أن هذا المؤتمر جاء بامتيازات جديدة لصالح فرنسا وإسبانيا، وكان بمثابة إيذان لها بالشروع في احتلال المغرب، فقد أعطى لفرنسا وإسبانيا الحق في إنشاء قوة عسكرية تحت إدارتيهما، بالإضافة إلى امتيازات مصرفية، كما أعطى لفرنسا حق إنفرادها بالنظام الجمركي بالمغرب.

في ظل هذه الأوضاع المتأزمة، تمكن بوحمارة، إثر ثورته الشهيرة من بسط نفوده على الجهة الشرقية للمغرب، خاصة مدينة وجدة ونواحيها، فطلب السلطان مولى عبد العزيز من فرنسا التدخل العسكري لاحتلال وجدة.استغل ليوطي (المقيم العام لِفرنسا بِالمغرب) حدثاً دون أهمية تذكر(حادثة مقتل الدكتور موشان) كذريعة لاحتلال وجدة والجهة الشرقية سنة 1907، الشيء الذي أدى إلى ثورة القبائل شرق المغرب. وأدت هذه الأحداث إلى عزل عبد العزيز وتعيين أخيه عبد الحفيظ بن الحسن على عرش المغرب.

و في مارس 1911، بلغت ثورة القبائل عاصمة المغرب فاس، فطلب السلطان عبد الحفيظ من فرنسا التدخل من جديد لحماية فاس من الثوار في أبريل 1911، فشنت فرنسا حملتها العسكرية على فاس لكسر الحصار (بالفرنسية: colonne moinier)، كما استغلت هذه الدريعة لتسويغ استعمار فاس والرباط. وفي ظل هذه الفوضى العارمة، استغلت إسبانيا بدورها اتفاق 1904 (الاتفاق الودي) لِاحتلال كل من العرائش والقصر الكبير وأصيلة.

ولحماية مصالحها في المغرب، اعتبرت ألمانيا هذه التدخلات خرقاً لفصول معاهدة مؤتمر الجزيرة الخضراء (1906)، وبادرت بإرسال بارجتها الحربية “پانثر” لسواحل اكادير.

فهل المدينة أصابتها نعلة التاريخ وصراع القوى، أم ان التاريخ يعيد نفسه بولادة قوى داخلية تحاول عرقلة نهضتها المنتظرة، فكل الفعاليات الجمعوية والحقوقية تطالب تأهيل المدينة بعد تعثرها عن الركب في كافة المجالات، فهل يتحقق الحلم، خصوصا ان الملك محمد السادس قد اعطى انطلاقة ورش اقتصادي مهم بها، لم يرى النور بها رغم وصول المحددة لمشروع التسريع الصناعي (2020) فهل سيشكل هذا التأخير غضبة ملكية على مسؤوليها خصوصا ان زيارة مرتقبة للملك محمد السادس لهذه المدينة؟؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى