“روتيني اليومي” في زمن اليوتيوب ومقولة “يَخْ مَّنُو وعَيْنُو فِيه”

محمد منفلوطي_ هبة بريس

كثر الجدل والحديث، وتعددت معهما الآراء والانتقادات، وبين هذا وذاك، حصد الآخرون ومعهم الأخريات الملايين من الدريهمات من مداخيل اليوتيوب. في عز هذا النقاش، وماخلفه من تداعيات، وقف هؤلاء وراء كاميرات هواتفهم “هن”، غير آبهين ولا آبهات لموجة الغضب المندلعة حولهن من أفراد مجتمع لايزال يحتفظ بالكثير من العادات والطقوس والتقاليد التي تجعل من المرأة جوهرة ناذرة وثريا بأنفاس غالية لا يجب تعريضها للتشويه والتنقيص والبيع بالمزاد العلني.

هكذا هو مجتمعنا وهكذا هي تقاليد الكثير من الأسر المحافظة التي ترى في موضوع ” الروتين اليومي” هذا تشويها لصورة المرأة كأم ومدرسة إن أعددتها أعددت شعبا ومجتمعا وجيلا طيب الأخلاق.

نعم، يبقى للاتجاه الآخر رأي آخر، لاسيما من المدافعين عن الحريات الشخصية، الذين لا يرون في الأمر اشكالا ولا مشكلة تطرح، يرون في تلك المشاهد الخادشة للحياء أمرا عاديا يساير العصر ويندرج في إطار الانفتاح على الثقافات وحرية الجسد، فيما يبقى العديد من أبطال هذه الفيديوهات من الروتيني اليومي خارج سياق النص كله، بدعوى أنهن يسعين للربح ولو على حساب الكشف عن العورات.

فعلى الرغم من الانتقادات اللاذعة التي وجهت لهذه الموضة الجديدة، تبقى نسبة المشاهدة خيالية، تعكس في الوقت ذاته نوعية المتلقي وطريقة تفكيره ورغبته الجامحة، بل قد تلامس أحيانا حتى جمهور المنتقدين تماشيا والمقولة الشعبية ” يَخْ مَّنُو وعَيْني فيه”، حتى هؤلاء بدورهم ساهموا في الرفع من شأن المشاهدة حتى بلغت مبلغ “الترند ”، في حين طالب آخرون بضرورة التصدي للظاهرة عبر تفعيل أدوار الهيئات الرقابية لرصد ما يتم عرضه على مواقع التواصل الاجتماعي حفاظا على الناشئة.

فيما اعتبر فريق آخر أن مثل هاته المشاهد المخلة بالحياء، ساهمت بشكل كبير ومباشر في تهديد التماسك الأسري وما قد ينتج عن ذلك من جريمة أخلاقية وانحلال خلقي بشتى ألوانه وأطيافه….وما ذلك إلا نتيجة حتمية لهذه الآفة الخطيرة الفارغة من المضمون والمحتوى العرض من ورائها كسب المال ولو على حساب الشرف.

ففي غياب دراسات ميدانية لقياس درجة هذه الظاهرة الدخيلة عن مجتمعنا وتحديد أبعادها ومداها وتداعياتها على الواقع المجتمعي، يبقى التكهن بتأثيراتها الخطيرة على مختلف شرائح المجتمع قائما يتربص بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، ناهيك عن تأثيراتها المباشرة على الوضع الأسري والتماسك الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى