شهادة زور في جناية ملفقة تجر ضابط شرطة أمام جنايات الجديدة

أحمد مصباح – هبة بريس

أصدر الأستاذ محمد الدويري، قاضي التحقيق الجنائي لدى الغرفة الأولى باستئنافية الجديدة، بعد الانتهاء من التحقيق، أمرا بتاريخ: 01/10/2018، علاقة بملف التحقيق عدد: 79/2018، يقضي بما يلي:

بمتابعة (حسن ب.)، ضابط الشرطة القضائية لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، المتهم بجناية الزور في قضية جنائية، طبقا للفصل 369 من القانون الجنائي، وإحالته، في حالة سراح، مع كل وثائق البحث والتحقيق، على غرفة الجنايات، لمحاكمته طبقا للقانون؛

وبتبليغ هذا الأمر إلى الوكيل العام بستئنافية الجديدة، المطابق لملتمسه النهائي، المؤرخ في: 18/09/2018، الذي التمس فيه إصدار أمر  بإحالة المتهم على غرفة الجنايات، لمحاكمته من أجل المنسوب إليه، طبقا للقانون؛

وبتبليغ هذا الأمر إلى كل من يجب قانونا، في إشارة إلى الجهات الإدارية المعنية، المدير العام للأمن الوطني، ورئيس الأمن الإقليمي للجديدة.

هذا، وكانت (أسماء كاديمي)، رفعت، بتاريخ: 13/03/2018، شكأية، عبر البريد المضمون، إلى الوكيل العام بمحكمة الدرجة الثانية بالجديدة، في مواجهة ضابط الشرطة (حسن ب.)، على خلفية الإدلاء بشهادة الزور، أمام غرفة الجنايات الاستئنافية. وهي الشكاية التي فتحت بشأنها النيابة العامة بحثا قضائيا؛ ورفعت إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، الملتمس عدد: 15 أ. م. ق./2018، بتاريخ: 07/05/2018، في مواجهة (حسن ب.)، ضابط الشرطة القضائية، المتابع في حالة سراح، من أجل ارتكاب جناية شهادة الزور في قضية جنائية، طبقا للفصل 369 من القانون الجنائي.

إلى ذلك، فإن وقائع النازلة تعود إلى سنة 2016. وكان الوكيل العام باستئنافية الجديدة، اطلع على المسطرة القضائية رقم: 872 / ج. ج./ ش. ق.، بتاريخ: 24 مارس 2016، التي أنجزها القسم القضائي الرابع لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، في موضوع: “إهانة موظفين عموميين أثناء وبسبب مزاولتهم لمهامهم، وتمزيق وثيقة رسمبة”، في مواجهة (أسماء كاديمي)،التي تحولت من مشتكية، في إطار قضية جنحية، إلى مشتكى بها، ووضعها تحت تدابير الحراسة النظرية، ثم رهن الاعتقال الاحتياطي، بعد أن لفق لها  ضابط الشرطة (حسن ب.) جناية من العيار الثقيل،  تصل عقوبتها حد 10 سنوات سجنا.

وقد أحال الوكيل العام المسطرة المرجعية على قاضي التحقيق الجنائي، الأستاذ محمد الدويري، والتمس منه “إجراء تحقيق في مواجهة (أسماء كاديمي)، من أجل تمزيق وثيقة رسمية، وإهانة موظف عمومي أثناء قيامه  بمهامه، طبقا للفصلين 592 و263 من القانون الجنائي، مع إيداعها رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالجديدة”، و”إصدار أمر بإحالة المتهمة على غرفة الجنايات، لمحاكمتها من أجل المنسوب إليها، طبقا للقانون”.

1/ أمر قاضي التحقيق بعدم المتابعة:

استمع قاضي التحقيق الجنائي تفصيليا، في إطار التحقيق الإعدادي، إلى المتهمة (أسماء كاديمي)، في حالة سراح، بعد أن أدت كفالة بقيمة 3000 درهم، وكذلك، إلى المشتكي، ضابط الشرطة (حسن ب.). حيث أصدر، بعد اطلاعه على مستندات الملف الجنائي، وعلى ما دار في جلسات التحقيق،  أمرا بتاريخ: 14/02/2017، في ملف التحقيق عدد: 18/16، يقضي بعدم متابعة المتهمة، في ما يتعلق بتهمة تمزيق وثيقة رسمية.

ومما جاء في التحقيق الجنائي أن الثابت من جذاذات ونتف المحضر (محضر الضابطة القضائية)، المقدم على أنه هو الوثيقة التي تعرضت للتمزيق، أنه غير موقع من قبل ضابط الشرطة وغير مختوم بختم الإدارة، بل إنه لم يتم توقيعه من أي طرف، وبالتالي، ليست له صفة الرسمية، ولا صفة المحضر. إذ لازال ورقة عادية، ليست لها أية قيمة قانونية.

وجاء في حيثيات أمر قاضي التحقيق، أن محاضر الضابطة القضائية، هي أوراق رسمية، وأنها لا تحمل هذه الصفة إلا بعد أن تستوفي شروط الوثيقة الرسمية. أما قبل ذلك، فهي مجرد ورقة عادية. حيث إن الورقة الرسمية يجب أن يشهد الموظف العمومي بصدورها عن السلطة العامة، أي بتوقيعها من طرف الموظف المختص، وختمها بختم الإدارة.

واعتبر قاضي التحقيق في الحيثيات دائما، أن تمزيق هذه الورقة بهذا الشكل، كرد فعل من المتهمة على ما ورد فيها، يدخل في نطاق إهانة موظف عمومي، وليس في نطاق تمزيق وثيقة رسمية، لإتلافها وإعدام ما تضمنته من حقوق والتزامات. حيث يغيب في هذا الفعل القصد الجنائي، الذي من شأنه أن يحدث ضررا ماديا ومعنويا.

وهكذا، صرح قاضي التحقيق أن أفعال المتابعة تشكل كلها جنحة إهانة موظف عمومي، أثناء قيامه بمهامه، طبقا للفصل 263 من القانون الجنائي، ويتعين متابعتها من أجل ذلك، وإحالتها مع كل وثائق البحث والتحقيق، في حالة سراح، على المحكمة الابتدائية بالجديدة، لمحاكمتها طبقا للقانون.

2/ أمر الغرفة الجنحية بالمتابعة:

أصدرت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالجديدة، وهي تبث في الملف رقم:           32/2525/2017/المشورة،  والتي كان يرأسها الأستاذ مولاي أحمد الرزكيني، قرارها رقم: 60/17،  بتاريخ: 01/03/2017، بإلغاء الأمر المستأنف بخصوص عدم متابعة المتهمة (أسماء كاديمي)، من أجل جناية تمزيق وثيقة رسمية، والتصريح من جديد بمتابعتها من أجل ذلك، طبقا للفصل 592 من القانون الجنائي، وإحالتها على غرفة الجنايات، لمحاكمتها  طبقا للقانون (..).

وقد جاء بث الغرفة الجنحية في القضية، بناءا على الاستئناف الذي تقدمت به النيابة العامة تحت عدد: 17/16، بتاريخ: 10/02/2017، ضد الأمر الصادر عن قاضي التحقيق، بتاريخ: 14/02/2017، في ملف التحقيق عدد: 18/16، القاضي بعدم متابعة المتهمة من أجل المنسوب إليها. وقد ركزت النيابة العامة  في معرض بيان استئنافها، على أن ظروف النازلة وملابساتها تؤكد تورط المتهمة في الفعل المنسوب إليها، وأن الأمر المستأنف مجانب للصواب فيما قضى به، ويتعين إلغاؤه (..).

3/ الوضع  رهن الاعتقال الاحتياطي:

بعد أن أصدرت الغرفة الجنحية أمرها بإحالة المتهمة على غرفة الجنايات، لمحاكمتها طبقا للقانون، تم إيداعها رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي، تحت رقم الاعتقال: . 52375، حيث قضت 18 يوما خلف القضبان، قبل أن يتم الإفراج عنها، بعد تمتيعها بالسراح المؤقت، بموجب القرار الذي أصدره قاضي التحقيق الجنائي.

4/ قرار غرفة الجنايات الابتدائية بالبراءة:

استنادا إلى الأمر بالإحالة، الصادر عن الغرفة الجنحية، بثت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالجديدة، في الملف الجنائي رقم: 93/17. حيث أصدرت قرارها الجنائي الابتدائي رقم: 299، بتاريخ: 20/06/2017، الذي قضى، حسب منطوقه، بعدم مؤاخذة المتهمة من أجل جناية تمزيق وثيقة رسمية، والحكم ببراءتها منها، وبمؤاخذتها من أجل الباقي (إهانة موظف عمومي)، والحكم عليها بشهرين اثنين حبسا نافذا.

هذا، وأكد دفاع المتهمة، الأستاذ الحسن عيشوش، المحامي بهيئة الجديدة، حسب ما هو مضمن في القرار الجنائي الابتدائي، أن الوثيقة الممزقة  هي ورقة عادية، لا تحمل توقيع الضابط،  ولا توقيع المتهمة، ولا رسمية لها، وأن الأمر  يتعلق بوثيقة  عادية، وليست رسمية. والتمس القول ببراءتها من أجل تمزيق وثيقة رسمية. وبخصوص إهانة موظف عمومي، فإن المتهمة أنكرت أمام المحكمة، وأمام قاضي التحقيق. والتمس القول ببراءتها من ذلك (..).

ومما جاء في  تعليل قرار غرفة الجنايات الابتدائية، التي كان على رأسها  الأستاذ  عمر بشار، أن المحضر المذكور (محضر المواجهة الممزق)، مازال لم يوقع بعد، وبالتالي، مازال لم يكتسب قيمته الرسمية، التي تكتسب بتوقيع الموظف العمومي عليه، ووضع ختم الإدارة عليه. حيث إنه أمام عم اكتساب المحضر المذكور لصفته الرسمية، فإنه يعتبر ورقة عادية. وحيث إنه  نظرا لعدم اكتساب الورقة الممزقة لرسميتها، فإن عناصر تمزيق وثيقة رسمية، تبقى  غير قائمة. وتصرح المحكمة بعدم مؤاخذة المتهمة من أجلها، والحكم ببراءتها من هذه الجناية.

5/  قرار غرفة الجنايات الاستئنافية بالبراءة:

بثت غرفة الجنايات الاستئنافية في الملف الجنائي عدد: 224/17، بناء على الاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة والمتهتمة، حسب الصكين عدد: 353 و356، وبتاريخ: 28 و30/06/2017،  ضد القرار الجنائي الابتدائي رقم: 299، الصادر بتاريخ: 20/06/2017، في الملف رقم: 93/17.

وقد أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية قرارها عدد: 24/18، بتاريخ: 24/01/2018، والذي قضى بتأييد القرار المستأنف،  بعدم مؤاخذة المتهمة من أجل تمزيق وثيقة رسمية، وبراءتها من هذه الجناية، مع تعديل العقوبة المحكوم بها، شهرين حبسا نافذا، من أجل جنحة إهانة موظف عمومي، (بجعلها) موقوفة التنفيذ.

وبالمناسبة، صرحت المتهمة أمام غرفة الجنايات الاستئنافية، في الجلسة التي عقدتها بتاريخ: 24/01/2018، أن الضابط المختص (حسن ب.) استعمل في حقها، أثناء إجراء البحث التمهيدي، العنف، وأنكرت تمزيق المحضر (محضر المواجهة).

وقد تم وضع ضابط الشرطة (حسن ب.)،  بالقاعة المعدة للشهود، قبل أن ينادى عليه للمثول أمام الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية. ومما جاء في شهادته، بصفته شاهدا،  بعد أداء اليمين القانونية،  أنه “وقع المحضر”، الذي نسب تمزيقه إلى (أسماء كاديمي)،  وأنه “وثيقة رسمية”، يحمل توقيعه وختم الإدارة. وقد تبين في حينه للهيئة القضائية أن المحضر، موضوع المتابعة الجنائية، وفق الفصل 592 من القانون الجنائي، لا يحمل،  وعلى خلاف شهادة ضابط الشرطة (حسن ب.)، أي توقيع أو  ختم. ما يجعل منه “ورقة عادية”، وليس “وثيقة رسمية”.

وقد أكد دفاع المتهمة، الأستاذ الحسن عيشوش، في مرافعته أمام المحكمة، بعد عرض وقائع النازلة، أن المحضر الذي توبعت موكلته (أسماء كاديمي) بتمزيقه، غير موقع من طرف ضابط الشرطة الذي أنجزه (..). وهذا ما تبين لأعضاء الهيئة القضائية، وممثل النيابة العامة، بعد الاطلاع على المحضر الممزق، المضمن في الملف الجانئي، المعروض على أنظار غرفة الجنايات الاستئنافية، التي جاء في تعليلها للقرار الجنائي الاستئنافي، الذي أصدرته، أن محاضر الضابطة القضائية هي أوراق رسمية، وأنها لا تحمل هذه الصفة إلا بعد أن تستوفي  شروط الوثيقة الرسمية. أما قبل ذلك، فهي مجرد وثيقة عادية، وأن الورقة حتى تكون رسمية، يجب أن يشهد الموظف العمومي بصدورها عن السلطة العامة، أي بتوقيعها من طرف الموظف المختص، وختمها بختم الإدارة (..).

ودائما حسب تعليل غرفة الجنايات الاستئنافية، فإن الثابت من جذاذات ونتف المحضر المقدم على أنه الوثيقة التي تم تمزيقها، أنه (المحضر) غير موقع من قبل ضابط الشرطة، وغير مختوم  بختم الإدارة، بل أنه لم يتم توقيعه من أي طرف، وبالتالي، ليست له صفة الرسمية، ولا صفة المحضر. إذ لازال ورقة عادية، ليست لها أية قيمة  قانونية. وحيث إنه بناء على ما سبق، وحسب القرار الجنائي الاستئنافي، فإن القرار المستأنف، عندما قضى ببراءة المتهمة من جناية تمزيق وثيقة رسمية، على أساس أن الورقة  التي قامت بتمزيقها، لم تكتسب بعد صفة الرسمية، لأنها  غير موقعة من طرف الموظف الذي أنجزها، فإنه (القرار المستأنف) صادف الصواب.

قرار تاريخي:

لقد ولجت  (أسماء كاديمي) ليلا إلى مقر أمن الجديدة،  ك”مشتكية”، وخرجت  منه، بعد  سلب حريتها مدة 48 ساعة، “مصفدة اليدين”، تجر جناية من العيار الثقيل، تصل عقوبتها حد 10 سنوات سجنا، حسب الفصل 592 من القانون الجنائي.. وهي جناية تمزيق وثيقة رسمية (محضر الضابطة القضائية)، لفقها لها  إليها ضابط الشرطة (حسن ب.).

وبعد أن ثتتت، بعد حوالي سنتين، براءتها التامة أمام غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية، رفعت (أسماء كاديمي)، التي أصبحت تعيش “كابوسا مرعبا” من تبعات ما عاشته، في يقظتها ومنامها، داخل وخارج السجن، إلى الوكيل العام باستئنافية الجديدة، شكايتين، عن طريق البريد المضمون، حسب وصلي الإرسال البريديين، اللذين تتوفر عليهما. حيث التمست في شكايتها الثانية، بتاريخ: 02/04/2018، بإلحاقها وضمها إلى شكايتها الأصلية، بتاريخ: 13/03/2018 (..).

هذا، وأصدر الأستاذ محمد الدويري، قاضي التحقيق الجنائي،  الاثنين 01/10/2018، قرار تاريخيا علاقة بملف التحقيق عدد: 79/2018، يقضي بمتابعة ضابط الشرطة (حسن ب.)، المتهم بجناية شهادة الزور في قضية جنائية، طبقا للفصل 369 من القانون الجنائي، وإحالته على غرفة الجنايات، لمحاكمته طبقا للقانون.

وبالمناسبة، فقد نص الفصل 369 من ق. ج.، على ما يلي: “من شهد زورا في جناية، سواء ضد المتهم أو لصالحه،  يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر.  فإذا ثبت أنه تسلم نقودا أو مكافأة من أي نوع كانت،  أو حصل  على وعد كانت العقوبة  السجن من عشر  إلى عشرين سنة.”.

هذا، وعرف القانون الجنائي في الفصل 368،  شهادة الزور، كالتالي: “شهادة الزور هي تغيير الحقيقة عمدا تغييرا من شأنه  تضليل العدالة، لصالح أحد  الخصوم أو ضده، إذا أدلى  بها شاهد، بعد حلف اليمين، في قضية  جنائية أو مدنية  أو إدارية، متى  أصبحت أقواله  نهائية”.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. YAHYA AL A3DEL.
    YOUMHEL WA LA YOUHMEL.
    IL Y A DES POLICIERS QUI SE CROIENT AU DESSUS DES LOIS ET QUI CROIENT MÊME COMME FER QU ‘ILS SONT LA LOI.
    DA3WAT AL MADLOUM!
    FA3TABERO WA OULI ALBSSAR…

  2. مثل هاته الأخبار تثلج الصدر و تجعلنا متشبثين بالأمل في صللاح البلد و تبرز بالملموس ان الشرفاء في هذا الوطن كثر لكن المفسدين هم الذين يجعلون الأمور اكثرسوداوية في نظر الناس

  3. ما احوجنا الى رمي هولاء الفاسدين خارج الشارع المغربي ، ولكن يجب ان تطول يد العدالة كل من يتحرك فوق ارض المغرب وهذا طبعا من سابع المستحيلات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى