مُخلفات المباني سرطان يلتهم الفضاء البيئي في صمت

تعتبر المحافظة على البيئة من الأولويات التي يجب الاعتناء بها و إعطائها النصيب الأكبر من العناية و الاهتمام، وذلك مراعاة لما تلعبه من دور أساسي في المحافظة على المحيط البيئي، الشيء الذي جعلها من بين الانشغالات الرئيسية و النقط الجديدة المندرجة في الدستور المغربي الجديد، ونظرا للوتيرة المتسارعة التي تشهدها معظم المدن المغربية في النمو السكاني ورغبة الكثيرين في إنشاء منازلهم الخاصة أو حتى مشاريعهم الاستثمارية وقيام البعض الآخر بترميم وصيانة منازلهم، تسبب كل ذلك في تنامي ظاهرة استغلال الأراضي البيضاء داخل الأحياء لتكون مقراً لركام ومخلفات المباني، مما يسبب تشويهاً للمنظر العام وأعباء إضافية على سكان تلك الأحياء .

نمــــــوذج من نمـــــاذج شـــــــــتى

وعلى غرار باقي الأقاليم بمغربنا الحبيب، يتوفر إقليم سطات على مؤهلات طبيعية متنوعة ومهمة يتم توظيفها في ميادين عدة، غير أن التزايد الديمغرافي وتسارع وثيرة النشاط الصناعي والتوسع الحضري يعرض هذه المؤهلات البيئية لمشاكل متعددة على رأسها ظاهرة التخلص من مخلفات البناء التي تحولت إلى آفة مرعبة تدق ناقوس الخطر ايذانا بإتلاف المجال البيئي نتيجة قيام العديد من أعداء البيئة من التخلص من أكوام المخلفات على جنبات الطرق والأحياء السكنية وبالعديد من المساحات الداخلية الفارغة التي بالعادة تكون داخل الأحياء في ظل عدم وجود الرقابة من الجهات المعنية المختصة التي من المفروض عليها تكثيف من دورياتها للحد من الخطر المتنامي في صمت.

ولعل أبرز موقف سجلته “هبة بريس” صباح اليوم الاربعاء بمحاذاة حي التنمية وعلى بضع خطوات من مقر عمالة الإقليم، موقف شجاع بطله قائد المقاطعة الحضرية الثانية الذي وبالرغم من اكراهات العمل المتواصلة لاسيما مع ملف ايواء الباعة الجائلين بالأسواق النموذجية وما خلف من ردود أفعال واحتجاجات،  وفي خضم هذه الاكراهات كلها أبى هذا القائد إلا أن يحارب الظاهرة التي باتت تشوه جمالية المدينة وتهدد كيانها البيئي، حيث قام اليوم بتعقب صاحب عربة محملة بهذه المخلفات الخطيرة التي كانت بصدد التخلص منها على مشارف مجموعة من الأحياء السكنية الراقية، ليقوم قائد المقاطعة المعنية بحجز العربة وفتح تحقيق مع صاحبها في خطوة استحسنتها الساكنة التي طالبت وبالحاح بتفعيل أدوار الشرطة الإدارية وكافة المتدخلين في هذا الصدد لوقف هذا النزيف الذي يهدد الفضاء البيئي ويحدث أضرارا بصحة الانسان، لاسيما الأطفال الصغار الذين يجدون أنفسهم منهمكين في عمليات فرز هذه المخلفات التي غالبا ما تحتوي على مكونات خطيرة كالقطع الحديدية والخشبية والزجاجية من المحتمل أن تسبب لهم ضرراً بالغاً.

 

جمعويون ونـــــاقوس الخطر

 

دقّ فاعلون جمعويون ناقوس الخطر مطالبين بالتدخل السريع لحل هذه الأزمة التي تثير استياء المواطنين، مع فرض عقوبات قاسية على كل من سولت له نفسه العبث بالفضاءات البيئية خدمة لأجندته الذاتية.

مواطن من مدينة سطات وبنبرة حزينة، أكد أن الظاهرة أخذت منحى تصاعدي في الآونة الأخيرة بفعل تعمد البعض من التخلص من مخلفات الترميم أو حتى البناء داخل الأحياء، وهذا يعكس حسب وصفه منظراً سلبياً للمدينة والأحياء السكنية، مع العلم أن إزالة هذه المخلفات يقع على عاتق صاحب المشروع فهو المسؤول الأول بتنظيف الركام الخارج من منزله كما يجب على المجلس البلدي التحرك  للضرب بيد من حديد على المخالفين المتسببين بهذا التشويه.

 

حُــــــــــلول قد تُفــــــيد

إن المحافظة الجيدة على المجال الاخضر و ضمان استدامته للأجيال القادمة يتطلب القيام ببعض الإجراءات الضرورية والمستعجلة في إطار سياسة المدينة و من بينها: انجاز خطة بعيدة المدى من أجل وضع أسس الحفاظ على ديمومة الحدائق في أفق تحقيق التنمية المستدامة لكافة أحياء المدينة مع الأخذ بعين الاعتبار للحاجيات المستقبلية في هذا الشأن، وترتيب و تصنيف المجال الاخضر كتراث محلي طبيعي ووضع الإطار القانوني و المؤسساتي الخاص بتدبيره و الذي سيمكن من تحديد مسؤوليات و مهام و توضيح أدوار كل المتدخلين في تدبيره، حراسة دائمة ومستمرة خاصة للأماكن التي تعرف كثرة الزوار، وعقد لقاءات وحملات تحسيسية مع كافة المنعشين العقاريين وحثهم على احترام الفضاءات البيئية وخلق مساحات خضراء داخل التجزئات السكنية والاقامات تماشيا وتصاميم التهيئة، وهذا لن يتأتى دون خلق بيئة سليمة للتواصل والعمل وفق مقاربة تشاركية مع كافة المتدخلين لتعزيز المسيرة التنموية التي يشهدها المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى