تاونات تسجل أعلى معدلات الانتحار على الصعيد الوطني‎

بحث اشخاص من مجتمع إقليم تاونات ،منهم نساء ورجالا، شبابا وشيوخا، عن العيش الرّغيد فوجدوه في طبق من سم الفئران، الغطس في بئر مائي، أو القفز من أقرب مكان يحررهم من عذاب الحياة، في ظل شهر واحد فقدنااكثر من 20 شخصا منهم من فضلوا ألم الموت على ويلات الفقر والبطالة، منهم من رسبوا في الامتحانات فطوقوا رقابهم بالحبال التي من المرجح أن تبرحهم ضربا، منهم فتيات خشين من شبح العار فاختبأن بين أحضان الموت، منهم من التهمت المخدرات عقولهم حتى صاروا غير قادرين على التمييز بين حلاوة الحياة ومرارة الموت، منهم من تراكمت لديهم الضغوطات النفسية والعقلية واشتدت بهم الآلام العضوية فاختاروا جحيم الآخرة عوض وخزات الدنيا، كلها أسباب اجتماعية، ثقافية، ودينية شكلت ضغطا على أناس رموا بأنفسهم في دوامة مخرجها الوحيد هو الانتحار، ووقفت عائقا أمامهم حتى لا يفصحوا عما يعانوه ليغادروا في هدوء ودون أية شبهات.

وفي الوقت الذي كان إقليم تاونات من الأقاليم المغربية التي تعاني أزمة وعي حادة فإن ظاهرة كالانتحار تشكل لقما سريعا لاصطياد الضحايا، خاصة وأنه يمثل وصمة عار ولعنة تلاحق عائلة المنتحر التي تحاول قدر الإمكان التستر عنه، لاسيما إذا كان المنتحر طفلا أو مراهقا فالعائلة تخفي الموضوع خوفا من سماع اللوم والعتاب من طرف المحيط العائلي في ما يخص تقصيرها في تربية الأبناء، وبسبب ذلك، تبقى الأسباب الحقيقية وراء الانتحار مجهولة في أغلب الحالات، والأسوأ أن بعض الأسر، إن لم نقل كافتها، لا تعترف بالانعكاسات السلبية التي تخلفها حالة الوفاة تلك والمتمثلة أساسا في التدهور العاطفي والاجتماعي للعائلة مما قد يخلف ضحايا آخرين، وهو ما سيزيد الظاهرة تفاقما نظرا لغياب التكوين النفسي والتربوي والرعاية العائلية للشخص المقبل على الانتحار .

هي أزمة جهل ووعي قبل أن تكون أزمة أرواح تزهق، ليبقى النزيف متواصلا إلى حين تدخل سلطات الإقليم لإخراج الساكنة من عزلتهم الثقافية، وإدماجهم في المحيط عبر خلق أنشطة تقضي على الحياة السطحية للساكنة وحالتها النفسية المنقبضة وعادتها وتقاليدها المتواترة، إضافة إلى توعيتهم بخطورة الظاهرة وكيفية تشخيص السلوكات الانتحارية التي من الممكن أن تظهر على أحد أفراد العائلة من أجل التصدي لها قبل الوقوع في شباك الانتحار.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى