close button

الإشارات الخطيرة لظاهرة الهجرة

بقلم : الحسين يومهاوتي

لا جدال في أن ” الهجرة ” كظاهرة تمتد عبر التاريخ ولازمت الإنسان والمجتمعات منذ القدم.
وحتى نحدد إطارها جيدا فدوافعها متعددة . ولكن في زمننا هذا محددة في 3 أسباب:
الهجرة لطلب العلم والدراسة
الهجرة لطلب القوت اليومي وتحسين ظروف المعيشة
الهجرة خوفا من الاضطهاد, والقمع وجبروت الحكام.
ما يعنينا هنا في المغرب , وما فاجأ الرأي العام المحلي والدولي هو “أسراب الهجرة” من مدينة الفنيدق في الشمال .
المخيف أن يحيلنا هدا الحدث لما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته عن خراب العمران بقوله : ( عندما تنهار الدول تسري الشائعات عن هروب كبير …ويتحول الوضع إلى مشروعات مهاجرين …ويتحول الوطن إلى محطة سفر )
فهل ما وقع كان مجرد حدث طارئ؟ أم له دوافع ,ومخطط له ؟
هذه الأسئلة تفرض علينا طرح سؤال أعمق هو :
ما الذي يدفع مئات الشباب إلى خوض تجربة محفوفة بالمخاطر والموت؟
بالعودة إلى الواقع, نجد أن نسبة البطالة تفاقمت والقدرة الشرائية تدهورت, والغلاء طال كل المواد, وسنوات الجفاف أضرت بالقطاع الفلاحي الذي كان يشغل الكثير…
ولكن أغلب هذه الاسباب نجدها عند الكثير من الدول.
ولكن, الذي جعل تأثيرها قويا عندنا أن الشعب يرى أن مقابل هذا الفقر والإدقاع و الآفاق المسدودة, هناك فئات تنهب ثروات المغرب و فئات تستفيد من الريع, ومحظوظة لأن السلطة تهتم بنخب وفئات معينة سواء لنوعية عائلاتها أو لانتماء حزبي أو لقربها من السلطة وأصحاب القرار.
هذه الفئات بعضها يعيش في نعم لا يستحقها ولم يتعب من أجلها وأبناؤهم يجدون كل الأبواب مفتوحة في الشغل وفي تفويت الصفقات و في كل ريع.
بينما فئات الشعب المتضررة بالكاد تدبر قوت يومها وتجد كل سبل النجاة موصدة.
تنضاف إلى كل هدا ساكنة مدن ومناطق تتواجد بها ثروات البلاد ( حديد, فوسفاط, فضة وصيد بحري … ) وحين لا يجد شبابها منفذا للشغل و الاستفادة من تلك الثروات
ولا ينوبهم شيء من ذلك هنا تكثر أسراب الهجرة .وهو ما يفسر الأعداد الهائلة في هجرة ساكنة هذه المناطق.
والخطير أنها من كل الفئات.( أطفال – شباب – نساء )
السؤال الذي يطرح أمام هذه الظاهرة هو ما دور الوسائط من أحزاب ونقابات وإعلام في حث المسؤولين, ورفع أصواتهم داخل مؤسساتهم للتنديد بالبطالة وبالريع وبالفساد المستشري.
وهنا نشير إلى فوز حزب قاد الحكومة لولايتين لأنه رفع شعار “محاربة الفساد” ولكنه استسلم وانبطح في الأخير, بل نفذ قرارات ضد الشعب الشيئ الذي جعل الجميع يكفر بالسياسة وشعاراتها وبأصحابها وبدكاكينها.
ويجعل الهجرة المنفذ الوحيد للخروج من وضع بائس ويعطي مصداقية لمفهوم الشاعر السوري الماغوط عن الوطن, حين يقول:
[..الوطن حيث تتوفر لي مقومات الحياة، لا مسببات الموت ..
والانتماء كذبة أخترعها الساسة وأصحاب السلطة واللصوص لنموت من أجلهم ..
لا أؤمن بالموت من أجل الوطن ..
الوطن لا يخسر أبداً، نحن الخاسرون..
عندما يبتلى الوطن بالحرب ينادون الفقراء ليدافعوا عنه..
وعندما تنتهي الحرب ينادون الأغنياء ليتقاسموا الغنائم..
عليك أن تفهم أن في وطني تمتليء صدور الأبطال بالرصاص وتمتليء بطون الخونة بالأموال.] 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى