“أفول الانفصال”.. علاقة البوليساريو باسبانيا | ( الحلقة 8 )

اسماعيل بويعقوبي – هبة بريس

ماذا نعرف عن “مرتزقة” البوليساريو ! عن نشأتها ! عن تركيبتها الداخلية ! علاقاتها بالجزائر والارهاب وايران ! انتهاكاتها في مجال حقوق الانسان! …وغيرها من خلال هذه السلسلة سنضع قراءنا الأوفياء أمام حقيقة هذا الكيان الوهمي، بداية بكرونولوجيا “صنع ” الجبهة الانفصالية ومرورا بانهيار الطرح الانفصالي وتقلص قاعدة الدول المعترفة والداعمة وصولا الى المبادرة “الملكية الأطلسية ” التي أنهت أحلام الانفصاليين وداعمتهم الجزائر (…)

إذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ ميلاد “البوليساريو “و تاريخ انسحاب آخر جندي اسباني من الصحراء المغربية، فإن المرحلة الفاصلة بين التاريخين هي أقل من ثلاث سنوات. إلا أن هذه المرحلة كانت مليئة بأحداث لها دلالاتها في فهم موضوع الصحراء المغربية، أولها
الضغط المتواصل من طرف المغرب على اسبانيا التي بدأت تحاول خلق كيان تابع لها في الصحراء، ابتداء بخلق حزب “الاتحاد الوطني الصحراوي “بالإضافة إلى القيام بإحصاء انتقائي لسكان المنطقة أنجز خلال شهر رمضان من سنة 1973 بعدد لا يتجاوز 140 موظفا أغلبهم من العسكر على متن حوالي 30 سيارة لتحصي سكانا رحلا موزعين على منطقة شاسعة .

وعلى إثر ذلك الضغط الذي مارسه المغرب كامتداد لتحركه الدبلوماسي في موضوع الصحراء و الذي يرجع إلى سنة 1958 بالأمم المتحدة، توالت عدة أحداث في هذا الباب مرورا بمحكمة العدل الدولية و اتفاقية مدريد الى جانب مرض و موت الجنرال فراسيسكو فرانكو و تحول اسبانيا من دكتاتورية عسكرية إلى ملكية دستورية و قرار إسبانيا بالانسحاب من الصحراء.

كل هذه التحولات المتسارعة ما كانت لتعجب الفرانكويين بصفة عامة و الضباط العسكريين الاسبان منهم في الصحراء بصفة خاصة حيث وكرد فعل من هؤلاء الضباط، وعلى رأسهم المسؤول عن المخابرات آنذاك في الصحراء العقيد أكيري ( Jose Ramos Aguirre ) ، عمل هؤلاء على الدفع بالعديد من الصحراويين و خاصة أولئك المجندين منهم في صفوف الجيش الاسباني إلى الالتحاق بمعسكر البوليساريو ” الذي بدأ يتشكل في نواحي تندوف الجزائرية، في إطار أغرب صفقة بين نظام عسكري “اشتراكي تقدمي جزائري ” و “نظام عسكري فاشي اسباني ” في إبانه .

و بناء على ما سلف، فإن علاقة “البوليساريو ” باسبانيا تتميز، من جهة، بإنكسار أمام واقعية المسؤوليين الإسبان الذين يعرفون حقيقة “البوليساريو”، و من جهة أخرى بالتجاوب الذي بدأ ينحصر في أوساط شعبية إسبانية محدودة .

وبخصوص جبهات الدعم المساندة لمرتزقة البوليساريو في إسبانيا، فإن الأمر يتعلق بالتيار الفرانكاوي (نسبة إلى فرانكو) الرافض للانسحاب الاسباني من الصحراء . والذي عمل على توسيع شبكته معتمدا على عنصرين اثنين بداية ببث الشعور بالذنب لدى الأسبان و حثهم على التكفير عن ذلك “الذنب ” بتحمل مسؤوليتهم التاريخية وثانيا ببث شعور الخوف التاريخي من المغاربة حفدة طارق بن زياد الذي أسس لاستعمار عربي جثم على اسبانيا لمدة ثمانية قرون .

و قد بلغ البوليساريو ذروة توغله في اسبانيا في عهد رئيس الحكومة آزنار الذي تربطه علاقة وطيدة بالاوساط النفطية (الجزائر – التكساس) إلا أن ذلك التوغل تضاءل بمجئ الحزب الإشتراكي إلى الحكم في اسبانيا في عهد زاباثيرو . كما أن احلام البوليساريو في استرجاع بريقه باسبانيا بعودة الحزب الشعبي إلى الحكم تبخرت لما اكتشف من اختلاسات مالية لدى المنظمات الغير حكومية المساندة للبوليساريو في اسبانيا . كما أن اختطاف الناشطين الاسبانيين و الناشطة الايطالية في مخيمات تندوف في صيف سنة 2012 دفع وزير الخارجية الإسباني إلى تجميد تلك المنظمات الإسبانية العاملة بمخيمات تندوف .

وقد شكلت رسالة رئيس الوزراء الاسباني بيدروي سانشيز للملك محمد السادس سنة 2022 ، ضربة موجعة للانفصاليين وداعمتهم الجزائري ، بعدما أعلن سانشيز تأييد مدريد لمقترح الرباط منح الصحراء حكما ذاتيا، ووصفته بأنه “أساس جدي وواقعي لحل النزاع”.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى