المضاربة في الأسعار شبح يهدد المستهلك المغربي

تشكل المضاربة في المواد الغذائية أهم الهواجس الان لدى المغاربة، من مواطنين واحزاب وحكومة وجمعيات حقوقية، بسبب خطورتها على القدرة الشرائية للمواطن وكذلك ضررها على الاقتصاد الوطني وتوازناته.

وعادة ما تنتشر ” المضاربة” في بلدان لا تتوفر على قوانين منظمة او قوانين غير مفعلة من أجل محاصرة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد إقتصادات بلدان نامية ، كما أنها في الكثير من الاحيان تسبب في أزمات اجتماعية واحتقان وتصدعات داخل البلد التي تتواجد فيه بشكل كبير ،حينما تتحول فئة صغيرة من ( تجار او رجال اعمال او وسطاء كبار ) تتحكم فيما يستهلكه المواطنون .

– جولات جريدة ” هبة بريس” في الاسواق

في كل جولة ميدانية يقوم بها مراسلوا الجريدة بالاسواق او المتاجر، عادة ما يكون السؤال الموجه من المستهلكين الى التجار عن السبب وراء ارتفاع أسعار الخضر في الاشهر القليلة الأخيرة، عادة ما يكون الجواب هو تأخر الأمطار في هذا الموسم مما أثر على الإنتاج، بعد سقوط الامطار أصبح جواب آخر لدى التجار ان السعر مرتفع من موقع الإنتاج وغيرها من الأجوبة التي أصبح المستهلك لا يستوعبها خصوصا الفئات الهشة .

الاسعار المرتفعة لم تسلم منها، جل المواد الغذائية، وهو وضع لا يخدم مصلحة التاجر، الذي يضطر المتعاملون معه من الأسر إلى تقليص المشتريات، في ظل الغلاء وقلة المداخيل.

ويفيد تقرير للمندوبية السامية للتخطيط أن 96.2 في المائة من الأسر، تعتبر أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت في العام الماضي، بينما تتوقع 78.6 في المائة استمرار ذلك الارتفاع في العام الحالي.

– السلطات في مواجهة المضاربين

كثفت اللجان الإقليمية المختلطة المخوّل لها مراقبة أسعار السلع الغذائية وجودتها، في الفترة الأخيرة، زيارة الأسواق بهدف الوقوف على حثّ التجار على احترام شروط السلامة الغذائية والأسعار، التي يفترض بجميع التجار الكشف عن قائمتها حتى يطّلع عليها المستهلك.
وتسعى تلك اللجان المكونة من ممثلي وزارة الداخلية ووزارتي الصناعة والتجارة والصحة، في سياق الزيادات التي تعرفها الأسعار، للحيلولة دون تحكم المضاربين في السوق.

كما أن الحكومة قد ابدت رغبتها في محاربة المضاربة في الأسعار، خوفا من تواصل ارتفاعها خلال شهر رمضان الحالي الذي ارتفع فيه الطلب وقلة العرض .

الوزير المنتدب المكلف بوضع الموازنة، فوزي لقجع، سبق أن أشار في تصريح صحافي إلى أنّ المضاربين يلحقون الضرر بالمنتج والمستهلك على حد سواء، حيث يستحوذون على معظم الارباح.

وقد حاصرت جمعيات حقوقية وكذلك احزاب في المعارضة الحكومة ، وعادة ما كان الجواب قبل أشهر هو ان منبع الأزمة هو الغزو الروسي لأوكرانيا، وتداعيات السوق الدولية، وبعدها كشفت أنها ستواصل دعم بعض السلع عبر صندوق المقاصة.

ولم تسلم العديد من السلع من الزيادات في الأشهر الأخيرة، فقد بدأت بالوقود، وبعدها الزيوت، قبل أن تنتقل إلى القمح، و تمتد إلى اللحوم والطماطم والبصل والبيض والقطاني في الفترة الأخيرة.

– رأي المهنيين حول الصادرات و الأزمة الحالية

يتصور مهنيون أن ارتفاع الصادرات لا يبرر الزيادات التي تعرفها الأسعار في السوق المحلية، معتبرين أن المستويات الحالية للأسعار لها علاقة بجيش “الوسطاء” الذين يتدخلون من أجل المضاربة.

بعض الخبراء يرى من جانبه،أن السوق الغير منظمة لا يمكن ان تحول دون الممارسات التي تخلّ بقانون حرية الأسعار والمنافسة، بل يبقى الحل هو تبني نظام يسهل تزويد المستهلكين بالسلع، بما سبخفف من الزيادات.

– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومندوبية التخطيط لكبح ارتفاع الأسعار

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى استعجالية التوجه نحو إعادة تنظيم سلاسل التسويق وتقنين دور الوسطاء ومحاربة المضاربة بهدف التخفيف من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية.

واستند المجلس إلى عمليات التشخيص والتحليل التي قام بها في عدد من آرائه ، أن نسبة التضخم بلغت مستويات مرتفعة لم تسجل منذ بداية سنوات التسعينيات، حيث يتجلى أنها قفزت إلى 11 في المائة في المتوسط بالنسبة للمواد الغذائية خلال سنة 2022.

كما أن تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، في مذكرتها الصادرة اليوم 22 فبراير الماضي، اشار أن الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك سجل ارتفاعا ب 8,9 في المائة خلال شهر يناير 2023، مؤكدة أن ذلك نتج عن تزايد أثمان المواد الغذائية ب 16,8 في المائة وأثمان المواد غير الغذائية ب 3,9 في المائة.

وأكد المجلس أن منظومة تسويق المنتجات الفلاحية، التي تعتريها جملة من مواطن الهشاشة والاختلالات التنظيمية والوظيفية، تمثل أحد الأسباب التي ساهمت في ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الأساسية، وذلك بالموازاة مع الاختلالات المسجلة في تدبير الموارد المائية وتفاقمها في ظل انعكاسات فترات الجفاف المتواترة، وتداعيات الأزمة الصحية، وتأثيرات الحرب في أوكرانيا على كلفة عوامل الإنتاج.

وسجل أن السلطات العمومية اتخذت مجموعة من التدابير الاستعجالية على غرار عمليات مراقبة الأسعار ومحاربة المضاربات وضبط التصدير لتأمين حاجيات السوق المحلي من الإمدادات، مؤكدا أن تلك التدابير همت كذلك دعم مهنيي قطاع النقل ووقف استيفاء الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة على استيراد اللحوم الحمراء لتعويض انخفاض العرض الداخلي.

غير أنه لاحظ أن الجهود المبذولة تبقى غير غير كافية للتقليص من حدة ارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية، لاسيما في ظل استمرار المنحى التصاعدي لأسعار المدخلات الفلاحية ومنتجات وقاية النباتات، وذلك لمجموعة من العوامل داخلية ذات طابع بنيوي.

ويشير إلى أن أبرز هذه العوامل، تكمن في غياب إطار حكامة شامل ومندمج لمسلسل تسويق المنتجات الفلاحية مما يؤدي إلى استمرار الاختلالات في تنظيم الأسواق الأسبوعية، فضلا عن انتشار نشاط المسارات الموازية (البيع خارج إطار القطاع المنظم).

ويؤكد على هذا المستوى على ضعف قدرة الفلاحين الصغار والمتوسطين على تنظيم أنفسهم من أجل تسويق منتجاتهم في ظروف جيدة، ناهيك عن تسجيل تأخر كبير في رقمنة مسلسل تسويق المنتجات الفلاحية وتثمينها.

ويعتبر أن الحجم المفرط للوسطاء وعدم خضوعهم لما يكفي من المراقبة، يذكي المضاربة ويؤدي إلى تعدد المتدخلين ويضر بمصالح المنتجين، كما يؤثر سلبا على جودة المنتجات بالنظر لتسببه في إطالة مسار قنوات التسويق، ليؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع سعر البيع للمستهلك النهائي، إذ قد يتضاعف سعر المنتوج ثلاث أو أربع مرات قبل أن يصل إلى المستهلك.

ويوصي المجلس بضرورة اتخاذ تدابير تفضي إلى تنظيم مسارات تسويق المنتجات الفلاحية والحد من مضاربة الوسطاء، مبرزا أن هذه التدابير تشمل الإسراع بإصلاح أسواق الجملة عبر إرساء نظام تدبير مفتوح أمام المنافسة وجعل ولوج المهنيين إليه مشروطا باحترام دفتر التحملات، وإصدار نصوص تنظيمية توضح السير الداخلي لهذه الأسواق، وشروط أهلية المتدخلين للاشتغال فيها، والكيفيات الجديدة لأداء الرسوم.

وطالب بتطوير قنوات التسويق القصيرة ذات الطابع التعاوني وتشجيع تجارة القرب، لاسيما عبر العمل على تشجيع الفلاحين الصغار والمتوسطين على الانتظام في تعاونيات فلاحية، مع ترصيد المقاربات المعتمدة على مستوى سلسلتي إنتاج السكر والحليب.

وحث على مسألة وضع إطار قانوني لتقنين مجال تخزين المنتجات الفلاحية بما يسمح بتأطير التخزين الاستهلاكي أو التخزين لأغراض فلاحية ومكافحة التخزين الاحتكاري؛ فضلا عن وضع إطار تنظيمي محدد وملزم من أجل تقنين وإعادة النظر في دور ومهام الوسيط وتحديد حقوقه وواجباته على مستوى سلاسل التسويق.

وأكد على تعزيز وتوسيع نطاق عمليات مراقبة الأسعار ومحاربة المضاربات ومدى احترام قواعد المنافسة في مختلف القطاعات ذات الصلة بارتفاع الأسعار.

وشدد تسريع التحويل الرقمي لمجال تسويق المنتجات الفلاحية، عبر تصميم منصات رقمية تتيح للفلاحين الولوج بشكل آني إلى المعطيات المتعلقة بالأسعار الحقيقية بما يسمح لهم بالتفاوض على نحو أفضل مع جميع المتدخلين في سلسلة التسويق، وتخول تسويق جزء من منتجاتهم الفلاحية بشكل مباشر.

وأوصي بإحداث ” مرصد للأسعار وهوامش الربح”، وهو المرصد الذي إلحاقه بمجلس المنافسة للمساعدة على رصد أي سلوك للمراكمة غير المبررة وغير المشروعة لهوامش الربح على حساب القدرة الشرائية للمواطن.

مقالات ذات صلة

‫16 تعليقات

  1. أزمات اجتماعية واحتقان وتصدعات داخل البلد التي تتواجد فيه بشكل كبير ،حينما تتحول فئة صغيرة من ( تجار او رجال اعمال او وسطاء كبار ) تتحكم فيما يستهلكه المواطنون
    يجب وقف هذا الوضع الاقتصادي الحالي الذي أضر كثيرا بالحالة الاجتماعية لعموم المواطنين
    كفى استهتارا بقوت المواطنين

  2. الكل يعرف السبب الحقيقي لارتفاع الاسعار السبب هو ارتفاع أسعار المحروقات التي تتضاعف ثمنها هذا يستلزم تتضاعف جميع الاسعار المرتبطة بها.اذن كل هذه الزيارات للجن لمراقبة الاسعار لافائدة منها مادام ثمن المحروقات مرتفع.

  3. قطاع الفلاحة غير مهيكل ويحتاج إلى دراسة عميقة ميدانية لتفادي الخسائر التي تنتج من خلالها تشريد عائلات و تمزيق أسر بسبب الجشع وقلة الضمير لبعض المسؤولين واللوبيات التي تتحكم في القطاع ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم…

  4. الفقر و الازمة بسبب هؤلاء الصحراوي ليماكيبياضوش …كتعكيوهم لفلوس ……نتمنى من الحكومة ان تجمعهم

  5. وا اسفاه عن حكومة عجزت عن ايجاد حلول لغلاء الاسعار لحفظ ماء وجهها يجب عليها الاستقالة وتقديم اعتذار للشعب …

  6. اتصال واحد بين السيد رئيس الحكومة والسيد الحموشي ويبيت كل المضاربين بالمملكة في ضيافة الامن … لكن هل هناك ارادة سياسية لخفض الاسعار … اصبحت اشك في ذلك

  7. السبب الكزوال السماسرة والحكومة الفاشلة المخطط الأسود الذي صرفت ٥يه الملايير بدون نتيجة تذكر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى