النقل بـ”الكْرَاول” بسطات…سياقة جنونية بطعم الموت المجاني

يبدو أن الشعارات التي رُفعت من قبل المسؤولين زمن الحملات الانتخابية بهدف تحسين الأوضاع المعيشية عبر خلق فرص للشغل تضمن الكرامة وتحافظ على السلم الاجتماعي، (يبدو أنها قد تبخرت)، وباتت المدينة تعاني الويلات من تدني الخدمات وضعف البنيات التحتية للطرقات والممرات، وتغوُّل الباعة الجائلين وأصحاب السيارات والشاحنات ببضائعهم بالشوارع العامة وأمام المحلات منهم من لم يلتزم حتى بأداء واجبات التعشيرة، ومن بين ثنايا هذه الاشكالات كلها، برزت ظاهرة أخرى بشكل مقلق تتمثل في نقل المواطنين من البسطاء على متن عربات تجرها الدواب ويقودها بعض المراهقين منهم من يوجد حتى في حالة سكر.

فوضى وعرقلة للسير، مشاهد تتكرر بشكل يومي بوسط المدينة قرب مدارة زنقة الذهيبية التي تُعد محطة رئيسية ومنطلقا لهذا النوع من خطوط النقل المتوجهة صوب حي سيدي عبد الكريم وأحياء أخرى، أصحابها من المراهقين ومن ذوي السوابق أحيانا، معرضين حياة الأبرياء للخطر بسبب أساليب سياقتهم الصبيانية، عبثا بالأرواح و تطاولا على الممتلكات، مخلفين هلعا وخوفا في صفوف السائقين، وما أخذ المرء الفضول لتقديم النصح لهم، إلا وسمعت أذناه من السب والشتم ما لايطيقه من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ففي غياب أدنى شروط السلامة وأمام لهيب تسعيرة النقل الحضري، باتت هذه الوسائل البدائية تعود بالمدينة إلى الوراء، لتفي بالغرض وتقوم بنقل المواطنين المنتمين للأحياء الشعبية بمختلف أعمارهم…نساء حوامل وأطفال رضع وشيوخ وعجزة أخذوا أماكنهم في شبه مقاعد مهترئة على عربات فلاحية أكل عليها الزمن وشرب، يقودها مراهقون لا يأبهون لسيارة قادمة ولا دراجة نارية، منطلقين كالصواريخ بلا شفقة ولا رحمة ينهالون بالضرب على ظهور وأعناق دوابهم لتزيد من سرعتها ضمن نقل بطعم الموت المجاني.

إنها ظاهرة النقل بـ”الكْرَاول” بالمدينة التي تحولت إلى وَصْمةُ عار على جبين المسؤولين، الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن مقاربة ناجعة وحلول واقعية بديلة لمعالجة هذه الآفة، عبر القيام بعملية احصاء دقيقة وشاملة لرصد أصحاب هذه العربات والعمل على ايجاد حلول بديلة تضمن لهم قوتهم اليومي من قبيل إحداث وسائل نقل وترفيه مثلا “كوتشي” بألوان خضراء زاهية تعمل على اضفاء نوع من الجمالية على المدينة مع تحديد نقاط للانطلاق وممرات خاصة بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى