إقليم سطات .. واقع يَختزل المعاناة في زمن الانتخابات

محمد منفلوطي_ هـبة بريس

سطات عروس الشاوية، مدينة ظلت لعصور تضاهي كبريات المدن المغربية جمالا ورونقا، كانت حتى الأمس القريب كانت تثير فضول القادم إليها بمداخلها ومخارجها وشوارعها وحدائقها الزاهية ومياهها العذبة المتدفقة على نهر واد أبي موسي بأشجاره الباسقة وسط “العراسي”، ظلت هذه المدينة الضاربة جذورها في التاريخ تصارع وتكابد من أجل البقاء رغم تعاقب المجالس المنتخبة ببرامجها الانتخابية المختلفة والتي أخلفت الوعد مع مواطنيها، حتى أضحت قبلة لمظاهر البداوة والسطو على الملك العمومي وفوضى حركة السير والجولان والنقل بالعربات المجرورة بالدواب وأزمة الباركينات، وتدني الخدمات الصحية، وانتشار ظاهرة التسول عند الإشارات الضوئية، ومظاهر البداوة وعربات الخضر والفواكه وقطعان الكلاب الضالة، وضعف البنيات التحتية بمعظم الشوارع والأزقة والأحياء السكنية، ضمن مشاهد تختزل المعاناة، ناهيك عن نهج الجهات المسؤولة لسياسة الحفر التي لا تنتهي حتى تنطلق من ممر آخر أو شارع مماثل إلى حي آخر دون تزفيت ولا جمع ما تبقى من أتربة ومخلفات الحفر، لتبقى الصورة شاهدة على سياسة العبث وعدم التخطيط المسبق وكأن حال المدينة يقول: ” شِي شرّق وشِي غرّب”.

ونحن نعيش على ايقاع التسخينات الانتخابية وسباقها المحموم الممزوج بالكلام المعسول، يبقى السؤال مطروحا ومن حق المرء طرحه مادام دستورنا الجد المتقدم قد نص على ذلك في إطار توسيع دائرة الحريات العامة وتفعيل أدوار المجتمع المدني كقاطرة أساسية للتنمية والشراكة الحقيقية مع الهيئات المنتخبة..(ليبقى السؤال): هل هناك سياسة حكيمة بعيدا عن منطق ” الوزيعة الانتخابية” لإخراج المدينة من دائرة التسيير العشوائي؟ أم أن تدبير المرحلة القادمة قد يكون أدهى وأمر، من شأنه أن يعيد الحنين لزمن قد مضى؟ أم أن القادم أحلى؟

فمدينة سطات التي باتت تتغنى بشعار ” لَمْزوق من برا آش خبارك من الداخل”، في إشارة إلى أعمدتها الكهربائية المتلألئة المنتصبة بمدخلها الشمالي، سرعان ما ينجلي جمال صورتها لتظهر مشاهد أخرى مقززة توحي بأن المدينة لازالت تعيش زمن القرون الوسطى، مشاهد يجد معها السطاتيون صعوبة بالغة في الحديث عن شيء جميل أنجز بمدينتهم، فما أن يقوم المرء بجولة قصيرة في عمقها وأحيائها حتى ينكشف المستور وتظهر حقيقة مدينة ظلت تتغنى بالانجازات بمنطق ” الزواق من برا”.

أشغال حفر مستمرة، وشوارع تشكي حالها من كثرة الحفر، وباعة جائلون وكأنهم يتحدون السلطات، وبوادر صراعات انتخابية سابقة لأوانها تطفو على السطح، وضرب تحت الحزام هنا وهناك لكسب نقاط في شباك الخصم، وإلى أن تتحقق أهداف الكلام المعسول الممزوج بالخطابات الرنانة، يبقى الأمل معقود على مواطني المدينة وشبابها من الغيورين، ونسيجها الجمعوي الحر الغير المسيَّس، لاختيار الأفضل عبر المشاركة الفعالة للعمل جنبا إلى جنب لرسم معالم التغيير بوجوه جديدة لإنقاذ المدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى