خبراء القانون بسطات يشخصون أعطاب الديمقراطية التشاركية

محمد منفلوطي_ هبة بريس

في إطار مشروع الشباب والمجتمع المدني ودينامو الديمقراطية التشاركية الممول من طرف الاتحاد الاوروبي في إطار برنامج مشاركة، ينظم المرصد المغربي للدراسات والأبحاث حول المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات صباح اليوم الخميس وعلى مدى يومين ندوة وطنية حول الديمقراطية التشاركية ومسار التنزيل الترابي أي حصيلة؟.

الندوة التي أعطى انطلاقتها كل من رئيسة جامعة الحسن الأول بسطات وكذا عميد الكلية نجيب الحجيوي، ورئيس المرصد الدكتورة حنان بنقاسم والأستاذ أحمد مالكي، (ندوة) استندت على روح الدستور 2011 كأرضية لها، هذه الوثيقة الدستورية التي لم ترتبط فقط بالحاجة الى اصلاحات سياسية ومؤسساتية، بل ارتبطت كذلك بعمق مجتمعي تمثل في آثار الحراك الاقليمي الذي انطلق في هذه الفترة وشكلت دينامية 20فبراير امتداده المغربي.

الندوة العلمية التي ستمتد على مدى يومين، عرفت مشاركة العديد من الأساتذة الجامعيين والباحثين وخبراء المجتمع المدني، حيث تم التطرق إلى مجموعة من المحاور كلها لها ارتباط بالديمقراطية التشاركية في علاقتها بالتنزيل والممارسة تماشيا وروح الدستور، كما ناقش المجتمعون حق تقديم العرائض والمعيقات القانونية والصعوبات الواقعية، وكذا قراءة في النص القانوني للملتمس التشريعي، والتطرق للفرص والتحديات التي تهم الهيئات الاستشارية للجماعات الترابية للأستاذ حفيظ اليونسي، وكذا أهمية تفعيل التشاور العمومي بالمغرب بين النص القانوني وآليات التنزيل، وتقييم المنطلق وتقويم المسار فيما يخص برامج التنمية الترابية ضمن قراءة سيقدمها الاستاذ الجامعي عبد الرحمن الماضي، كما ستعرف الندوة مداخلة للاستاذة نجاة العماري استاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش حول موضوع الميزانية التشاركية، وكذا موضوع حول الديمقراطية التشاركية في تجارب الدول الاوروبية سويسرا والمانيا نموذجا من تقديم الاستاذة ليلى الرطيمات.

ويركز المجتمعون هنا على تحقيق ثلاث مؤشرات تتحكم بشكل قوي وفعال في مسلسل تنزيل الديمقراطية التشاركية، ذلك أن أية مشاركة هي مرتبطة في عمقها بمستوى الممارسة الديمقراطية السائدة ومدى عمقها ورسوخها، فغياب الديمقراطية أو ضعفها ينعكس سلبا على المشاركة ومستوياتها. فلايمكن تطبيق المشاركة منفصلة عن الديمقراطية ، فهذه الأخيرة والمشاركة وجهان لعملة واحدة.
ويرى المتتبعون أن هناك معطى آخر مرتبط بأزمة الثقة، إذ أن تثبيت المشاركة رهين بتثبيت الثقة بين الفاعلين المعنيين بتطبيق مقتضيات الديمقراطية التشاركية، ففي ظل وجود نخب وقوى ليست في مصلحتها مأسسة المشاركة، تصبح الثقة أكبر غائب عن العلاقة بين الفاعلين في الشأن العام الترابي.
كما يمكن رصد في بعض الحالات، أن المجتمع المدني يساهم بدوره في الدفع بعجلة الديمقراطية إلى الوراء، إذ ثمة ملفات ومطالب للمجتمع المدني والساكنة يتم تسويتها خارج القنوات الطبيعية للمشاركة، استنادا إلى شخصنة العلاقات والروابط الحزبية والمصلحية، تزيد من تعميق الريع السياسي والمدني وبالتالي التعميق من أزمة الديمقراطية، بالاضافة إلى غبة الفاعل السياسي في احتواء الفاعل المدني لتنمية رأسماله الرمزي ورصيده السياسي، فالفاعل السياسي يدرك جبدا خطورة وأهمية تنامي دور المجتمع المدني في تمثيل وتأطير المواطنين فيما له علاقة بالشأن المحلي، الذي يمكن أن يتحول إلى سلطة معنوية قد تحدد مركزه التمثيلي السياسي، وهذا الأمر يجعل المنتخب المحلي ومعه الأحزاب السياسية تحترس من ظهور مجتمع مدني مستقل عنها، قادر على القيام بدوره الاجتماعي الطبيعي، ناهيك عن تغليب المصالح السياسية والفئوية الضيقة على حساب المصلحة العامة، وترسيخ ثقافة الزبونية والمحسوبية، وضعف تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

إن هذا المسار المعقد الذي تواجهه الديمقراطية التشاركية على مستوى التنزيل يطرح العديد من الأسئلة لتجيب عنها فعاليات هذه الندوة، من قبيل كيف تؤثر المصالح السياسية والرهانات الانتخابية في افراغ الديمقراطية التشاركية من أي مضمون تشاركي حقيقي؟، وهل تحمل آليات الديمقراطية التشاركية أعطابها في النصوص القانونية المنشئة لها؟ وإلى مدى يصح القول بأن هناك مسافة بين الأفق التشاركي للوثيقة الدستورية والأفق التشاركي للقوانين التنظيمية والقوانين الأخرى المتضمنة للمقتضيات التشاركية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى