المجلس الوطني للصحافة يعدد خسائر القطاع وتداعيات الجائحة على الإعلام المغربي

هبة بريس – الدار البيضاء

فاقمت جائحة كورونا الأزمة التي كان يعرفها قطاع الصحافة على الصعيد الدولي والوطني، فعمقت من متاعب المقاولات الصحافية التي فقدت جزءا مهما من عائداتها المالية وعجزت بعضها عن تسديد أجور مستخدميها خاصة أنها كانت ملزمة بالتأقلم مع الوضع الجديد على مستوى التنظيم والمحتوى.

و في هذا الصدد، صدر تقرير عن المجلس الوطني للصحافة عدد من خلاله خسائر القطاع و تأثير جائحة كوفيد 19 على المقاولات الصحافية المغربية التي تضررت بشكل كبير.

و جاء في التقرير أنه و بعد أن قررت الحكومة المغربية يوم 22 مارس، في إطار الإجراءات الهادفة إلى التصدي للحالة الوبائية، تعليق إصدار ونشر الصحف الورقية، تحولت جل العناوين إلى الإصدار الرقمي بالمجان على مواقعها الإلكترونية وعبر عدة منصات وبصيغة “PDF”.

وكانت لهذا القرار، انعكاسات سلبية على قطاع الصحافة زادت من المشاكل التي كانت تتخبط فيها العديد من العناوين المغربية، حيث بين عشية وضحاها، انهارت الإيرادات المالية لجل المنشآت وأصبح الإفلاس يهدد وجود العديد منها.

رصد أزمة الصحافة المغربية في ظل الجائحة وفق ذات التقرير كان صعبا لأن خسائر هذه الوضعية لا يمكن إحصاؤها إلا بعد نهايتها، ولهذا السبب اختار المجلس الوطني للصحافة صيغة التقرير، الذي اعتمد فيه منهجيا على معطيات مختلفة، وبحث ميداني شمل عينة من الفاعلين في قطاع الصحافة الورقية والرقمية، للوقوف على الحصيلة الأولية لتأثير الوباء على المنظومة الصحفية، والطريقة التي تم التعامل بها للحد منها وتجاوزها.

و هكذا، ففيما يتعلق بإلاجراءات التي اتخذتها المنشآت الصحافية، فقد أكد المجلس أن الأخيرة حاولت التصدي للأزمة والتخفيف من النفقات، تختلف أهميتها من منشأة إلى أخرى، و من أهمها اعتماد العمل عن بعد وتوفير آليات وإمكانيات التواصل عن بعد و الاحتفاظ بالنسبة للعناوين الوطنية بأغلب أعضاء هيئات التحرير، باستثناء بعض التقنين الذي وضعوا في عطلة أو عطالة تقنية والمستخدمين المؤقتين، بينما لجأت جل الصحف الجهوية إلى تسريح ما بين 60 و 80 في المائة من أطقمها إما بشكل مؤقت أو نهائي، وتم التخلي بشكل خاص عن أغلب المتعاونين وبعض التقنيين.

كما أوضح التقرير أن هاته المؤسسات لجأت لتشجيع العاملين على طلب عطلهم السنوية مسبقا، و تأجيل أداء المساهمات الاجتماعية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و اللجوء إلى تعويضاته المقترحة من طرف الدولة لفائدة المقاولات المتضررة من التوقف الجزئي أو الكلي لنشاطها وكذا الأجراء العاملين بها، و تأجيل تسديد استحقاقات القروض المتوسطة الأجل.

و فضلا على ذلك، لجأت النقاولات الإعلامية لتخفيض الرواتب والأجور حيث قلصت جل الصحف أجور الصحفيين والمستخدمين العاملين بها بنسب تذبذب ما بين 20 و 50 في المائة، وتم هذا التخفيض أحيانا بتوافق مع الأجراء وأخذا بعين الاعتبار مستوى الأجور.

كما تفاقم الوضع المالي للمنشآت الصحفية، حيث سجلت جل المنشآت الصحافية انخفاضا مهما لعائداتها المالية بسبب توقف البيع واعتماد المجانية، وصاحب ذلك تراجع مهم للاستثمارات الإعلانية للمعلنين بلغ (-110) في المائة خلال الفترة ما بين 18 مارس و18 ماي لسنة 2020 بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019، بالرغم من أن هذه الحقبة تصادفت مع شهر رمضان الذي يعرف عادة كثافة للإعلان.

و وفقا للدراسة التي أجراها مكتبImperium Media، الخاصة بالفترة من 16 مارس إلى 20 أبريل، فإن حصة الصحافة انخفضت بنسبة 58 في المائة.

هذا الاتجاه يؤكده كذلك البحث الذي قام به المجلس الوطني للصحافة، عبر الاستبيان أو استجوابات عن بعد، حيث أكد جل المستجوبين تراجعا مهولا لحصص الإعلان في حدود 79 في المائة وسطيا بالنسبة للصحف الوطنية و 100 في المائة بالنسبة للجهويات الورقية، أما بالنسبة للصحافة الرقمية، فنسبة التراجع هي أقل نسبيا حيث تصل وسطيا إلى 57.5 في المائة بالنسبة للنشرات الرقمية الوطنية و 85 في المائة بالنسبة للنشرات الرقمية الجهوية.

و تبرز هذه المعطيات أن الخسارة الناجمة عن تراجع الإعلان خلال شهر أبريل تقدر بأكثر من 17.5 مليون درهم بالقيمة الخام وحوالي 9 ملايين درهم بالقيمة الصافية، وإذا عممناها على باقي أشهر الجائحة، فإن إجمالي الخسارة يصل إلى غاية أخر شهر ماي حوالي 53 مليون درهم بالقيمة الخام و 27 مليون بالقيمة الصافية.

و يعزى هذا التراجع أساسا إلى إلغاء جل المعلنين لعملياتهم التواصلية، وفسخ أو تجميد العقود التي تربطهم بالمقاولات الصحفية لأسباب احترازية أو تقشفية مرتبطة بتوقف إنتاج المواد والخدمات وبتوازنات مالية، ولعدم توفرهم على رؤية واضحة بشأن استئناف أعمالهم.

ونشير في هذا الباب إلى دراسة حديثة لجمعية المعلنين المغاربة تمت بتعاون مع Opinion Way، أن 75 في المائة من المعلنين جمدوا حملاتهم الإعلانية، ومن بينهم 8 في المائة صرحوا بإلغائها نهائيا.

وإذا أضفنا إلى كل هذا، تفاقم صعوبة تحصيل الديون من طرف المقاولات والتي تصل مدة استردادها الوسطية في المغرب إلى 180 يوما، وتوقف نشاط المطابع التي تدر دخلا مهما بالنسبة لبعض المجموعات الصحفية بطبع عناوين أخرى وأعمال طباعية مختلفة، وفي ظل هذه الظروف نظرا لشح العائدات المتاحة من تغطية مجمل النفقات، فجل المقاولات المستجوبة أعلنت بالتالي عجزا في موازنتها المالية.

ومن المهم التذكير أن هذا التراجع في الإيرادات يحصل في الوقت الذي يتحقق فيه إقبال مهم على مختلف المنابر الإعلامية حيث سجلت العناوين الوطنية تضاعفا في عدد قرائها وعرفت الصحافة الرقمية المهيكلة تزايدا في عدد متصفحيها (أكثر من 225 مليون متتبع شهريا.

ما يستخلص من هذه المؤشرات أن الخسارة الناجمة عن توقف المبيعات وأعمال الطباعة، وتراجع الإعلانات/الإشهار تقدر بأكثر من 81 مليون درهم في الشهر، ويتشكل هذا المبلغ من الخسارة الناجمة عن البيع بأكثر من 44 مليون درهم بالإضافة إلى الخسارة الناجمة عن تراجع الإعلانات، والمقدرة ب 37 مليون درهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى