أقصبي :” النظام السياسي في المغرب لم تكن له الرغبة يوما ما في مُحاربة اقتصاد الريع“ (حوار جزء1)

حاوره رضى لكبير

سنحاول في هذا الحوار الخاص مع الأستاد الجامعي، د نجيب أقصبي التطرق لموضوع الاقتصاد الوطني ومدى صموده في وجه جائحة فيروس كورونا، إضافة للأخطاء المرتكبة من قبل الدولة خلال السنين الأخيرة، وفشلها في النهوض بالأخير والدفع به نحو بر الأمان، وكيف يمكننا تدارك أخطاء الأمس من أجل اقتصاد الغد ؟ (الحوار سيتم نشره على جزءين).

أبانت جائحة فيروس كورونا، بشكل ملحوظ عن هشاشة الاقتصاد الوطني المغربي وعدم قدرته على مجاراة الوضع، مما اضطر الملك محمد السادس لإحداث ”صندوق الجائحة“ لتدبير الوضعية الاجتماعية لعدد كبير من الأسر المغربية الفقيرة.

أولا ما هو تعليقكم وهل كان منتظراً هذا الوضع ؟

إن المشاكل القائمة والدائمة للاقتصاد الوطني، كانت قائمة مند زمان، والدليل تعيين لجنة طُلب منها اقتراح نموذج ”اقتصادي جديد“، يبين على المستوى الرسمي أن هناك إقرار ووعي بأن الاختيارات القائمة التي أدت إلى المأزق الحالي يؤكد على أن مستوى النمو ضعيف.

لعدة سنوات الجميع يقر على أن مستوى النمو ضعيف ويسير في منحى تنازلي. بين العشرية الأولى والعشرية الثانية للقرن الواحد والعشرون، سنجد أن مستوى النمو استقر في حوالي 4,5 في المئة خلال العشرية الأولى، ( في حين أن جميع الدراسات توكد أن المغرب على الأقل ينبغي أن يتوفر على معدل نمو بنسبة ما بين 7 و 8 في المئة من أجل تحقيق الإقلاع الاقتصادي)، وانخفض إلى نسة 3 في المئة خلال العشرية الثانية، وهذا يبين أن مستوى نمو الاقتصاد، دون المستوى لا بمقارنة مع ما هو مطلوب ومع دول يمكننا مقارنة نفسنا معها.

زيادة على هذا النمو الضعيف، فهو لازال هشا وخاضعا للتقلبات المطرية، لأنه توجد مطابقة شبه مطلقة بين الناتج الداخلي الفلاحي والناتج الداخلي الخام للبلاد، والأول متعلق بمحصول الحبوب، وإلى يومنا هذا المحصول الزراعي لازال خاضع للتقلبات المطرية بالرغم مما سمعناه حول السياسات الفلاحية وسياسة السدود والمغرب الأخضر، حيث أنه وفي حالة سقوط المطر في فترته الطبيعية يكون المحصول مرتفعا والناتج الداخلي يسير في نفس المنحى، أما اذا كانت سنة جفاف مثل هذه السنة فإن المحصول الزراعي ينخفض وينتج عنه تبعات سلبية كل المستويات، لا على مستوى الناتج الداخلي الخام ولا على المستوى المعيشي بالعالم القروي وعلى مستوى البطالة.

زيادة على هذا مشاكل بطالة الشباب، و الفقر، والهشاشة، بالرغم من أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي كانت تعطينا أرقام اتضح أنها غير واقعية.

سؤال رقم 2) هناك مجموعة من القرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها خلال السنوات الأخيرة، من بينها تحرير قطاع المحروقات وخلق اتفاقيات للتبادل الحر وإحداث المجالس الضريبية. كيف انعكست هذه القرارات على تطوير الاقتصاد الوطني ؟

هناك إجراءات مع الأسف عمقت من الهشاشة، حيث كان هناك دائما عبر العصور مشاكل في الاختيارات، أخذنا على عاتقنا تطوير القطاع الخاص من أجل خلق مناصب شغل عبر الاستثمارات إلخ، ومن أجل هذا أنهكت الدولة امكانياتها لمحاولة الدفع بالقطاع الخاص وتأهيله، بعدما منحته الاعفاءات الضريبية، و الدعم، و التأطير ولكن مع الأسف، نشاهد أن النتيجة سلبية بكل المقاييس لا فيما يخص الاستثمار ولا التشغيل ولا الانتاج، حيث لم يقم القطاع الخاص بالدور الذي كان ينتظر منه .

بالنسبة لاتفاقية التبادل الحر، المغرب راهن على التصدير والعولمة ولهذا أمضينا اتفاقيات للتبادل الحر مع 56 بلدا، بينت التجربة والوقائع أن الاتفاقيات التي وقعنا عليها دون أن نعرف ما الذي يتوفر عليه الاقتصاد الوطني من منتوج قابل للتصدير، (بينت ) على أن الشركاء الذين أمضوا معنا هذه الاتفاقيات هم الذين استفادوا ونحن لم نستفد، والدليل أننا في عجز تجاري مع جميع البلدان التي أمضينا معها اتفاقية التبادل الحر.

بالنسبة للمجالس الضريبية، خلقنا نظاما جبائيا انطلق غير منصف، لأن ثقله لم ينزل على الميسورين أو أصحاب الثروات الكبرى أو أصحاب المداخيل الكبرى، بل نزل بثقله على الفقراء والطبقة المتوسطة، لأن من يؤدي الضرائب في المغرب هم المستهلكين عبر أداء الضرائب على الاستهلاك، والأجراء عبر الضريبة على الدخل، وبالتالي صار هدا النظام أيضاَ غير مجدي وغير ناجع لأنه غير قادر على تزويد الخزينة بالمداخيل الكافية لتغطية النفقات العمومية الشيئ الذي جعل من المديونية حلاَ سهلاَ ولكن الخطير لتمويل عجز الميزانية .

أما بالنسبة لتحرير المحروقات، للأسف مشكل الريع في الاقتصاد المغربي يظل حاضرا في جل القطاعات الحيوية التي تعاني منه بصفة أو بأخرى، وتندرج ضمنه الرشوة و الاحتكار، وهذا الواقع ليس في قطاع المحروقات فقط …ولنكن صريحين، النظام السياسي في المغرب لم تكن له الرغبة يوما ما في مُحاربة اقتصاد الريع .

تحرير قطاع المحروقات، جاء بإملاءات من المؤسسات المالية الدولية، حيث وقع هذا التحرير بصفة عشوائية ودون وضع الأليات الضرورية للضبط والمراقبة، إدن قطاع المحروقات لا يتضمن المناسفة الحرة الشريفة وهناك ثلاث شركات تتحكم في السوق بنسبة 75 في المئة إلى 80 في المئة من رقم معاملات القطاع، إذن ليس صدفة أن تتم عملية التحرير بنفس السنة التي توقفت فيها مصفاة تكرير البترول لاسمير عن العمل…حيث أن تحرير القطاع تم بصفة عشوائية وبدون ألية للضبط التي من المفروض حماية المستهلك من جشع المقاولات، وهذا أدى إلى التجاوزات التي خرجت للعموم مع اللجنة البرلمانية سنة 2018 التي اتضح أن المواطن المغربي يؤدي مبلغ درهمين زيادة على الثمن العادي، وهذا ليس بربح بل ريع، ولحدود اليوم 26 ماي 2020، والواقع هذا الوضع لازال قائما ليومنا هدا حيث الانخفاض الكبير للأسعار على الصعيد الدولي لم ينعكس بالنسبة المطلوبة على مستوى الأسعار بالداخل. لو كانت المناسفة وحرية الأسعار فعلا مطبقة، لاكتفينا اليوم بتأدية ما يناهز  5 دراهم للتر الواحد فقط في حين نؤدي اليوم 7 دراهم أو 7 ونصف، وهدا يعني أننا لازلنا نؤدي ما يقرب درهمين إضافيين عن الثمن العادي، الشيء الدي يوضح  أن السياسيات غير عادلة وغير معقولة .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أتمنى لو السيد أقصبي يقرأ هذا الرد البسيط و يكون منطقيا مع نفسه لأنه أستاذ جامعي والمنطق يجب أن يسود في جميع أقواله و أعماله…- 1- إلى من يتجه خطابه , أي أية طبقة من المجتمع المغربي -2-الانتخابات الأ خيرة أظهرت أن أكثر من 60 في المائة من المغاربة لا يهتمون بالمجال السياسي….بما فيهوم ” المثقفون أو الذين يعتبرون أنفسهم مثقفين “. . -3- أليس من المعقول أن يطرح نظريته في كل المجالات بنمودج مبياني واضح : سياسي , إقتصادي…إلخ.-4-البدأ من الان ” تشر أفكاره بين الطبقة التي يسعى إلى جلبها لتأيده “…]جب أن يرى المواطن الفرق بين ” مثقف ” و الحاج سي….. …عند ما (مثلا ) نتكلم عن الفوارق الطيقية…الهشاشة…الفقر….الريع…..إلخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى