مسودة قانون 22.20 تحدث “إنفصاما” في حكومة يرأسها طبيب نفساني

ع اللطيف بركة : هبة بريس

إذا أرادت الحكومة الحالية أو الحكومات القادمة من بداية جادة لتصميم وهندسة علاقة حقيقية بين المواطن والدولة، فإن الموضوع لا ينبغي أن يكون ببرامج ومشاريع تستفزه حينما يعلم أنها صيغة بطرق غير شفافة بعيدة عن منهج التشاركية ،مهما تكون نابعة من نواتج قضية مهمة جدا، بل أن ما وقع في قضية مسودة قانون 22.20 بين حكومة يرأسها طبيب نفسي يحتاج الى إعادة بناء سيكولوجي نفسي للمسؤول الحكومي او المسير لدواليب الادارة، نحو الشعب وطموحاته وانتظاراته، بالرغم من أن هذا البناء امتلأت نوازعه بتشوهات كثيرة انتجتها السلوكيات حكومية سابقة لم تراع أهمية الترسبات النفسية والارث النفسي للمواطنين، و الجميع يخشى أن تراكم هذه النزوعية وعدم البدء الجاد بالاهتمام بها،أن تعرقل التطور والتنمية التي يسعى لها المغاربة .

مسودة قانون 22.20 وطريقة صياغتها بين أحزاب الاغلبية، وبعدها تسريبها للرأي العام، وعدم نشرها بالطرق التي يكفلها دستور المملكة للرأي العام وإشراك القوى الحية في مناقشتها وتحيينها قبل المصادقة عليها لتكون قانونا مجبرا للجميع متوافق بشأنه لأنه يهم حرية التعبير عبر الوسائط. بل المثير ما اعقب التسريب من تراجع بعض الوزراء عن مواقفهم، فعلا الوضع يحتاج منهجية جديدة للتحليل النفسي السياسي من أجل تفسير سلوك المسؤول الحكومي واتجاهاته في التعامل مع مطالب المواطنين على كافة المستويات.

– مشروع قانون 22.20 و ” إنفصام ” في مواقف الاحزاب المشكلة لحكومة العثماني

أثارت مقتطفات تتداول على منصات التواصل الاجتماعي على كونها مواداً من مشروع القانون 20.22، نقاشا واسعا بين رواد الشبكات الاجتماعية والأوساط الحقوقية، التي رفضت المعطيات التي تضمنتها المقتضيات المسربة واعتبارها تشكل “تهديدا خطيرا” على حريات الرأي والتعبير والنّشر.

وتكشف المواد المتداولة على أساس أنها مقتضيات مشروع القانون، التنصيص على عقوبات غرامة وسجن ثقيلة، اعتبرها مستعملو مواقع التواصل الاجتماعي تقيّد حرية التعبير على المنصات الرقمية، خصوصا العقوبات المقررة للتهم التي تتعلق بمقاطعة المنتجات والبضائع، أو المشككين في جودة وسلامة بعض المنتجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا أو خطرا على الصحة العامة والأمن البيئي، والمحرضين أو من يحملون العموم على سحب الأموال من مؤسسات الإئتمان.

وأمام الرفض والاستنكار الواسع الذي قوبلت به مواد النسخة المسربة، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والمجتمع المدني، في توضيح له أصدره، بحر الاسبوع الجاري، إن البلاغ الصادر عن المجلس الحكومي، عقب الاجتماع، الذي تمت فيه مناقشة مشروع القانون 20.22، يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، والبث المفتوح، والشبكات المماثلة، بتاريخ 19 مارس 2020، ما يفيد أن المجلس صادق على المشروع، على أن تتم مراجعته في ضوء ملاحظات الوزراء من قبل لجنة تقنية، وبعدها لجنة وزارية.

وأوضح الرميد أن هذا يعني أن الصيغة النهائية للمشروع ستحال على البرلمان، ويمكن مناقشتها، وقبولها، أو رفضها، أما ما يتم تداوله، حاليا، من مضامين، فقد سبق الاعتراض عليه من قبل بعض أعضاء الحكومة، لذلك فإنها تبقى غير نهائية، وأي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه، حسب قوله.

من جهته، أكد وزير العدل محمد بن عبد القادر لوسائل اعلام مصادقة الحكومة على مشروع القانون مع تسجيلها، ملاحظات بشأنه ستتم دراستها من طرف لجنتين تقنية ووزارية، تم إحداثهما لهذا الغرض.

وبخصوص المقتطفات التي يتم تداولها على كونها مواداً من المشروع، أكد بنعبد القادر أن الوثيقة الرسمية للمشروع التي يجب مناقشتها، هي التي سيوقعها رئيس الحكومة ويحيلها على رئيس مجلس النواب، وهي التي لم تصدر إلى حدود اللحظة، كون مشروع القانون مازال أمام اللجنة الوزارية.

وحول عدم نشر الحكومة لمشروع القانون الذي تمت المصادقة عليه، قال بنعبد القادر إن هذه ليست المرة الأولى التي لا يتم فيها نشره، مشيرا أن عددا من مشاريع القوانين الأخرى تمت المصادقة عليها في المجلس الحكومي، وتأخر تاريخ إحالتها على البرلمان وبالتالي تأخر نشرها، موضحا أن المدّة تتباين، بالنظر للملاحظات المسجلة والنقاش المثار حوله خلال المجلس الحكومي، وبالتالي قد تتأخر العملية لشهر أو شهرين، معتبرا أن مشروع قانون 22.20 تمت المصادقة عليه في 19 مارس وما زلنا في مدة نقاش معقولة بحسب قوله.

– المعارضة تصطف الى جانب الرأي العام

إستغلت أحزاب المعارضة، موجة الغضب على الاغلبية المشكلة لحكومة العثماني، من أجل الاصطفاف الى جانب الرأي العام المغربي الرافض لمسودة قانون 22.20، وهو سلوك بدوره يحتاج الى دراسة سيكولوجية عميقة.

حزب الاستقلال من ضمن أول الاحزاب بالمعارضة الذي خرج بموقف رافض لمشروع القانون، مبرزا في بلاغ للجنته التنفيذية، استنكار الحزب ما وصفه بـ”حالة التعتيم” التي مارستها الحكومة على هذا المشروع، معتبرة إيّاها “خرقا سافرا” للحق في المعلومة كإحدى الحقوق الأساسية الذي يقرها دستور المملكة خصوصا في مادته 27 ، كما عبر الحزب “عن استيائه من الارتباك الحكومي الواضح في تعاطي مكوناتها مع هذا المشروع”.

ودعت اللجنة التنفيذية لحزب “الميزان”، الحكومة إلى عدم هدر منسوب الثقة في بلادنا وفي مؤسساتها المختلفة، وإعادة ترتيب أولوياتها بما يدعم الوحدة الوطنية ويزيد من تقوية الجبهة الداخلية، وتأجيل خلافاتها وصراعاتها الداخلية، وعدم إثارة القضايا والمشاريع التي من شأنها إحداث شرخ وانقسام داخل المجتمع خصوصا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا.

من جهته، أصدر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، بيانا شدد فيه عن “رفضه المس بالمكتسبات الحقوقية والحريات والتوقيت الذي تم فيه طرح هذا المشروع والذي من شأنه المس والتشويش على الوحدة والتعبئة الوطنيتين في ظل الظروف الاستثنائية التي تجتازها بلادنا وهي تواجه جائحة فيروس كورونا.

بدوره، رفض الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، التوقيت الذي اختير من لدن “أوساط حكومية” على حد تعبيره، لتسريب مواد من مشروع قانون رقم 22.20 المنظم لشبكات التواصل الاجتماع، “كون الظرفية التي تمر منها البلاد بسبب تفشي جائحة كـورونـا، تتطلب تماسكا اجتماعيا ووحدة وطنية”.

وقال بنعبد الله في مقطع فيديو على الصفحة الرسمية لحزب التقدم والاشتراكية: “إذا كانت للحكومة مشاكل على مستوى تماسك مكوناتها، فعليها أن تعالج الأمر في وقت آخر وليس في هذه الظرفية التي تتطلب تعبئة وطنية لمواجهة جائحة كورونا”، مشيرا أن الأمر “غير مقبول في هذه الظروف الاستثنائية والتي تتطلب تماسكا اجتماعيا ووحدة وطنية”، رافضا أن تتم ما وصفه بـ”عملية تصفية الحسابات” بهذه الطريقة، وأن تُشعَل النار في مواقع التواصل الاجتماعي، مشددا على أن ظرفية وسياق التسريب “غير مسؤولة تماما”.

أن ما يقع الآن بين الشعب والحكومة يحتاج إعادة وضع تصميم وهندسة للعلاقة بين المواطن والدولة أن تكون قابلة للحياة أن تبدأ من هذه المقاربة لأثرها العميق في تمهيد الطريق لانشاء علاقة متينة ودائمة. حتى لا نقع في فخ التنافر المعرفي، أو الصراع بين النزوعية والموقفية، ( فرض قانون تمديد سن التقاعد …قانون رفع الدعم على المواد الاساسية …قانون الاضراب وغيرها من القوانين التي رفضها الشعب وتم تمريرها، وهذا الوضع يحتاج إلى تحديد البنية النفسية، والبدء ببرامج حكومية معقولة وواضحة تنقية هذه النفسية من الشوائب التي تراكمت عبر السنين، وهذا يعني إعاد تصميم النهج الحكومي من حيث أبنيته وعملياته وحتى قيمه وثقافته، حتى تكون عمليات التحول صادقة وحقيقية يقبلها الناس ويبدأ بالتدريج القبول بما تفعله أو ما تقوم به الحكومات، وبدون ذلك ستكون البرامج والخطط والسياسات الحكومية تعاني من محاولات الرفض وعدم القبول والتشكيك وغيرها من المظاهر غير الصحية التي أصبحت تتصاعد في حياتنا السياسية، وهذا سيساعد نظامنا السياسي بالضرورة. ويمكن تطبيق التحليل السابق على مجمل عمليات النظام السياسي وعمليات وأبنيته المختلفة وخصوصا البرلمان أيضاً.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. هل العثماني معالج نفساني ام مصدر للامراض النفسية والذهنية وحتى العضوية؟؟انه اخواني انتهازي ووصولي ينهب اموال الفقراء وهو ((يفرنس)) حتى لا اقول يبتسم..انه كسابقه الكذاب اللص المتحايل الوضيع الحقير الوقح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى