مسودة مشروع قانون 22.20…لغم اللوبيات في ”عتمة الوباء“
هبة بريس ـ رضى لـ
نعلم جيداً في مغربنا الحبيب ومنذ زمن طويل أنه بيننا مسؤولين ينهبون خيرات هذا الوطن، ويستغلون مناصبهم السامية منها والدانية، لتحقيق الاغتناء الغير مشروع بطرق مشروعة دون أن تتحرك في حقهم دعاوى قضائية بناء على تقارير جطو، أو تقارير العدوي، لكنه لم نكن نعلم يوماً ما أن هؤلاء سيستغلون معظلة إنسانية يشهدها العالم أجمع والمغرب خصوصا، من أجل تمرير مشروع قانون ملغوم يجهض على مكتسبات حقوقية مهمة ويعيد بنا إلى زمن البصري وأمثاله بذريعة مُحاربة الأخبار الزائفة.
مناسبة هذا الاستهلال هو مشروع قانون 22.20، الذي قدمه الاتحادي وزير العدل والحريات، محمد بنعبد القادر، والذي تم تسميته ب ”المسودة“ بعدما فُضحت نوايا جميع المتواطئين في تمرير بعض بنوده الديكتوارتية والقمعية، لاسيما تلك المتعلقة بالجرائم الماسة بالأمن وبالنظام العام الاقتصادي، والتي تم تسريبها ليلة يوم أمس الاثنين 27 أبريل، من طرف رجل خير أراد لهذا الشعب الحفاظ على حرية رأيه وتعبيره على مواقع التواصل الاجتماعي وفضح اللوبيات الاقتصادية بالمغرب، التي كانت تهدف للزج بنا في غياهب السجن ما لم نقتني موادها الفاسدة ونلزم الصمت دون إبداء للرأي أو التعليق بكلمة واحدة.
ومن بين المواد التي خلقت جدلا واسعا، تلك المتعلقة بالجرائم الماسة بالأمن وبالنظام العام الاقتصادي، وبالضبط المادة الـ13 والمادة 14 والمادة 15، حيث تنص الأولى على أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 5000 إلى 50 ألف درهماً أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بنشر محتوى إلكتروني يتضمن كيفية تصنيع معدات التدمير المعدة من مساحيق أو مواد متفجرة أو مواد نووية أو بيولوجية أو كيميائية، أو من أي منتج آخر مخصص للاستخدام المنزلي أو الصناعي أو الفلاحي”.
بينما تنص المادة 14 من مشروع مرسوم القانون، على أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهماً أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بنشر محتوى إلكتروني بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض على ذلك”.
في حين نصت المادة 15، فتنص على أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهماً أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بنشر محتوى إلكتروني يحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الإئتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها”.
هذا وبعد تمعن وتمحيص للعقوبات الواردة في المواد أعلاه بالمقارنة مع طبيعة الجرم، يتضح جيداً نهج هذه الشركات الاقتصادية لسياسة القمع والاضطهاد في حق المغاربة بتواطئ مع جهات داخل الحكومة، وبل والأكثر من ذلك محاولة الانتقام بعد الحملة الشهيرة التي انطلقت شرارتها على مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلة في ذلك الظرفية الوبائية الحالية (كوفيد 19 ) في غفلة من أعين رجال صاحبة الجلالة (الصحافة) وانشغالها بأخبار الظرفية الوبائية، غير أن قوله تعالى { وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} خير جواب على المتواطئين في سن هذه المواد القمعية الادستورية والاقانونية بالمطلق.