مَرْضَى أَمْ أَسْرَى ؟ حِينَ يُصْبِحُ الخَوْفُ مِنْ المُسْتَشْفَى أَكْبَر مِنْ الخَوْف مِنْ ” كُورُونَا “
محمد الشمسي
لا يمكن لمن ثبت مرضه بكورونا أو حتى من يشتبه بحمله للفيروس في انتظار حسم المختبر أن تكون له الطاقة والرغبة في فبركة فيديو ، الطبيعة الإنسانية والفطرة البشرية هي التي تؤكد هذا، مثلما لا يمكن ان نتصور أحدا وصله خبر وفاة احد والديه أو أبنائه فطار مبتهجا…
ومن ثمة فالفيديوات التي يلتقطها مرضى كورونا لعدد من المستشفيات هي لا تصدمنا لأننا أهل الدار ونعرف جيدا دهاليز صحتنا …لكن المشكل يتفاقم ويخرج عن السيطرة حين يصبح المريض خائفا من المستشفى أكثر من خوفه من الفيروس، خائفا من ما يشبه اعتقاله بدون شبهة باستثناء مرض تسلط عليه من خارج حدود الدولة، مرتعشا من أن يرمى في حجرة لا تختلف عن جحر ويرمى له بكيس بلاستيكي ليتغوط فيه وكأنه مهاجر سري في جوف شاحنة، ثم منعه من الماء ومنعه من الحياة وكأنهم يتوقون لموته ليهنؤوا من مرضه.
وعندما نعلم ان عدو كورونا الاول هي مناعة جسم الانسان، ونعلم معها ان الخوف يشل تلك المناعة، نستخلص أن ما يعيشه المرضى من سوء معاملة وتفريط وترهيب في عدد من المستشفيات هو شبيه بتقديم القرابين لآلهة القدامى ، لنخشى بعد توالي خروج تلك المشاهد الصادمة ان يختار من تساورهم أعراض المرض البقاء في بيوتهم واللجوء إلى دواء ” العطارة” وانتظار حكم الله فيهم ، على أن يقصدوا مستشفيات قد تأسرهم وتسلبهم مناعتهم ثم تسلمهم للفيروس ليلتهم أجسادهم هنيئا ومريئا .
وقد عرضت نشرة اخبار القناة الأولى ربورطاجاً خاصاً بمستشفى سطات ليلة الأحد 29 مارس، جاء مباشرة بعد فيديو المواطنة التي كانت تستغيث في أروقته ولا من يجيبها ، جاء تقرير القناة الأولى ليستعرض أسرة وفضاء نقياً، ربما يحتفظون به لهذه المناسبة وكأنه استوديو التصوير ، ويستجوب مندوب الوزارة شخصيا وعدد من الأطباء ليغني الجميع ليلتها لازمة أغنية ” العام زين” التي غنتها جموع الشيخات في زمن ادريس البصري، وليمسح الجميع ” السما بليكا” (وضع ثلاث فقط فوق حرف الكاف)، وكأنهم يقولون لنا ” عا لكدوب …عالكدوب”، لكن هم يدركون أننا” عايقين بقوالبهم”، ونعرف أنهم بارعون في استئصال الأورام الحميدة من جسم الحقيقة وإنتاج بلاغات أنابيب يتعين فهمها بعكس مضمونها …
نكتب هذا بحرقة على بلدنا ووطننا ، وبصدمة في وزارة صحتنا التي وصل عدد إصابات كورونا فيها إلى فقط 516 حالة ، وإذا بها تفقد السيطرة على مقود التدبير ، وتزيدها باختفاء وزير صحتها ورئيس حكومته ، لنختم أنه حان الوقت لتدخل حاسم يعيد للمستشفى دوره كمكان يجد فيه المريض علاجا ورعاية وليس المكان ما قبل القبر.