سيدي قاسم.. ” النيابة العامة ” تدقق في أسباب حوادث السير و تبسط الحلول

هبة بريس- عبدالحي بلكاوي

شهدت المحكمة الابتدائية بمدينة سيدي قاسم زوال اليوم، عروضا مفصلة و نقاشا مطولا حول أسباب حوادث السير و السبل الكفيلة للتقليص من هاته الظاهرة، التي باتت تفتك بآلاف الأرواح، حيث لامست “المائدة المستديرة” التي نظمت بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية، مجموعة من الجوانب المرتبطة بموضوع السلامة الطرقية.

“إدريس المداوي” رئيس المحكمة الابتدائية بمدينة سيدي قاسم وفي كلمة له بالمناسبة، توقف عند الكثير من أسباب التي تسهم في حوادث السير، و هي الأسباب التي عزاها إلى “العامل البشري” الذي اعتبره واحدا من أهم العوامل الذي يساهم في الإكثار من حوادث السير، خاصة مع تهور العديد من السائقين الذين يستعملون السيارت بلامبالاة مفرطة على حد تعبيره، مقترحا ضرورة التشدد في منح رخص السياقة.

و بالإضافة إلى العامل البشري، عزا “المداوي” أسباب حوادث السير أيضا إلى “العامل التقني” ذلك أن العديد من السيارات أصبحت بمثابة القنابل الموقوتة المنتشرة على الطرقات، حيث تكون لها أسباب مباشرة في حوادث السير بالإضافة إلى ما ينتج عنها من إصابات خطيرة جدا، يقول ” المداوي” الذي دعا إلى ضرورة التكثيف من الحملات التحسيسية في المدارس و الجامعات و الأماكن العمومية وغيرها.

من جهته اعتبر ” سهيل شكري ” وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم، أن ” الاقتصار على المقاربة الزجرية وحدها للحد من حوادث السير و ردع المخالفين يبقى إجراء قاصرا وغير مُجدٍ، خاصة و أن مخالفات حوادث السير تبقى في تكييفها جنايات غير عمدية” جاء ذلك أثناء كلمة له اليوم الاثنين خلال أشغال المائدة المستديرة حول “السلامة الطرقية” الذي نظمته النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بسيدي قاسم، تخليدا لليوم الوطني  للسلامة الطرقية.

و أوضح “شكري” في ذات الكلمة، أن النيابة العامة ” ما فتئت تنخرط في عملية التصدي لهاته الظاهرة المقلقة، باتخاذ قرارات و مواقف صارمة في العديد من الحوادث التي عرفت رعونة السائقين، و خرق فادح لقانون السير، حيث تصدر في حقهم عقوبات تصل إلى حد السجن، إلا أن مراعاة الكثير من الظروف الاجتماعية، تجعلنا نؤكد على أن المقاربة الزجرية وحدها ليست حلا كافيا لما لها من انعكاسات صعبة على أسرة المتسبب في حوادث السير و وضعيته المهنية” مشيرا إلى أن الحل هو بناء ” ثقافة احترام قانون السير في أفق التقليص من حوادث السير إلى مستوى يمكن أن نصفه تجاوزا بالمقبول” دون أن يغفل التنبيه إلى إعادة النظر في طريقة الحصول على رخص السياقة، التي قال إنه ينبغي أن تتعدى مدة التكوين فيها ستة أشهر.

ذات المتحدث أوضح أن عملية بناء ثقافة احترام قانون السير لا تكون إلا عن طريق “التكثيف التوعوي و التحسيسي المستمر بموضوع السلامة  الطرقية سواء بمناسبة أو بدونها، و خاصة في مجال قطاع التعليم الذي وصفه بالورش التوعوي الأول الذي يلزم الاهتمام به، لما له من إسهام في ترسيخ قيم التربية على المواطنة و السلامة الطرقية” داعيا إلى “ضرورة الاستثمار في خلق مواطن يعرف ماله وما عليه، الأمر الذي سيمكننا من تخطي أكثر من نصف القضايا المعروضة على المحاكم” يقول شكري.

وفي ذات السياق نبَّهَ ” ياسين حميداني” نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسيدي قاسم، في كلمة له بذات المناسبة، إلى عدد من الملاحظات على مجموعة من الصيغ القانونية الواردة في مدونة الأسرة، وخاصة المقتضيات الزجرية المضمنة بالمدونة، و أبرزها “ما كانت تثيره مقتضيات المادة 316 بخصوص النص الواجب التطبيق، قبل أن يعمل المشرع على تعديلها ونسخ جميع المقتضيات السابقة،  بالإضافة إلى المادة 174 وما طرحته من إشكالية حول الجهة المخول لها إحالة رخصة السياقة على الإدارة، داعيا إلى ضرورة التنصيص صراحة على الجهة التي تعيد رخصة السياقة، زد على ذلك العقوبة غير الرادعة التي تضمتنها المادة 181 بخصوص جنحة عدم الامتثال وما يشكله الفعل نفسه من مساس لهيبة السلطات القائمة على المراقبة، مقترحا رفع العقوبة بخصوص قضية عدم الامتثال لما يشكله الفعل من احتمال التستر على محمولات غير شرعية، أو أن يكون السائق في حالة سكر، أو أنه يحمل أشخاصا مبحوثا عنهم، مشددا على ضرورة الرفع من الغرامة مع التنصيص على العقوبة الحبسية.

و بالإضافة إلى ملاحظاته القانونية، أشار “حميداني” إلى جملة من الملاحظات الواقعية أبرزها الإشكالات التي تثيرها قضية الخبرة الطبية المضادة المنصوص عليها في المادة 171 من مدونة السير، حيث أشار إلى أن هاته المادة تبقى فضفاضة، بحيث لم تحدد الجهة التي ستجري الخبرة المضادة، خاصة و أنه في كثير من الأحيان تكون المصالح الصحية الرسمية هي من تمنح الشواهد الطبية، مقترحا في هذا السياق تخصيص أخصائيين لدى المحاكم، يرجع لهم عند الحاجة لإجراء خبرة مضادة، معرجا في حديثه أيضا عن  إشكالية الإثبات في حوادث السير،  واستعمال الآليات التقنية في إثبات بعض المخالفات.

من جهته نبه  “الكاتب العام للعمالة سيدي قاسم” في كلمه له بالمناسبة إلى  التكاثر المقلق لحوادث السير، الأمر الذي يستدعي وفق تعبيره مزيدا من اليقظة و التعبئة، مشيرا بهذا الخصوص إلى أنه و “تفعيلا  للبرنامج الإقليمي التوعوي، قامت مصالح عمالة سيدي قاسم، بالتنسيق مع مختلف المتدخلين تنظيم عدة أنشطة في شقها التحسيسي و الميداني، حيث أجريت لقاءات مباشرة مع سائقي سيارات الأجرة ونقل البضائع، الذين جرى تحسيسهم بمسؤولياتهم المشتركة و دورهم في الحد من حوادث السير، بالإضافة إلى انخراط أئمة المساجد في خطب الجمعة الذين قامو بالتحسيس بهاته الآفة، بالإضافة إلى توزيع مطبوعات و منشورات تتضمن نصائح و إرشادات وقائية شملت مؤسسات تعليمية، و كذا مستعملي العربات المجرورة، و كذلك أرباب و سائقي الحافلات داخل المحطة الطرقية، فيما عرف الشق الميداني تكثيف المراقبة حول ارتداء الخوذات الواقية، و علامات التشوير الطرقي، مؤكدا على ضرورة بذل  المزيد من التوعية بدل الاكتفاء بالمقاربة الزجرية، وفق تعبير الكاتب العام لعمالة سيدي قاسم.

هذا و تجدر الإشارة إلى أن المائدة المستديرة التي نظمتها النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمدينة سيدي قاسم، عرفت إلقاء عروض مفصلة حول موضوع السلامة الطرقية، وهي العروض التي ألقاها، الأستاذ “فؤاد حنين” رئيس حوادث السير بالمحكمة الاستئنافية، و الأستاذ “مصطفى الكامح” الخبير القضائي في السلامة الطرقية،  و عرضا لممثل عن هيئة المحامين بالقنيطرة، و عرض لممثل عن منتدى المحامين، بالإضافة إلى إلقاء عروض مفصلة من طرف العديد من مسؤولي المصالح الخارجية، بينهم المندوب الإقليمي للتجهيز، و المندوب الإقليمي للصحة بالنيابة، وممثل المدير الإقليمي للتعليم، و عميد شرطة ممتاز رئيس مصلحة حوادث السير و العميد المركزي بالمنطقة الإقليمية للأمن بسيدي قاسم، و ممثل الوقاية المدنية، و المسؤول الإقليمي لسرية الدرك الملكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى