نساء الفجر… بين البحث عن لقمة الحلال وواقع المعاناة والاستغلال ( فيديو )

منذ ساعات الفجر الأولى تتوافد نساء ملثمات ملفوفات في ألبسة رثة من كل الأحياء الهامشية بحاضرة هوارة (مدينة أولاد تايمة) التابعة لإقليم تارودانت، صوب تجمع يدعى “الموقف”، هن عاملات زراعيات ارتضين مجابهة خشونة العمل الفلاحي وصعوبته لكسب لقمة الحلال، ومواجهة إكراهات العمل وواقع استغلال أربابه باليقين والكفاح والصبر، عن إرادة قوية أحيانا وعن إجبار أحايين عديدة لغياب البديل(الله غالب).

الساعة تشير إلى الثالثة صباحا، الموعد اليومي  لتوافد العشرات من النسوة إلى “موقف” العاملات الفلاحيات بشارع الحسن الثاني بحي الرطيم أولاد تايمة، شاحنات صغيرة صُفت على الرصيف، لا تميز بين الواحدة منهن والأخرى، فجميعهن ملثمات لا تظهر من ملامحن سوى نظرات تتسلل من خلف حجاب.

وفي لقاء ميداني لهن بموقع هبة بريس، كشفت العاملات الزراعيات النقاب عن واقعهن المهني والاجتماعي المرير والمتأزم، حيث كشفت اغلب المتحدثات انهن كن مجبرات على خوض صعاب هذا العمل الشاق لمواجهة إكراهات ظروفهن الاجتماعية القاسية، فأغلب “الموقفيات” هن أساسا أرامل آو أمهات عازبات أو نساء لا عائل لهن إنضافت لهن فئة أخرى في الآونة الأخيرة هن نساء متزوجات برجال يعيشون حالة بطالة، فرض عليهن العمل لضمان لقمة العيش لهن ولعائلاتهن.

حياة الموقف روتينية، حيث تقف العشرات من النسوة في “الموقف”، من الثالثة صباحا إلى وقت شروق الشمس، الوقت الذي تبدأ فيه عملية اختيار العاملات، من طرف امرأة يطلق عليها اسم “الكابرانة”، تشتغل “الكابرانة” لحساب صاحب الضيعة الفلاحية، مهمتها اختيار النساء من الموقف، ومرافقتهن إلى الضيعة، ومراقبتهن وسط أحواض الجني، حيث تعمل النساء الزراعيات مقابل ما يعادل 70 درهما تقريبا في اليوم، وفي حالة ما إذا لاحظت الـ’كبرانة’ “تهاون” إحداهن، تخصم من أجرها 10 إلى 20 درهما، مقابل ساعات عمل تمتد من الثامنة صباحا، ولا تنتهي إلا عند الرابعة آو الخامسة بعد الزوال، بدون تأمين صحي ولا معاش ولا أبسط الحقوق الإنسانية والحماية الاجتماعية والقانونية، وفي خضم معاملة “حاطة من الكرامة” كما وصفتها إحدى المتدخلات التي أسرت لنا أن هذه الوضعية تأقلمت معها النساء أكثر من الرجال الذين “لا يطيقون ذلك التعامل”، وفي أغلب الأحيان يدخلون في صراعات مع المسؤولين داخل الضيعة، لذا أصبح أرباب العمل يفضلون النساء ولا يشغلون غيرهن.

مشاكل بالجملة كشفت عليها العاملات الزراعيات أمام كاميرا هبة بريس، بما فيها تعرضهن للاعتداء والكريساج والسرقة في طريقهن من أو إلى “الموقف”، وظروف نقلهن الخطيرة نحو الضيعات الفلاحية، وظروف رعاية أبنائهن أثناء عملهن، انتقاء العاملات صغيرات السن وإهمال الكبيرات، وانعدام الدعم والمساعدة العمومية …، فيما طابوهات أخرى بقيت حبيسة الكتمان والسرية لما لها من طابع أخلاقي وقيمي على المجال، كان أهمها تعدد حالات التحرش والتغرير الجنسي بالعاملات من طرف مسؤولي وأصحاب الضيعات الفلاحية، وانتشار المخدرات والمسكرات في صفوف مجموعة من العاملات، واللائي يضطررن خارج مواسم العمل الفلاحي إلى مد اليد أو بيع الجسد لكسب دريهمات لإعالة النفس والأخر.

وضعية تحث المصالح الحكومية المعنية وفي مقدمتها وزارتي الفلاحة والتشغيل ولجان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، للانكباب على توفير مقومات العمل الكريم، واستحضار البعد الإنساني لهذه الشريحة الجريحة وضرورة الاهتمام بأحوالها المزرية وفك العزلة عن ظروفها الصعبة، في أفق انتشالها من غياهب التهميش ودوامة الضياع، كما تدعو جمعيات المجتمع المدني بمدينة أولاد تايمة ومنطقة هوارة عموما والمنظمات النسائية والحقوقية المحلية والوطنية، إلى النضال من أجل تعزيز الترسانة القانونية لدعم قضايا العاملات الزراعيات والدفاع عن كرامتهن، حماية حقوقهن والتصدي لما يمارس عليهن من قهر واعتداءات متكررة واستغلال متعدد.

فهل تجد أهات تلكم المكلومات صداها لدى مسؤولينا الأشاوس، أم أن دار لقمان ستبقى على حالها إلى اجل لا يعلمه إلا الرحمن الرحيم؟

https://www.youtube.com/watch?v=-AoF_Cdfs08&t=824s

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قل لهن لقد مات عمر ومات معه العدل
    عمر الدي اعطى للحيوان حقه قبل الانسان
    ختام القول …عند ربكم تختصمون… صدق الله العطيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى